القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

بعد إقرار حقوق مدنية لم يكن لها أثر فعلي إيجابي على الأرض.. خطوات فلسطينية نحو ممارسة الحق السياسي بانتخاب الممثلين

بعد إقرار حقوق مدنية لم يكن لها أثر فعلي إيجابي على الأرض.. خطوات فلسطينية نحو ممارسة الحق السياسي بانتخاب الممثلين
 

الثلاثاء، 27 كانون الأول، 2011

في شهر آب من العام 2010، أقرّ مجلس النواب اللبناني ما اعتبره «حقوقاً» إنسانية أو مدنية للاجئين الفلسطينيين فيه: إعفاء من إجازة العمل - من دون إلغاء اللائحة المحددة للأعمال المسموح لهم أداؤها -، وتعويض لنهاية الخدمة من خلال صندوق خاص تابع للضمان الاجتماعي.

يومها، هلّل النواب للإنجاز الذي توصّلوا إليه بعد أسابيع من الجدل، فيما اكتفى الشارع الفلسطيني بالتعليق: «كتّر خيرهم» (!).. ولو أن ما تم إقراره لم يأت بأي تحسّن يذكر على صعيد حياتهم اليومية.

وقد أتت مقررات مجلس النواب بعد حراك مكثف للهيئات والفصائل الفلسطينية على اختلافها، صبّت جميعها في مصلحة مطلب واحد وهو «حقّ العمل»، لكونه الأساس لحلّ الأزمة المعيشية لأهل المخيمات.

همد الحراك بعد مقررات المجلس، ولو سجل الكثير من الهيئات والفصائل ملاحظات على ما تم إقراره. ومنذ ذلك الوقت، يطلّ الملف الفلسطيني عبر بعض الدراسات أو النشاطات الاجتماعية التي ترعاها الجهات الفاعلة، وبأفضل حال، عبر عدد من التقديمات التي تعلن عنها «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا).

لكن الهدوء الذي دام لأكثر من عام، لا يبدو أنه سيستمر خلال الفترة المقبلة، فهناك حراك من نوع جديد على الساحة الفلسطينية في لبنان. حراك يطالب بما هو أبعد من الحقوق المدنية والإنسانية، إذ ينادي بالحق السياسي للفلسطينيين أينما حلّوا في العالم.

تمثيل سياسي.. بدلاً من التعيينات

يتوافق الناشطون في المجال على أن المعاناة اليومية والأوضاع المعيشية للفلسطينيين أنستهم أن من حقّهم أيضاً اختيار من يمثلهم، سواء داخل المخيمات في لبنان على مستوى اللجان الشعبية، أم خارج المخيمات، على صعيد الرئاسة الفلسطينية والمجلس الوطني.

وقد بدأ الحراك في مناطق مختلفة من لبنان، وهو يندرج، بحسب الدكتور سهيل الناطور، في إطار التوعية التي تشمل أنظمة الانتخاب ووسائله.

يكسر النشاط الذي يشجعه نشطاء كثر، ما كان أشبه بالمحظور الذي لم يجرؤ أي فلسطيني على طرحه في السابق، وقد أسس، ربما، لمشاكل داخلية كانوا بغنى عنها.

لكن الحراك الشبابي طرح النقاش من باب رزمة الحقوق المدنية، التي يندرج في إطارها الحق في الانتخاب تماماً كما الحق في العمل. فكانت جلسات نقاش ومحاضرات تدعو إلى ضرورة السعي لاختيار الممثلين بدلاً من التصفيق للتعيينات التي كانت وما زالت تشهدها الساحة الفلسطينية.

يلفت الناطور إلى أن «أول تجربة انتخابات خبرها الفلسطينيون في لبنان، تمّت قبل خمس سنوات في مخيم شاتيلا لاختيار أعضاء اللجنة الشعبية. وقد تمّت من دون لوائح شطب، لكنها كانت تجربة يمكن أخذ الدروس والعبر منها».

ولم تكن الخطوة تأسيسية لحالة انتخابية متكررة، بل كانت أشبه بنشاط اجتماعي صدف أن حدث لمرة واحدة.

يصف الناطور ما يحدث اليوم من حراك بأنه «ليس سوى المرحلة الأولى من طريق طويل لا بدّ وأن يستهلّ بالتوعية». وتتزامن مرحلة التوعية مع محاولة لتشكيل سجل انتخابي أو ما يُعرف بلوائح شطب، «بدأتها الجالية في بريطانية من خلال تأسيس لموقع خاص لتوثيق سجلات القيد»، بحسب الناطور، الذي يرى أنه «من السهل التأسيس لتلك السجلات في الأماكن التي تعمل فيها الوكالة، لا سيما إن تعاونت الدول المضيفة في ذلك. كما يمكن الاستناد إلى إحصاء دائرة المغتربين التابعة التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية».

«القبول» اللبناني.. والهلع الدائم!

لكن الحراك السياسي الفلسطيني في أي دولة مضيفة يتطلب أكثر من إعداد لوائح شطب واختيار المناسبات الانتخابية التي يتوجب على اللاجئ الفلسطيني المشاركة بها.

فهناك قبل كل شيء، القبول الرسمي والشعبي للدولة المضيفة، ولبنان الذي «تعصّر» لإقرار ما أقرّه من «حقوق» للفلسطينيين، هل يرضى بأن تقام «معارك» انتخابية على أرضه، ولو لم تكن تعني سياسييه وأحزابهم مباشرة؟

يقول الناطور إن «الطرف الفلسطيني مارس محاولات لجسّ النبض لدى برلمانيين لبنانيين من لجنة حقوق الإنسان، بعضهم لم يرَ مشكلة في أن يمارس الفلسطيني حقّه الانتخابي طالما أنه يمارسه لاختياره من يمثله في الداخل والخارج».

لكن ما يقرّ به بعض البرلمانيين كحقّ، يرى فيه سياسي، رفض نشر اسمه، بالخطر على الداخل اللبناني: «فنحن نخاف من الأحداث الأمنية التي يمكن أن تصيب لبنان خلال أي عملية انتخابية لبنانية، فما بالنا إن أضفنا إليها احتمالات انفجارات أمنية جديدة كلما أراد الفلسطينيون اختيار من يمثلهم في الداخل أو الخارج».

ما يعني أن هناك أصواتاً ستعلو ضدّ الحق السياسي للفلسطينيين، ولو أنه لا يعني اللبنانيين وممثليهم. وبالتالي، فإن من يسهّل عملية اقتراع الفرنسيين من داخل لبنان على سبيل المثال، هو نفسه الذي سيقف في وجه انتخاب الفلسطيني لممثليه.

في المقابل، لا يبدو هذا الصوت اللبناني جامعاً، فهناك من بحث في الموضوع ووجد فيه تعبيراً صريحاً وواضحاً عن رفض الفلسطينيين للتوطين: «ذاك لأن انتخاب ذويهم في الداخل والخارج يعني أنهم كيان منفصل عن الشعب اللبناني وغير مندمج به. لا بل إن عملية الانتخاب لا سيما إن سارت على انتخاب الرئيس الفلسطيني، لا بد وان تجعل الترابط بين فلسطينيي الداخل والخارج أكثر وثيقة»، كما يشير سياسي لبناني آخر، رفض أيضاً نشر اسمه «لكون الموضوع المطروح لم يناقش من قبل داخل التكتل الذي أنتمي إليه».

خطى بطيئة لكن واثقة

بعيداً عن الرأي اللبناني، يبدو أن الحراك الفلسطيني صوب ممارسة الحق السياسي ماضٍ بخطى بطيئة، ولكن واثقة. فالمرحلة المقبلة هي مرحلة التوعية، ستشكل فيها لجنة جامعة لكل الفصائل والهيئات الفلسطينية في لبنان، عملها الإشراف على العملية الانتخابية. وهي، بحسب الناطور، «لن تبصر النور قبل الحصول على توافق مجتمعي بالكامل».

من بين الأفرقاء الفلسطينيين، لا يبدو أن هناك من يقف ممانعاً للفكرة، إذ يعتبر المسؤول السياسي لـ«حركة حماس» في لبنان رأفت مرّة أن «الانتخابات مسألة ضرورية»، مؤكداً «جهوزية الفلسطينيين لممارسة هذا الحق». كما يؤكد عضو اللجنة المركزية لـ«الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» أركان بدر أن «من يقف ضدّ الموضوع لا بد وله مآرب شخصية ويخاف على مركزه من رأي الناخبين». ويرى الناشط سامر مناع في العملية الانتخابية «ضرورة توحيد الصف الفلسطيني من خلال اختيار لجان شعبية موحدة ومؤلفة من أصحاب اختصاص».

بالنسبة إلى الناطور، ربما تبصر أولى الانتخابات الفلسطينية النور في لبنان بعد حوالى ستة أشهر، «من خلال انتخاب مجلس شبابي، على أن تتطور التجربة وصولاً إلى انتخاب أعضاء المجلس الوطني والرئيس الفلسطيني».

المصدر: مادونا سمعان - السفير