تقاليد رمضانية جديدة في مخيم نهر البارد
عمر موسى/ لاجئ نت
الخميس، 04 آب، 2011
يعود سامي مسرعاً إلى مخيم نهر البارد بعد تأخره في العمل آتياً من مدينة طرابلس، للوصول قبل أذان المغرب ومشاركة عائلته الصغيرة إفطارها في أول أيام الشهر الفضيل، باعتبار أن له نكهةً مختلفة. ويحرص كثير من المسافرين على قضاء هذا اليوم وسط ذويهم. يقف سامي بالدور عند حاجز العبدة (المدخل الشمالي للمخيم) حيث ما زال يقيم الجيش اللبناني نقطة عسكرية، يُبرز سامي التصريح والهوية، فيسمح له الجنود بالمرور، ليدخل الجزء الجديد من المخيم وينطلق من طريق إلى آخر، الناس تختفي من الشوارع كلما اقترب وقت الغروب، يكمل سامي مسيره على وقع أصوات الصحون وقرقعة الملاعق المنبعثة من المنازل الصغير والكاراجات والمساكن المؤقتة التي تسمى «بركسات»، وقاطنوها يُعِدّون الإفطار مع حلول غروب يوم طويل من أيام الصيف الرمضانية.
ما إن يصل سامي منزله ويطرق باب بيته في اللحظة التي يطرق صوت الأذان آذان السامعين، حتى يتربع على مائدة الفطور مع زوجته وابنه سعيد، وفي أحضانه ابنته سارة التي ولدت في أثناء نزوحه إلى مخيم البداوي حيث سكن في المدارس قبل أن يُنقل إلى المساكن المؤقته في نهر البارد، بانتظار عودته إلى بيته في المخيم القديم والذي لم يُبنَ بعد.
يحلم سامي كما يحلم أبناء المخيم بيوم يُفطرون فيه داخل منازل تكون ملكاً لهم، بعيداً عن التشرد، والتعافي من آثار المعارك التي دارت بين الجيش اللبناني وتنظيم «فتح الإسلام» وانتهت بتدمير المخيم وتشريد جميع سكانه قبل أربع سنوات.
فعلى الرغم من استمرار الأزمة، يحاول سكان المخيم أن يعيشوا الأجواء الرمضانية لعلّ أيامه تُنسيهم شيئاً من معاناتهم. هنا أرباب عائلات ينزلون السوق لشراء المواد الغذائية المتعارف عليها في رمضان كالخبز الإفرنجي والمربّى والجبنة.. إلخ. وهناك عائلات تزيّن الشرفات والنوافذ بالأضواء والقناديل وأوراق الزينة وهلال رمضان، وهي عادات لم تكن معتمدة من قبل.
عادات صيفية
وأدّت زيارة شهر رمضان الصيفية إلى بروز مظاهر رمضانية جديدة في مخيم نهر البارد.
فرمضان بنهاره الطويل وليله القصير عكس حياة كثيرين في المخيم، إذ حوّل عمال وأصحاب بعض المهن أعمالَهم إلى دوام ليليّ تفادياً للوقوع في فخّ العطش تحت شمس آب اللاهبة. أما الطلاب الذين يُمضون عطلة الصيف وآخرون من العاطلين عن العمل، باتوا ينامون في النهار بعد الفجر حتى منتصف النهار. وبعد تناول الإفطار وتأدية صلاة التراويح يلتقون في مطاعم ومقاهي انتشرت بكثرة في الآونة الأخيرة، فيما تعج الطرقات بالمارة وتخفّ تدريجياً مع مرور الوقت، باستثناء بعض الشبان الذين يقضون أوقاتهم في مشاهدة المسلسلات والسهر خارج منازلهم الضيّقة، ويتناولون المأكولات والعصائر حتى وقت السَحر.
إفطارات وعزائم
وفي الشهر المبارك أيضاً تكثر العزائم بشكل ملحوظ بين الأقرباء والأصحاب، وخاصة بين «النسايب» الجدد، وقد تصل إلى حد «العيب» إذا لم يتبادلا العزيمة. بينما تراجعت عادة تبادل الصحون بين الجيران، ربما بسبب تغير أماكن سكنهم، فنصف أبناء المخيم ما زال يعيش في مخيم البداوي.
من جهة أخرى تنشط الجمعيات الخيرية ولجان المساجد في إقامة الإفطارات لأهالي الحيّ وبعض الفقراء. وأجمل ما فيها أنها تعزز التقارب والودّ بينهم، لأنها تأخذ طابع الأخوة والتكاتف في الإسلام، وتطغى عليها أجواء المرح والمزاح.