النازحون الفلسطينيون في البقاع أمام خيارين أحلاهما مر
فرج أبو شقرا - البقاع
خاص - لاجئ نت
خوفاً من الواقع في سوريا هرب اللاجئون الفلسطينيون نحو المجهول الى لبنان، توزّع هؤلاء على المخيّمات الفلسطينية من شمال لبنان الى جنوبه ، قصدوا أقارب لهم أو أصدقاء .255 عائلة فلسطينية نزحت من سوريا الى مخيم الجليل في بعلبك و 180 عائلة الى البقاع الأوسط.، لم يكن هؤلاء الفلسطينيين على علم بواقع إخوانهم اللاجئين في لبنان، لكن قدرهم أن يجربوا أن يكونوا ولو مؤقتاً لاجئين فلسطينيين في لبنان، ومعايشتهم الأمر الذي شكل لهم صدمة لا توصف حيث لم يتسطيعوا أن يتعايشوا مع الواقع المزري الذي يحاصر مخيمات لبنان.
19/7/2012 التاريخ المشؤوم لدى النازحين الفلسطينيين من سوريا، إذ سجل هذا التاريخ اليوم الأول لتدفق النازحين الى مخيم الجليل، وكلهم أمل أن يلاقوا من يواسيهم ويمسح دمعتهم ويأويهم من مآسي الأحداث الدامية في سوريا. وككرة الثلج استمر تدفق النازحين وتزايد العدد بشكل متسارع حتى وصل الى ما يقارب ألف نسمة قصدوا مخيم الجليل في بعلبك.
ومن المعلوم أن مخيم الجليل يعاني ضائقة إقتصادية وواقعاً إجتماعياً صعباً، فالمخيم الذي لا تتعدى مساحته 42000م2 يقطنه أكثر من 7500نسمة حسب إحصاءات الأونروا، لا يجد معظمهم العمل لسد احتياجات الحياة ويعتمدوا على مساعدات من أقاربهم في الخارج، فتتعدى نسمة البطالة في المخيم 63% الأمر الذي يزيد من الضائقة الإقتصادية الذي يعانيها المخيم، علاوة على ذلك فإن منازل المخيم - الغير صحية حيث لا تدخلها الشمس بفعل تكدس البيوت على بعضها- تتكون من غرفتين أو ثلاث في أحسن أحوالها تضم 6 أفراد كمعدل وسطي. فبيوت المخيم تضيق على أهلها فكيف بها تتسع إلى ألف نسمة إضافية؟
تقصير غير مبرر
من واقع النازحين في المخيم، يتضح جلياً ضعف الإغاثة وقلة المعونة وانعدام الايواء، فلم يتم تأمين مساكن لهم، وجل ما تم تقديمه عدد قليل من كراتين التموين، وفرشات وأغطية. فعلى صعيد وكالة الأونروا التي تتحمل المسؤولية الأولى عن تقديم الإغاثة للنازحين بوصفهم لاجئين انتقلوا من منطقة الى اخرى ضمن مناطق عمل الأونروا الخمس، الأمر الذي يحتم عليها قانونياً وإنسانياً وأخلاقياً تقديم الإغاثة للنازحين والإستفادة من جميع الخدمات التي تقدمها الوكالة، إلا أن واقع الأمر يظهر عكس ذلك، إذ لم تقدم الأونروا أي جهد أو عمل يساهم في تخفيف معاناة النازحين وإغاثتهم.
أما الدولة اللبنانية، فإنها لم تلتفت إلى النازحين الفلسطينيين، فهي لم تقم بدورها الأخلاقي والإنساني، بل تصد الباب بوجههم وكأنهم وباء يتحاشوه. وجل ما قدمته الفصائل هو توزيع بعض المساعدات العينية التي تم تحصيلها من الصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر الإماراتي وبعض الجمعيات الأهلية والمدنية الفلسطينية واللبنانية والعربية.
الواقع الجغرافي يجبرهم على الهروب
إضافة إلى كل أشكال المعاناة التي يعيشها النازح الفلسطيني في مخيم الجليل، تضاف إليه تحدياً جديداً وهو الموقع الجغرافي لمنطقة البقاع، التي ترتفع عن سطح البحر 1000-1200م مما يجعل طقسها حار صيفاً وقارس البرد شتاءاً، والثلوج تتكدس على المنطقة أسابيعاً مما يشكل تحدياً كبيراً بوجه النازح. مما دفع بعضهم للهروب من البقاع إلى المناطق الساحلية، والبعض الآخر اضطر للمخاطرة بالعودة إلى سوريا لجلب ثياب الشتاء بسبب عدم استطاعتهم شراء ثياب جديدة. فالمطلوب اليوم من المنظمات الدولية والجمعيات الأهلية تأمين ثياب الشتاء للنازحين وتقديم مادة المازوت للتدفئة.
التعليم
لقد شكل قرار الأونروا تسجيل الطلاب النازحين في مدراسها بارقة أمل في وسط ظلام دامس، إلا أنه ما برح أن خفت بريقه حينما اتضح أن هؤلاء الطلاب لا يشاركون زملائهم اللاجئين مقاعد الدراسة بل خصصت لهم صفوف منعزلة لا يقدم لهم أي منهاج تربوي، بل أن الأونروا قد جهزت لهم برنامج دعم نفسي وإجتماعي يقوم على أساس الترفيه من خلال بعض الألعاب البسيطة مما دفع بالكثير منهم لعدم الذهاب الى المدرسة إذ لم يبق إلا 43 طالباً منتظماً ضمن البرنامج في مدراس الأونروا.
برنامج الدعم النفسي والإجتماعي للأطفال
مثل برنامج الدعم النفسي والإجتماعي الذي تقيمه كشافة الإسراء للأطفال النازحين، فرصة لخروجهم من الواقع المأساوي الذي يعيشوه في حياة النزوح، فالبرنامج حاول دمج الأطفال النازحين مع إخوانهم اللاجئين في المخيم، عبر إقامة عدد من الأنشطة الترفيهية الذي يتشارك فيه الأطفال، حيث تقيم لهم الإسراء رحلات ترفيهية إلى عدد من المنتزهات والأماكن السياحية والترفيهية في البقاع، وورش عمل للأشغال اليدوية والرسم، عدد من العروض المسرحية والألعاب الجماعية، بالإضافة الى تقديم بعض الهدايا كالألعاب وإقامة مأدبة غداء لهم.
خياران أحلاهما مر
بعد مرور 4 أشهر تقريباً على نزوح اللاجئين الفلسطينيين من سوريا الى البقاع، فإن واقعهم المزري يضعهم أمام خيارين لا ثالث لهما في ظل سياسة التقصير الغير مبرر من قبل جميع الجهات المسؤولة عنهم، فإما أن يبقوا في البقاع ليعيشوا مع أبناءهم بأمان لكن مسلوبي الكرامة، وإما أن يعودوا إلى سوريا ليعيشوا بكرامة مسلوبي الامن. الأمر الذي يضع الأونروا والدولة اللبنانية والفصائل الفلسطينية والجمعيات الأهلية والدولية أمام مسؤولية أخلاقية وإنسانية سيكتبها لهم التاريخ بأحرف من نور أو بأحرف من عار.