تحذيرات من استمرار معاناة نهر البارد
الإثنين، 26 آذار، 2012
رغم مرور خمس سنوات كاملة على اندلاع العمليات العسكرية بين الجيش اللبناني وتنظيم فتح الإسلام في مخيم نهر البارد، لا تزال معاناة سكان المخيم وكذا النازحين عنه على حالها، كما يقول الأهالي.
فالعمليات التي استمرت في المخيم (100 كلم شمال بيروت) مدة ثلاثة أشهر عام 2007 خلفت وراءها دمارا كبيرا، ولم تسعفه بعدُ وعود الإعمار الكثيرة والبطيئة والمعقدة، كما يصفها سكان المخيم المنكوب.
معاناة المخيم المتفاقمة لم تقف عند حديث سكانه الذين توزعوا على عدة مخيمات أخرى، ولا عند مناشدات ومطالبات القوى الفلسطينية داخل وخارج المخيم، بل شملت أيضا اهتمام مجموعة الأزمات الدولية التي أصدرت بدورها تقريرا حديثا حذرت فيه من مغبة تجدد العمليات بسبب استمرار المعاناة.
المجموعة انتقدت تأخر إعادة بناء منازل السكان المهدمة، كما دعت قوى الأمن إلى حظر تشغيل السكان كمخبرين والتوقف عن فكرة بناء مركز جديد للشرطة، وعدم فرض قوانين تمييز داخل المخيم في ما يتعلق بالملكية والتوظيف والتجمع.
عزل اقتصادي
أحد الصحفيين من أهالي المخيم شرح بمرارة للجزيرة نت حجم المعاناة الصادرة عن التصاريح الأمنية المفروضة على زوار المخيم وأهله، واتفق مع ما ذهبت إليه مجموعة الأزمات الدولية من أن القبضة الأمنية المشددة تسببت في عزل المخيم اقتصاديا واجتماعيا بصورة كبيرة.
وأضاف أن "الكل يترقب الآن نصيبه من شقق الإعمار بخوف وحذر، بعد الإعلان عن أن المبلغ المرصود حاليا لا يكفي إلا لبناء ثلاث رزم من أصل ثمان، وهو ما تسبب في إشكالات كبرى بين الأهالي.
من جهته انتقد مسؤول مكتب اللاجئين في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ياسر عزام حالة البطء في عمليات الإعمار، لافتا إلى أن مشروع المباني يتألف من ثماني رزم كان يتعين منذ مدة تسليم الرزمة الثالثة منها، لكنهم اليوم ما زالوا في انتظار الرزمة الثانية.
وقال عزام للجزيرة نت إن الرزمة الأولى التي تم تسليمها بعد سنة من موعدها المحدد، تبين أنها ضيقة وتعاني سقوفها وجدرانها من تسرب مياه الأمطار.
وأرجع عزام عقبات التأخير للجانب الإداري الذي تتولاه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ومنه التعاقد مع شركات لبنانية متنفذة، إلى جانب وجود موظفين أجانب برواتب عالية دون حاجة لوجودهم كمشرفين.
وأضاف "واجب الإعمار يقع على الأونروا، أما جمع المال فيقع على عاتق الدولة اللبنانية والأونروا والجهات الداعمة"، وأشار إلى أن المبلغ المعلن والمطلوب منذ سنوات هو 345 مليون دولار، تضاف لها نحو مائة مليون للقرى المجاورة.
غش وتزوير
ويتحدث أهالي المخيم بمرارة كبرى عن وقوع ما أسموها "عمليات تزوير" وقعت في مساحات المنازل التي وعدوا بها والتي بنيت في الرزمة الأولى، إضافة إلى عمليات غش كبيرة في البناء تتبعها وعود بالترميم تمتد شهورا دون تطبيق.
وقالت مصادر عاملة في اللجان الشعبية بالمخيم -فضلت عدم الكشف عن اسمها- للجزيرة نت إن الشفافية المالية غائبة عن المشروع، وهو ما دفع ببعض الدول التي تشجعت للدعم للانسحاب، بسبب ما قالت إنه "فساد وعدم دقة في الحسابات وضعف جدية وحماسة الدولة اللبنانية للمشروع".
وكالة الأونروا أرجعت بدورها أسباب تأخير الإعمار لظروف خارجة عن إرادتها، كما قالت هدى الترك الناطقة الإعلامية باسم الوكالة في لبنان، مضيفة أن السبب الرئيسي يعود للمتعهدين الذين جرى استبدال بعضهم بسبب التأخير.
وأرجعت الترك تأخر الإعمار أيضا لاكتشاف ما قالت إنها "آثار تاريخية" برزت عند بدء الحفر، إلى جانب وجود ألغام أرضية غير متفجرة لا تزال مزروعة في المخيم، يضاف لها نقص الأموال اللازمة للإعمار.
وكانت اللجنة الشعبية لمخيم نهر البارد قد اتهمت مؤخرا وكالة الأونروا بعدم الوفاء بالتزاماتها بشأن مشروع الإعمار، وقالت -في بيان لها- إنها ستلجأ للاعتصامات والاحتجاجات المتكررة بسبب وصول اتصالاتها مع إدارة الوكالة لطريق مسدود، على حد وصفها.
المصدر:الجزيرة