المنهاج الإسرائيلي.. تحريف للتاريخ واحتلال لوعي
الفلسطينيين
السبت، 28 آذار، 2015
تسعى ما تسمى وزارة المعارف الإسرائيلية وبلدية
الاحتلال في القدس المحتلة إلى فرض تدريس المنهاج الإسرائيلي على الطلبة في كافة مدارس
القدس وضواحيها بشكل إجباري، في خطوة خبيثة تستهدف غسل عقول وأدمغة الفلسطينيين، واحتلال
وعيهم وفكرهم.
ويحتوي المنهاج الإسرائيلي على مواد تعليمية فيها
تزوير للحقائق وتحريف للتاريخ الفلسطيني، وللمعالم الحضارية والإسلامية، مثل استبدال
المسجد الأقصى بـ"جبل الهيكل"، وفلسطين بـ"إسرائيل"، بالإضافة
لإلغاء العلم الفلسطيني، والتركيز على أن القدس عاصمة "لإسرائيل"، وغيرها.
وكانت إدارة المعارف في بلدية الاحتلال وزعت مؤخرًا
إعلانات على عدة مدارس في شعفاط وبيت حنينا تدعو من خلالها الأهالي إلى تسجيل أبنائهم
بالمدرسة المختلطة في بيت حنينا، والتي تدرس المنهاج الإسرائيلي.
خطوة خطيرة
وبدأت "إسرائيل" هجمتها على المناهج
الفلسطينية عام 2011، عندما حرفت بلدية الاحتلال كتب المنهاج في المدارس التابعة لها،
وكانت هذه المرحلة الأولى لإنهاء الهوية والانتماء الفلسطيني، وسلخ المقدسي عن جسمه
بطريقة مباشرة. كما يقول رئيس اتحاد لجان أولياء الأمور في مدارس القدس عبد الكريم
لافي لوكالة "صفا"
وأدخلت في عام 2013 المنهاج الإسرائيلي في بعض
الصفوف داخل خمس مدارس بالمدينة، ولكن الاتحاد حارب هذه الفكرة بطرق ووسائل مختلفة.
ويوضح لافي أن بلدية الاحتلال واصلت استهدافها
لقطاع التعليم بالمدينة، وعملت على تفريغ الطابق الأرضي من مدرسة ابن خلدون في بيت
حنينا، وتم تسميتها مدرسة بيت حنينا الإعدادية "البجروت"، وبناءً عليه شرع
الأهالي بتسجيل أبنائهم فيه، ولكن عند توضيح أن هذا المنهاج إسرائيلي، قام عدد منهم
بسحب أبنائهم منها.
ويضيف "نحن من جهتنا حذرنا أولياء الأمور
من الإجرار وراء المنهاج الإسرائيلي، نظرًا لأن إسرائيل لا تكتفي باحتلال الحجر والشجر،
بل تريد احتلال الوعي والفكر الفلسطيني لسلخ المجتمع عن الجسم الفلسطيني، وهذا أمر
خطير للغاية".
وينشط أعضاء الاتحاد في كافة المناطق من أجل توعية
الأهالي بمدى مخاطر هذا المنهاج على عقول الطلبة، ودحض سياسة الاحتلال في فرضه على
المقدسيين.
ويتابع لافي "طالبنا العديد من المؤسسات
الفلسطينية، وخاصة وزارتي التربية والتعليم والأوقاف والشؤون الدينية ووكيل وزارة الإعلام
من أجل أن يأخذ كل جسم دوره ومسؤوليته إزاء تثقيف الأهالي والطلاب، وتوعيتهم حيال مخاطر
هذا المنهاج".
ويشير إلى أن هذا المنهاج ليس أكاديمي من ناحية
تعليمية، إنما هو منهاج سياسي بحت، فيه تحريف للتاريخ والأماكن والمعالم الإسلامية
الفلسطينية، مؤكدًا أن القدس هي جوهر الصراع مع الاحتلال.
قضية سياسية
الخبير في شؤون التعليم بالقدس حاتم خويص يقول
لوكالة "صفا" إن "إسرائيل" عملت على تنقيح المنهاج الفلسطيني،
بحجة ضعفه وضعف المستوى التعليمي في مدارس القدس، لذا كان لابد من إعطاء بديل عن هذا
المنهاج، ألا وهو تدريس المنهاج الإسرائيلي.
وتخضع نحو 95% من مدارس شرقي القدس لوزارة التربية
والتعليم وبلدية الاحتلال التي تعمل على إدخال المنهاج الإسرائيلي في كافة المدارس،
وهذا ما يثير تخوفات لدى أهالي الطلبة.
وبرأي خويص، فإن الاحتلال يسعى إلى تشجيع بناء
مدارس بالمدينة تُدرس هذا المنهاج، في مقابل عدم وجود أي تحرك سياسي فلسطيني يجابه
تلك السياسة الإسرائيلية، مؤكدًا أنه لا يوجد لدى بلدية الاحتلال أي مبرر لفرض هذا
المنهاج على الطلبة المقدسيين، فهذه تعتبر قضية سياسية بامتياز".
وينتقد خويص دور السلطة الفلسطينية، وخاصة وزارة
التربية والتعليم إزاء فرض هذا المنهاج بمدارس القدس، وعدم إيجاد الحلول المناسبة لمواجهة
هذه السياسة الاحتلالية، محملًا إياهم المسؤولية عن ذلك.
ويضيف "نحن كأجسام تعليمية نعمل على توعية
الأهالي حيال تدريس المنهاج الإسرائيلي، ومدى تأثيره على وعي وتفكير الطلبة، وعلى الهوية
والتاريخ الفلسطيني، وذلك من خلال إصدار دراسات وأبحاث بشأن ذلك، ولكن يتم محاربتنا
لمنع توصيل رسالتنا بطريقة مهنية وشريفة".
جهود لمواجهته
ويقول عضو اللجنة المركزية لأولياء أمور مدارس
بلدة الطور خضر أبو إسبيتان لوكالة "صفا" :"بعد توقيع اتفاقية أوسلو، فإن قطاع التعليم
بالقدس يخضع لصلاحيات السلطة، ولا يجوز "لإسرائيل" التدخل في شؤونه، ولكنها
لا تلتزم بأي اتفاقيات ولا مواثيق دولية".
وتمنع بلدية الاحتلال إدخال كتب المنهاج الفلسطيني
إلى مدارس القدس، إلا أن لجان أولياء الأمور يستلمونها من وزارة التربية والتعليم في
الضفة الغربية على مسؤولياتهم الخاصة، ويوزعونها على الطلبة خارج المدارس.
ويوضح أبو إسبيتان أن رئيس البلدية "نير
بركات" يريد فرض المنهاج الإسرائيلي على المدارس بصورة إجبارية، وخاصة المرحلة
الابتدائية، وقد خصص ميزانية لذلك، وأرسل كتبًا لمدراء المدارس العربية شرقي المدينة
لمنع تسلم أو تدريس أي كتب خارج كتب البلدية، ولكن الجهات المختصة والأهالي يرفضون
ذلك رفضًا قاطعًا.
وبهذا الشأن، يؤكد قائلًا "نسعى بشكل حثيث
لتكريس كافة جهودنا من أجل منع وصول تلك الكتب للطلبة، كونها مُحرفة، وخاصة كتب التاريخ
والجغرافيا، والآن يحاولون تغيير كتب التربية الدينية".
ويعتبر فرض المنهاج الإسرائيلي حلقة من مسلسل
حلقات تهويد المدينة، وتزوير للحقائق والحضارة العربية والإسلامية، وتحريف للتاريخ
الفلسطيني، وإلغاء كل شيء يشير للهوية الفلسطينية، وهو بمثابة غسل لأدمغة وعقول الفلسطينيين،
وخاصة المقدسيين.
وعن دور لجان أولياء الأمور في مواجهة سياسة الاحتلال،
يقول أبو سبيتان "بعثنا عدة كتب لإدارة المعارف الإسرائيلية عبر مسؤولين عن المدارس،
وتواصلنا مع وزارة التربية والتعليم بالضفة من أجل التدخل لمنع تدريس المنهاج الإسرائيلي
بالمدارس، ولكن لا ردود إيجابية حتى الآن".
ويؤكد أن الاتحاد بصدد عقد مؤتمر صحفي قريبًا
لطرح الموضوع، وتبيان خطورته ومدى تأثيره على الطلبة، ولإرسال رسالة للسلطة بشأن ذلك،
ولكن "في حال فرض المنهاج الإسرائيلي على الطلبة إجباريًا، فإن اللجان وأهالي
الطلبة سيتجهون نحو اتخاذ خطوات تصعيدية لمجابهة ذلك".
المصدر: وكالة صفا