انقاذ البارد: إعادة إعمار وتحرّكات مقبلة
الجمعة، 01 نيسان، 2011
قاسم س. قاسم - الأخبار
أعلنت حركة حماس ولادة مكتب شؤون اللاجئين في حركة حماس، خلال مؤتمر عقدته بشأن الوضع في مخيم نهر البارد. المؤتمرون ذكّروا بثلاثية رئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة: خروج مؤقت، عودة مؤكدة وإعادة إعمار حتمي، لكنهم أضافوا إليها تحركات مقبلة إذا لم تستمع الدولة اللبنانية إلى مطالبهم
كان من المفترض أن يكون 31 آذار يوم تسليم سكان الرزمة الأولى من أبناء مخيم نهر البارد منازلهم التي أعيد إعمارها. لكن التاريخ المذكور لم يكن يوم الزحف إلى المخيم كما كان منتظراً. إذ عادت الأونروا وأرجأت موعد تسليم الرزمة الأولى إلى 14 نيسان الجاري. أسباب التأجيل كثيرة، منها عدم التزام المقاولين بالمهلة الزمنية المحددة لتسليم المشروع وعدم استخدام الوكالة البند الجزائي في عقودها معهم. هذه المشاكل التي تؤخر عودة أبناء المخيم إلى بيوتهم بحثتها حركة حماس أمس في مؤتمرها الأول تحت عنوان «مخيم نهر البارد أولوية الإنقاذ والإعمار».
حضر المؤتمر مختلف أطياف المجتمع الفلسطيني من ممثلين عن الفصائل الفلسطينية التابعة للتحالف ومنظمة التحرير. ممثل المنظمة في لبنان عبد الله عبد الله شارك في الجلسة الأولى من المؤتمر، ثم اعتذر عن عدم البقاء لارتباطه بمواعيد مسبقة. سكان المخيم والمهجرون منه أتوا أيضاً. ومعظم الحضور كانوا من مسؤولي اللجان الشعبية، إضافة إلى المشاركة الكثيفة لنواب لبنانيين حاليين وسابقين.
أما الرسالة التي أرادت حماس توجيهها من خلال هذا الحضور السياسي الكبير فهي «أزمة نهر البارد هي أزمة سياسية، والحّل هو حلّ سياسي»، كما يقول مدير مكتب شوؤن اللاجئين ياسر عزّام لـ«الأخبار». هكذا، بدت النبرة السياسية الحادة التي اعتمدتها الحركة للمرة الأولى واضحة في خطابات مسؤوليها، إذ جرى تقسيم الأدوار بين دبلوماسية علي بركة، ممثل الحركة في لبنان، وصرامة رأفت مرّة، مسؤول العلاقات اللبنانية فيها.
وطالب المسؤولون بصورة علنية على لسان مرّة بمعرفة «كيف أتت جماعة فتح الإسلام الى المخيم، ولماذا؟ ومن أين؟ ومن أدخلها وآواها ونقلها ودعمها وغذّاها». أسئلة وضعها مرّة برسم الدولة اللبنانية، مشيراً إلى أن «الفلسطينيين ليسوا مسؤولين عنها، وهم آخر من يحق لهم تقديم أجوبة وروايات عما حصل في المخيم».
كانت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر سياسية بامتياز، فأكد عزام أن «الفلسطيني هو من دفع ثمن ما جرى في البارد، وأن الحرب اشتعلت فيه بأيد غير فلسطينية». أضاف: «دفع الفلسطينيون الثمن عندما صدّقوا أن الخروج مؤقت والعودة مؤكدة والإعمار حتمي، ثم دفعوا الثمن مرة ثانية عندما اكتشفت مدينة أرتوزيا وتأخّر الإعمار».
هنا غمز عزّام من قناة كل من الرئيس فؤاد السنيورة والنائب ميشال عون. بعد ذلك، شرح سميح لوباني باسم اللجنة الشعبية في المخيم كيف أن نصف أبناء المخيم لا يزالون خارجه.
من جهتها، رأت رئيسة لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، مايا مجذوب، أن التحدي يكمن في تأليف لجنة تضم الفصائل، الأونروا ولجنة الحوار لمواجهة العقبات القانونية التي تؤخر عملية إعادة الإعمار. أما غالب قنديل، عضو المجلس الوطني للإعلام اللبناني، فدعا الجيش اللبناني إلى تسهيل حركة الفلسطينيين في المخيم. ورأى عضو جبهة النضال الوطني النائب علاء الدين ترو أن «المشكلة الأساسية تكمن في الانقسام الفلسطيني وغياب وحدة الموقف».
وفي ختام الحديث السياسي، وجه بركة إلى الأونروا والدولة أسئلة عدة مثل «لماذا التواطؤ مع شركات البناء؟ لماذا الهدر المالي على الأعمال الإدارية التي تسبق عملية البناء؟ لماذا تصل كلفة المخفر داخل المخيم إلى 5 ملايين دولار». وقال: «إذا كان مخيم نهر البارد سيصبح نموذجاً لباقي المخيمات، فبئس هذا النموذج، نظراً إلى الهدر والتأخير في الإعمار والحالة العسكرية المفروضة حتى اليوم».
وأدار النائب الوليد سكرية الجلسة الأولى للمؤتمر عن المسؤولية السياسية قبل الأحداث وخلالها وبعدها. وقال إن «ردة الفعل الأولى للجيش كانت استعادة المراكز التي خسرها بعد هجوم عناصر فتح الإسلام، إلا أن الضغوط الخارجية أجبرت الجيش على المواجهة». ثم تحدث عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية مروان عبد العال عن كيفية عمل الدولة اللبنانية على إعادة صياغة المكان وبتر الذاكرة الشعبية من خلال المسمّيات المخترعة للأزقة والأحياء.
بدوره، قال الناشط الحقوقي محمد الشولي إن «حجم المنازل التي ستسلم أصغر مما كانت، إضافة إلى وجود منازل ليس فيها درج للصعود إلى الطبقة الثانية، إذ يجب على قاطني هذه الطبقات سلوك درج المبنى المجاور للوصول». أما النقاشات فقد استغلها الحضور لتوجيه نداءاتهم الإنسانية لما يواجهه أبناء المخيم على حواجز الجيش.
وتناولت الجلسة الثانية العلاقة بين الآخر والأمن وحقوق الإنسان، وأدارها النائب السابق زهير العبيدي. وعرض علي هويدي، مدير منظمة ثابت لحق العودة، كيف أن الأموال التي تقدمها الدول المانحة تفرض سياسات يجب تطبيقها في المخيم، معترضاً على مفهوم الجندرة الذي يعيد صياغة الأدوار الاجتماعية في أوساط اللاجئين. أما منسق مجموعة عائدون، د. جابر سليمان، فقد تطرق إلى تاريخ العلاقات اللبنانية الفلسطينية، ورأى أنّ الوثيقة التي سربت عن ملكية الدولة لبيوت اللاجئين تعيد العلاقات إلى مرحلة المكتب الثاني.
وأشار محمود الحنفي، مدير المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان، إلى أن «كل ما قام به الجيش وإعلانه منطقة مخيم نهر البارد منطقة عسكرية يعني أن جميع سكان المخيم هم موضع شبهة وشك».
رياح التغيير
المؤتمر الذي عقده مكتب شؤون اللاجئين في حماس هو خطوة أولى، على طريق التحركات التي تقوم بها الحركة بالتنسيق مع باقي الفصائل للضغط على الدولة اللبنانية والأونروا من أجل فك الحصار عن مخيم نهر البارد. وقد طرحت فكرة الاعتصام أمام حواجز الجيش اللبناني من جهتَي المخيم والجهة اللبنانية. أما عن السقف السياسي العالي الذي اعتمدته حماس في خطابها، فيقول علي بركة مسؤول الحركة في لبنان لـ«الأخبار»: «لقد تأثرنا برياح التغيير التي هبّت في الوطن العربي من تونس إلى مصر، ونحن نريد تغيير الواقع في مخيم البارد ونحن الأولى بذلك».