بتهويد «بيت البركة»..الاحتلال يرسم الحدود الجنوبية
«للقدس الكبرى»
الجمعة، 29
أيار، 2015
من مفارقات العيش تحت الاحتلال الإسرائيلي أن
تتحول مستشفى خيري تخدم المواطنين قرب بلدة "بيت أمر" في الخليل جنوب الضفة
الغربية المحتلة إلى مستوطنة تزحف على أراضيهم وتعدم مصادر أرزاقهم.
وأعلن الاحتلال الاستيلاء على مستشفى "بيت
البركة" الواقعة بجوار شارع القدس-الخليل المسمى (خط60) الاستيطاني، بمساحة تقارب
من (40 دنما) وتضمّ (8 مبان) دون تمكن الجهات الرسمية الفلسطينية من معرفة تفاصيل تسريبها.
وكانت المستشفى تتبع جمعية مسيحية أمريكية ما
يثير كثير من علامات الاستفهام بشأن كيفية تسريبها لسلطات الاحتلال من هذه الجمعية
القريبة من الكنيسة والتي تُصنّف أراضيها بالوقفية.
وتجري جمعية سويدية حاليا عمليات
الترميم في المكان قبيل استجلاب ما يقرب من (40) عائلة من المستوطنين للسكن فيه مبدئيا،
ويتلوها حسب المخطط المعلن أعمال التوسع في هذا المكان على حساب بلدة بيت أمّر ومخيم
العرّوب شمال الخليل وبلدة بيت فجّار جنوب بيت لحم.
ولا تُحصى الأضرار التي تتركها هذه السيطرة، بقدر
ما تعتبر تهديدا وجوديا لمخيم العروب المقابل وانتزاعا بالقوّة لما تبقى من أراض زراعية
لبلدة بيت أمر، إضافة إلى قطع الطّريق الرئيس التي تربط الخليل بمحافظتي بيت لحم والقدس.
زراعة بيت أمر
ويعبر رئيس بلدية بيت أمر محمد أبو عياش في حديثه
لوكالة "صفا" عن خشيته من ابتلاع الاستيطان في هذا المكان لآلاف الدنمات
الزراعية الواقعة إلى الغرب من المستشفى، والمزروعة كلّها بأشجار العنب، وهي ما تبقى
من أراض زراعية لبلدة بيت أمر بعد سلب معظم أراضيها لصالح الاستيطان والشوارع الالتفافية
في المنطقة الجنوبية للضفة الغربية.
ويلفت أبو عياش إلى أن المساعي متواصلة من جانب
البلدية والجهات المختصة من أجل الوصول إلى الآلية التي تسربت بها هذه الأراضي إلى
الاحتلال، خاصة أنها كانت مملوكة لطبيب اشتراها من إحدى عائلات بلدة بيت أمر في ثلاثينيات
القرن الماضي، وما تزال مسجلة باسمه، وأقيمت عليها مستشفى خيرية لعلاج أمراض السّل.
ويبين أبو عياش أن الجهات الرسمية الفلسطينية
خاطبت الجمعية الأمريكية التي بنت هذه المستشفى، وبانتظار تفاصيل تسرب هذه الأرض للاحتلال،
في محاولة للاعتراض على الأمر ومقاومته بكل الوسائل القانونية على اعتبار أنّ هذا المكان
هو جزء من أراضي بلدة بيت أمر.
عزل الخليل
ويعتبر خبير شؤون الاستيطان عبد الهادي حنتش لوكالة
"صفا" الاستيلاء مخطط لعزل كامل محافظة الخليل عن الوجود وتحويل المسار إليها
عبر طرق بعيدة كان قد رسمها الاحتلال قديما، بإغلاق شارع القدس-الخليل أمام الفلسطينيين
وعزله للمستوطنين وحدهم.
ويبين حنتش أن الاحتلال كان يخطط لإقامة جدار
الفصل العنصري على مقربة من المستشفى، وتعديل مسار الشارع الالتفافي المار إلى جواره
بالسنوات الماضية، لكنه يرى أن السيطرة على المكان تمكن الاحتلال من ضمّ المستشفى وما
حولها إلى حدود الجدار، وتشكيل حدود المخطّط الاستيطاني المسمّى "مشروع القدس
الكبرى".
وحول نظرته لمستقبل المنطقة يعتقد حنتش أن
"الاحتلال يحاول ممارسة أوسع تحكم على المنطقة وإغلاق تام المنطقة الجنوبية منها
أمام حركة السّير، وبالتالي إجبار السكان على اختيار طريق آخر غير الطريق الحالية التي
ستكون مليئة بالمستوطنات".
ويدلل قوله بتحويل الاحتلال مئات الدّنمات الزراعية
الواقعة إلى السفوح الشرقية للمستشفى إلى ما يسمّيها بأراضي دولة، وزرع المستوطنين
بالأراضي الواقعة إلى الجهتين الشرقية والغربية، بما يفضي إلى قطع الطريق أمام الفلسطينيين
وإغلاق المكان.
طرد العرّوب
لكنّ هذا الأمر، يحذّر من خطورته أكثر مدير مركز
أبحاث الأراضي جمال طلب العملة الذي يرى في حديثه لوكالة "صفا" أنّ استيلاء
الاحتلال على هذه المستشفى المقابلة لمخيم العروب، يعني إعدام المخيّم، واتّخاذ قرار
بتهجيره.
ويقول العملة إن "هذه مستوطنة في قلب المخيم
لأن المستشفى مقابلة لمدخل المخيم، بينما تقع الأراضي المهددة في الجهة الشرقية للمستشفى
ضمن حدود وأراضي المخيم".
وهو يعتقد أن هذا الأمر يشير إلى نيّة الاحتلال
ترحيل المخيم، من خلال الاحتكاك اليومي والدائم مع السّكان، باعتبار مكان المستشفى
هو "ساقط أمنيا"، وهذا يضاعف من احتمالية تصاعد المواجهة في هذا المكان،
وزيادة أعداد الضّحايا الفلسطينيين.
ويصف العملة الاستيلاء على هذا المكان بـ"الاعتداء
الكبير"، مشيرا إلى أنّ هذه الأرض فلسطينية ولسّكان بلدة بيت أمر، ومن المفترض
أن تكون أرضا وقفية، مع اعتبار أنّ ملكيات الكنائس والمساجد تتبع الوقف، وبالتالي لا
يجوز أن يجري بيعها أو التّصرف بها.
ويشدد على أن القيادة الفلسطينية يجب أن تمارس
دورها في العمل نحو إبطال عملية البيع والتسريب التي جرت في هذا المكان والتحقيق في
هذه القضية، وأن تأخذ بعين الاعتبار الحرص على أن تمارس نفوذها في بعض المناطق الشبيهة
بهذا الموقع خشية من تسريبها.
وما يعزز المخاطر حسب العملة، قرب هذا الموقع
من مجمّع (جوش عتصيون) الاستيطاني، وهذا الأمر الذي قد يمكّن الاحتلال من إيجاد تواصل
جغرافي بين مستوطناته وهذه المستشفى عبر آلاف الدنمات الزراعية الفاصلة بينها.
المصدر: وكالة صفا