تحذير من خطورة "استحقاق أيلول" على حق العودة
الأربعاء، 21 أيلول، 2011
حذر مختصون في شئون اللاجئين وحقوقيون من خطورة توجه السلطة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة لانتزاع اعتراف بالدولة المستقلة، دون وجود استراتيجية تكفل حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم التي هجروا منها عام 1948، مشيرًا إلى أن الاستحقاق لم يشمل هذا الحق أو الحديث عنه.
وأكد هؤلاء في أحاديث منفصلة لـ"فلسطين"، أن التوجه إلى الأمم المتحدة والحصول على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، سيقود إلى الاعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة ما يعني تهجير كافة الفلسطينيين من الداخل المحتل إلى الأراضي الفلسطينية، فضلًا عن ترحيل كافة اللاجئين في مناطق الشتات، وإنهاء عمل وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
وكانت السلطة الفلسطينية قد أعلنت في شهر أيار الماضي عزمها التوجه إلى الأمم المتحدة لنيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين في اجتماع الهيئة العامة المقرر عقده الشهر الجاري.
وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية رفضها للمخطط الفلسطيني الهادف إلى الحصول على اعتراف أممي بإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة في أيلول المقبل من دون التوصل إلى اتفاق تسوية مع (إسرائيل)، وأنها تحض على البدء مجدداً في مفاوضات مباشرة.
خطوة فاشلة
ويوضح الناشط في شئون اللاجئين من عمان عابر أبو الحمص، أن توجه السلطة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة كبديل لمسار التفاوض التي سارت على نهجه منذ 18 عامًا، لن تتمخض عنه أي نتائج حقيقة تخدم واقع القضية الفلسطينية.
وقال: "إن التوجه إلى الأمم المتحدة خطوة فاشلة لن تقدم أي نتائج إيجابية، بسبب انحياز الأمم المتحدة التام مع العدو الصهيوني، إضافة إلى الدور الذي تؤديه الولايات المتحدة في إفشال تلك التوجهات".
وبيّن أن تأكيد المجتمع الدولي الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 هو تنفيس للاحتقان الحاصل للسلطة جراء المفاوضات العبثية مع الاحتلال، ولكنها تضر حق العودة بسبب إقرار السلطة بحل الدولتين دون حل موضوع اللاجئين الفلسطينيين.
ولفت أبو الحمص النظر إلى أن تلك الخطوة لن تنبني عليها قرارات تصبّ في مصلحة القضية الفلسطينية.
وأكد أن الخيار الأصوب لحماية حقوق الشعب الفلسطيني هو خيار المقاومة بهدف إخراج الاحتلال من الأراضي الفلسطينية، وأن الاستمرار في اللجوء إلى المؤسسات الدولية يطيل عمر الاحتلال ويدفعه للاستمرار في عدوانه، باعتبار أن المجتمع الدولي متآمر مع (إسرائيل)- وفق قوله.
وأشار إلى أن أهداف الاستحقاق، التي تتمثل بإنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وإقامة دولة مستقلة على حدود عام 1967، "لا يمكن أن يحققه أي من قرارات الأمم المتحدة ولا غيرها ورغم ذلك، تبقى المقاومة الخيار الأكثر نجاحاً لتحرير فلسطين".
الاعتراف بيهودية الكيان
من جهته، قال القانوني المصري عاصم الدمياطي: "إذا اعتُرف بالدولة الفلسطينية، فسيكون بمثابة اعتراف واضح وصريح بأحقية الكيان الصهيوني بالوجود، وهذا ما يستدعي الاعتراف بالكيان دولةً يهودية، وهذا يعني ترحيل فلسطينيي الداخل إلى دولتهم الجديدة".
وأضاف: "وبهذا، بدل أن تحل مشكلة اللاجئين، ستضاف إلى الشعب الفلسطيني مشكلة أخرى، ألا وهي ترانسفير جديد للشعب الفلسطيني من أرضه التاريخية".
ولفت النظر في حديث لـ"فلسطين"، إلى أن إعلان هذه الدولة على حدود 1967، سيؤثر مباشرة على القضية الفلسطينية من نواحٍ عديدة، أولها أنه لن يعود هناك مبرر لوجود "الأونروا" وبقاؤها راعيةً لشؤون اللاجئين في المخيمات الفلسطينية داخل فلسطين وخارجها.
وبيّن أن حق عودة اللاجئين يواجه 3 تحديات، وهي حالة الضعف العربي الفلسطيني في التمسك بهذا الحق طبقا لقرار الجمعية العامة 194 الذي حدث فيه تراجع وتنازل تدريجيا حتى أصبح الآن لا ذكر له في أي شروط تفاوضية، وأن الولايات المتحدة أصبحت تصرح بأن أي تسوية بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا يمكن أن تشتمل على حق العودة، وأن العرب بدؤوا يتساهلون في المرجعيات القانونية لحق العودة.
وأضاف: "للأسف المفاوض الفلسطيني تخلى تدريجيًا عن كل القضايا الخمس الكبرى التي كانت في أوسلو وأولها حق العودة".
وتابع: "إن (إسرائيل) ترفض حق العودة من حيث المبدأ ولن تعيد ولا حتى فلسطيني واحد إلى أرضه، لأن هذا يعتبر اعتراف بفكرة "العودة" والتي تعني أن هناك أصحاب أرض أصليين أي أن الفلسطيني هو الأصل والإسرائيلي ما هو إلا طارئ عليه".
أما من الناحية القانونية وما يترتب عليها من قيام للدولة، أشار الدمياطي إلى أن العشرات من الحقوقيين الإسرائيليين يرون أن إعلان الدولة الفلسطينية في الضفة الغربيَّة وقطاع غزة، يعني تنازلهم عن حقوقهم التاريخية في فلسطين، الأمر الذي يتيح لـ(إسرائيل) السيطرة على كل الأراضي التي تقع خارج نطاق مناطق السلطة الفلسطينيَّة في الضفة الغربيَّة وقطاع غزة.
وأضاف: "في أحسن الحالات سيكون هناك مزيد من الاعترافات بدولة فلسطينية من دون ذكر للحدود أو العاصمة، ومن دون إشارة إلى حق عودة اللاجئين، بمعنى آخر، هي دولة ذات عضوية منقوصة".
سلبيات الاستحقاق
أما مدير عام مؤسسة الشجرة للذاكرة الفلسطينية غسان الشهابي، فيرى أن لإعلان الدولة الفلسطينية إيجابيات وسلبيات، وقال: "إن هناك إيجابية واحدة فقط، هي إدراج فلسطين بين قوائم دول الأمم المتحدة. لكن بالمقابل، هناك ثمن قاس جداً سيدفعه أبناء الشعب الفلسطيني".
وأوضح أن هذا الثمن يتمثل بشطب حقوق اللاجئين الفلسطينيين في الشتات والداخل، "وهذا يعني عمليات توطين جديدة، عمليات نسيان لهذا الحق، لهذه الأرض، لهذا التاريخ، ويعني تنكرًا لدماء شهداء فلسطين التي نزفت في سبيل تحرير كامل التراب الفلسطيني".
وأكد الشهابي خطورة هذا الاعتراف على مستقبل اللاجئين الفلسطينيين بالقول: "عندما يعترف المجتمع الدولي بدولة فلسطين، سنعترف في المقابل بيهودية الدولة الصهيونية على أرض فلسطين، وهذا الاعتراف بماهية الكيان هو ترسيم كامل له، ما يعني طرد لأبناء شعبنا عام 1948".
ونبه إلى أن هذه الخطوة ستتبعها خطوات حكومية في شتى أنحاء الشتات بما فيها (إسرائيل)، وهي ترحيل الفلسطينيين جماعيًا تجاه الدولة الفلسطينية كونهم فلسطينيين لهم دولتهم المعترف بها، وأن الدولة اليهودية غير معنية بهم، والذي سيبقى سيدلي بالقسم والولاء للدولة اليهودية".
المصدر: فلسطين أون لاين