القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

«براكسات» البارد بؤرة للبرد

«براكسات» البارد بؤرة للبرد
 

الإثنين، 16 كانون الثاني، 2012

لا تكاد تنتهي معاناة أهالي مخيم نهر البارد. فهم منذ خروجهم منه صيف 2007 قسراً، لا يزالون يدورون في فلك معاناة لا تنتهي، وآخرها كانت المعاناة الجديدة ـ القديمة لسكان البراكسات في الشتاء..

ما يُنقل عن أن أغلب العائلات القاطنة في بيوت الإيواء المؤقت (البراكسات) في مخيم نهر البارد، يسهرون واللحف على اكتافهم خلال أمسيات الشتاء الحالي، لبثّ قليل من الدفء في أجسادهم المرتجفة، يدلّ على جانب من واقع يصيب من يتصوره بالقشعريرة. أفراد العائلات الـ90 المقيمة في البراكسات منذ عودتها إلى المخيم، لا يزالون ينتظرون منذ مدّة معرفة كيف ستطبق الأونروا قرارها بإزالة هذه البراكسات، بعد طلب العائلات ذلك بسبب الوضع المزري للمقيمين فيها، وما هو البديل المتاح أمام الطرفين ـ العائلات والأونروا ـ من أجل تطبيق هذا القرار، في ضوء صعوبات عدّة تواجههما معاً.

بانتظار ذلك، تعيش العائلات المقيمة في البراكسات معاناتها يومياً، ذلك أن من يعاين هذه البيوت للمرة الأولى، لا يجانب الحقيقة إذا شببها بـ«معسكرات الاعتقال الجماعي»، وفق وصف يشاركه فيه أغلب المقيمين فيها، الذين ينتظرون بفارغ الصبر أول فرصة للخروج منها، ولكن إلى أين؟

فإلى جانب اهتراء القسم الأكبر من شبكة الصرف الصحي، والشكاوى التي تقدّمها العائلات المقيمة في البراكسات إلى الأونروا بشكل شبه يومي، من غير أن تجد حلاً جذرياً لها، بعدما أصبح كل مؤقت دائماً في حياة الفلسطينيين، يعود مشهد صعوبة الحياة ومشقتها خلال فصل الشتاء في «صناديق الحديد» هذه إلى الواجهة مجدداً.

وكما في كل شتاء، تبرز أمراض الإنفلونزا والرشح بين سكان البراكسات بشكل لافت، أكثر مما هي موجودة بين المقيمين في بقية أنحاء المخيم، فضلاً عن المعاناة المضاعفة للمصابين بمرض الروماتيزم على وجه التحديد.

هذا الواقع يؤكده مدير مستوصف الشفاء في المخيم الدكتور توفيق الأسعد، الذي يوضح لـ«الأخبار» أن «ما يصيب سكان مخيم نهر البارد من أمراض موسمية في مثل هذه الأيام، من إنفلونزا ونزلات برد وغيرها، يصيب سكان البراكسات أكثر من المقيمين خارجها بمعدل الضعف تقريباً».ويكشف الأسعد في هذا المجال أن مستوصفه «يعاين نحو 20 حالة يومياً كمعدل وسطي، نصفهم من سكان البراكسات، ما يدل على أن بيوت الإيواء المؤقت هذه قد تحولت بسبب وضعها غير الملائم صحياً، إلى بؤرة لانتشار الأمراض التي تنتشر خلال فصل الشتاء أو فصل الصيف على حد سواء». ويوضح الأسعد أن «هذه المنازل التي هي عبارة عن صناديق حديدية، تتحول في الشتاء إلى ما يشبه غرف التبريد، وفي الصيف إلى أفران، ما يؤدي إلى انعكاسات صحية يتعرض لها أغلب قاطنيها، خصوصاً الأطفال منهم وكبار السن، وهو ما يتبين من خلال حاجة المريض في البراكسات إلى فترة أطول من العلاج التي يحتاج إليها المقيم خارجها، وإلى عناية صحية أفضل». لكن هذه العناية التي يحتاج إليها مرضى البراكسات «غير متوافرة كما يجب» حسب الأسعد، الذي يشير إلى أن «انقطاع التيار الكهربائي بنحو دائم، لا يؤمن تدفئة دائمة لسكان البراكسات، كما أن كهرباء المولدات الخاصة التي تؤمنها الأونروا لا يمكنها تشغيل أدوات التدفئة الكهربائية».

وأشار الأسعد إلى أن «سكان البراكسات لا يمكنهم بسبب وضعهم المالي والمعيشي الصعب، تأمين وسائل تدفئة مكلفة لهم مادياً (وسائل تدفئة على المازوت أو الغاز مثلاً)، وعليه يمكن أن نعرف مقدار المعاناة التي يرزح تحتها أهالي المخيم».

*****

انتشار القوارض

لا تقتصر معاناة العائلات في البراكسات على فصل الشتاء فقط، ففي فصل الصيف يواجهون ظروفاً لا تقلّ صعوبة. ذلك أن ارتفاع درجات الحرارة بين جدران «الغرف الحديدية» يُحوّل الحياة إلى جحيم لا يُطاق بكل معنى الكلمة، ما يسهم في انتشار أمراض الإسهال والاستفراغ وغيرها. ولا يقتصر الأمر عند هذا الحدّ، بل إن وضع البراكسات صيفاً يساعد على نحو كبير في انتشار القوارض والحشرات السامة والأفاعي، في داخل هذه البيوت وخارجها، ما يؤدي بدوره إلى ظهور أمراض وعوارض صحية لا يكاد يسلم منها أحد من المقيمين في البراكسات.

المصدر: عبد الكافي الصمد - الأخبار