بوصلة السعودية تقترب من المصالحة الفلسطينية
على ضوء التطورات الإقليمية المتلاحقة
بالمنطقة، تزايدت في الآونة الأخيرة الإشارات والتصريحات التي صدرت من قيادات حركة
حماس حول الدور السعودي في حلحلة الملفات الفلسطينية الشائكة وعلى رأسها المصالحة المعطلة
منذ سنوات بقرار من رئيس السلطة محمود عباس.
آخر هذه التصريحات ما كشفه نائب رئيس
المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية خلال خطبة الجمعة برفح عن مساعٍ تبذلها السعودية
للتوصل إلى اتفاق جديد لتحقيق المصالحة.
تصحيح مواقف
وحسب مراقبين، فإن الأطراف الفلسطينية
تدرك جيدا حقيقة دور السعودية في هذه الآونة، والذي يصب نحو تصحيح مواقفها من بعض القضايا
التي غضت الطرف عنها خلال السنوات الأخيرة أبرزها ملف القضية الفلسطينية على اعتبار
أن دعمها يعيد المنطقة لمعادلة الاستقرار.
ليس ذلك فحسب، بل يرى آخرون أن السعودية
ستسعى جاهدة خلال المرحلة المقبلة لإعادة ترتيب علاقاتها مع حماس لاسيما بعد أن شابها
نوع من القطيعة نتيجة التحريض الذي مارسه عباس بعد اتفاق مكة عام 2007.
ووفقا لقراءات مراقبين، فإن هذه التغيرات
تأتي في إطار تغيير السياسة الخارجية للمملكة التي تسعى لبناء تحالف سني لمواجهة النفوذ
الايراني في المنطقة، وذلك بعد تولي الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم.
المحلل السياسي حسام الدجني يؤكد أن السعودية
تعيد في هذ الفترة تقييم سياساتها الخارجية بعد وصول سلمان لسدة الحكم لاسيما بعد أن
وجدت العديد من الثغرات التي استطاع خصومها ملأها، قائلا: "السعودية تسد الثغرات
وتملأ الفراغ، وربما البوصلة الأولى في هذا الملف هي القضية الفلسطينية نظرا لأهميتها
ومكانتها في الوعي العربي والاسلامي".
ومن هنا تأتي مساعي السعودية في ترميم
العلاقة مع الإسلام السياسي بشكل كامل والتي تعتبر حماس جزءا من هذه المنظومة بهدف
إعادة ترتيب المنطقة بالانسجام مع استراتيجيتها المتمثلة في احتواء الفكر الإسلامي
الوسطي، يضيف الدجني.
مسألة وقت
حماس من جهتها كما يؤكد مراقبون التقطت
هذه الاشارات كي تؤكد على أهمية الدور السعودي في تحريك الملف الفلسطيني الداخلي، وهذا
برز من خلال تصريحات هنية الأخيرة والتي تم تغطيتها من القناة الرسمية السعودية لأول
مرة ما يدلل على اعادة البوصلة لمسارها الطبيعي بين حماس والمملكة.
وفي ضوء ذلك، توقع الدجني أن يكون هناك
توطيد أكثر في العلاقة بين الحركة والمملكة خلال المرحلة المقبلة، مضيفا: "لن
يكون ذلك على حساب السلطة، بمعنى أن السعودية ستلعب دورا في المستقبل لاحتواء كل الحركات
التحررية بالمنطقة ".
كما توقع أن تتصدر المصالحة الفلسطينية
أجندة المملكة لكن ليس في الوقت الحالي، لأسباب عدة أبرزها: انشغالها في عاصفة الحزم
والاشكاليات الأمنية الداخلية، بالإضافة إلى أن الواقع الفلسطيني ما زال غير مهيأ في
هذه الفترة لإتمام المصالحة.
وكما يرى الدجني فإن مسألة المصالحة بالنسبة
للسعودية مسألة وقت، كونها لن تقبل باستمرار الانقسام لاسيما وأنها تمتلك القدرة بممارسة
ضغوطات على عباس وإلزامه بعدم عرقلة المصالحة لدورها البارز في تمويل خزينة السلطة
بموازنة 52% وحدوث أي اشكالية بينهما سيؤثر على الوضع المالي للسلطة".
غير أن حدوث هذه التطورات -كما يوضح الدجني-
لا تلغي الدور المصري الراعي للمصالحة، قائلا:" ليس من العقلانية أن يسحب البساط
من مصر فاتفاق القاهرة مرجعية لأي اتفاق ومصر هي الأساس والجغرافيا والعلاقة فيجب أن
يكون هناك مزاوجة في حل الملف الفلسطيني".
يشار إلى أن "اتفاق مكة" هو
اتفاق بين حركتي فتح وحماس وقع في مدينة مكة المكرمة في 8 فبراير 2007 بعد مداولات
استمرت لأيام حيث تم الاتفاق برعاية سعودية.
قوة تأثيرها
في الوقت ذاته، لا أحد يستطيع انكار الثقل
السياسي والاقتصادي الذي تتمتع به السعودية في المنطقة بالإضافة إلى قوة تأثيرها على
القرار العربي والاقليمي. وهو ما أوضحه المحلل السياسي نعيم بارود، بأن ملك السعودية
معني بأن تكون حماس جزءًا من الاصطفاف العربي في مواجهة أي خطر يقترب من المنطقة.
وأضاف بارود: "حماس الآن أصبحت منفتحة
على الجميع وهمها الأول الحفاظ على مقومات القضية الفلسطينية والحفاظ على علاقتها مع
كل الأطراف وليس السير وفق سياسة تبني علاقة مع طرف على حساب آخر".
وأكد في الوقت ذاته أن السعودية تدرك
أهمية تحركها في الملف الفلسطيني لأسباب كثيرة منها إعادة ترتيب الملفات الإقليمية
وتأثيرها على بعض الأطراف العربية من بينها النظام المصري ودورها في منع حدوث انفجار
في المنطقة.
المصدر: الرسالة نت