القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

تقرير صهيوني يرصد الأخطاء والإخفاقات التي أدت لنجاح حماس في اختطاف شاليط والمعلومات تؤكد أنّ الحركة ماضية لتكرار سيناريو الخطف

تقرير صهيوني يرصد الأخطاء والإخفاقات التي أدت لنجاح حماس في اختطاف شاليط والمعلومات تؤكد أنّ الحركة ماضية لتكرار سيناريو الخطف

ترجمة مركز دراسات وتحليل المعلومات الصحفيّة: أحيت مجموعة من الباحثين والخبراء الأمنيين الصهاينة الذكرى السنوية السابعة لإختطاف الجندي "غلعاد شاليط" على يد حركة حماس، من خلال رصدهم لأبرز الأخطاء والإخفاقات التي وقعت فيها المؤسستان الأمنيّة والعسكرية في "تل أبيب"، مما مكن حماس من نجاحها في هذه العملية غير المسبوقة داخل حدود "إسرائيل".

وأفاد الخبراء في اللقاء التقييمي لهذه العملية، أن عمليات أسر الجنود الصهاينة من أجل التفاوض عليهم لتحقيق أهداف وطنية، اعتبرت سمة بارزة تميزت بها المنظمات الفلسطينيّة، وقد كشفت تلك المحاولات بتنوعها، وبطرائق تخطيطها وتنفيذها عن ذكاء شديد وإبداع متميز.

كما أن المتتبع للأحداث يتضح له مدى الاهتمام البالغ الذي توليه القوى الفلسطينية المسلحة لقضية الأسرى عبر أسر الجنود، حيث تعدُّ حركة حماس الفصيل الفلسطيني الأكثر بروزاً الذي تمكن من القيام بعمليّات أسر لجنود صهاينة داخل الأرض المحتلة. وجرت العديد من العمليات في تاريخ المواجهة الفلسطينية الصهيونية، لكنها كانت في الخارج، فيما كان الجندي الصهيوني "شاليط" آخر حالة في هذا المسلسل المتواصل، وكان الهدف دائماً، وما زال الأسرى والمعتقلين في السجون الصهيونيّة.

ومنذ سنوات الإنتفاضة الأولى، نجح الفلسطينيون بأسر عدد من الجنود الصهاينة ومنهم: ("إيلان سعدون" و"آفي ساسبورتاس"، و"ألون كرفاني"، و"نسيم طوليدانو"، و"نخشون فاكسمان"، بالإضافة إلى "شاحار سيماني" و"آريه انتكال"، و"شارون أدري"، كذلك حافلة إيغد عام 1993 في القدس، واحتجاز رهائن في مطعم في القدس 1994، "ساسون نورائيل")، وغيرها في حقل أسر الصهاينة جنوداً ومستوطنين.

قراءة ميدانية

قدم الخبراء في جلستهم التقييميّة قراءة أمنيّة عسكريّة لهذه العمليات للوصول إلى العملية الأخيرة المتمثلة بأسر الجندي "جلعاد شاليط"2006، جنوب مدينة رفح، على النحو التالي:

• أتقن المسلحون الفلسطينيون عمليات التمويه في كثير من عمليات الأسر، إذ أُسر الجندي "فاكسمان" من القدس المحتلة، ووضع في "بير نبالا" التي لا تبعد سوى كيلومتر هوائي واحد عن منزله، وهي بلدة هادئة تماماً معظم سكانها من الفلسطينيين القاطنين في الولايات المتحدة، ولم يكن ذلك ليخطر ببال الأجهزة الأمنيّة التي سرعان ما حاصرت قطاع غزة، حيث أوهم الجميع أن الجندي تم نقله للقطاع، وتم تصوير الجندي الأسير، ومن خلفه مقاتلان ملثمان تليا البيان العسكري، وحدَّدا مطلبهما بالإفراج عن الشيخ "أحمد ياسين" وعدد من المعتقلين، وتمت العملية وكأنها جرت بمجملها في غزة.

• قيام المسلحين بإحداث تغييرات بسيطة داخل الشقة أفشلت عمليّة الإقتحام التي قام بها الكوماندوز للشقة، وكبَّده خسائر غير متوقعة، إذ قاموا ببناء النوافذ من الداخل، حيث تظهر من الخارج وكأنها نوافذ طبيعية إلا أنها في حقيقتها مغلقة، مما أفشل جزءً من الخطة، وأحدث مفاجآت لديها عند الإقتحام.

• الإرباك الذي وقعت بها الوحدات الخاصة لدى الإقتحام، فمن ناحية فشلت في إنقاذ الجندي المخطوف، وهو الهدف الرئيس للحملة الذي تعهد به "إسحاق رابين"، إضافة لمقتل قائد الوحدة المهاجمة.

ثغرات أمنية

ومع ذلك فإن هناك بعض الثغرات التي برزت في هذه العملية:

شكل الإحتفاظ بالجندي 3 أيام خطأً كبيراً، إذ إنه أعطى الفرصة للأجهزة الأمنيّة لتأخذ وقتاً كافياً تستطيع خلاله قلب الضفة والقطاع حينها رأساً على عقب.

لعل من الأمور البسيطة التي قد لا تخطر ببال أحد وكانت سبباً في كشف مكان الخلية، ما دلت عليه عناصر من الأجهزة الأمنيّة الفلسطينية حينها، هو شريط الفيديو الذي أظهر الجندي والخاطفين، أظهرهم وهم يرتدون ملابس شتويّة، مما يعني أنهم في منطقة باردة، بعكس حالة الجو في قطاع غزة في ذلك الوقت، وشكلت هذه النقطة مؤشراً قوياً يدل على وجود الخاطفين في منطقة جبلية، وعليه من المرجح حينها أنهم لم يغادروا محيط "رام الله".

شكلت الإتصالات على الدوام ثغرة أمنيّة ينفذ من خلالها الصهاينة لاسيما في وقت لم تكن تنتشر فيه وسائل الإتصال على النحو الذي نشهده الآن، فقد التقطت أجهزة التنصت مكالمة هاتفية بين "جهاد يغمور" أحد المشرفين على عملية الأسر، و"محمد ضيف" في غزة، وتم تعقب الأول لأن يصل للمنزل الذي يوجد فيه الجندي الأسير لإحضار الطعام له وللآسرين، وما إنْ خرج من المنزل حتى قبض عليه.

وقال الباحثون الصهاينة، أن القوى الفلسطينية المسلحة عمدت إلى اعتماد وسائل متنوعة في أسر الجنود والمستوطنين، ومنها قتل الجنود والإحتفاظ بجثثهم، ومن أهم العمليات التي تمت بهذا الأسلوب هي عملية أسر الجنديين "سعدون وساسبورتاس، ونسيم طوليدانو"، وتمتا بنجاح باهر.

ففي الأولى، استطاعت حماس أن تحتفظ بالجثتين 7 سنوات كاملة، بقي فيها مصيرهما مجهولاً للأجهزة الأمنيّة الصهيونيّة، ورغم المحاولات الحثيثة التي قام بها جهاز "الشاباك" من أجل حل لغز هذه القضية فقد باءت كل محاولاته بالفشل، وكانت الصفعة للصهاينة أكبر عندما اكتشف مكان جثته. إذ تبين أن أفراد حماس لم يصطحبوه معهم لقطاع غزة، ولم يقوموا بتهريبهما للخارج عبر أنفاق رفح، بل وجدت جثته في كرم للحمضيات في مكان غير بعيد عن مكان أسره قرب "تل أبيب"، مدفوناً في حفرة عميقة.

الإنسحاب العسكري

وقد حدث ذات الشيء مع الجندي "شارون آدري" من مدينة القدس المحتلة، حيث أسر في صيف 1996 على يد خلية "صوريف" الشهيرة التابعة لكتائب القسام، فقد أسرت الجندي، وقامت بقتله، واحتفظت بجثته 7 أشهر كاملة وسط تخبط صهيوني واضح بعد إخفائه في أحد الكروم الزراعية. ولم تفلح كل المحاولات التي قام بها الجيش في الكشف عن مكان وجوده، لكن إفرازات التنسيق الأمني في حينه مع أجهزة أمن السلطة الفلسطينية قاد لتسليمه دون ثمن.

أما الأسلوب الثالث من الأسر، وهو محاولة احتجاز حافلة، فقد لجأت إليه حماس مرة واحدة، عندما اختطف 3 مسلحين حافلة تابعة لشركة "ايغد" الصهيونية، وأجبروا سائقها على السير بإتجاه مدينة "بيت لحم"، إلا أن الحافلة انحرفت عن مسارها بعد ملاحقة الشرطة لها، حيث قام المهاجمون بالإنسحاب منها وأسر مستوطنة داخل سيارتها، وإجبارها على السير بإتجاه "بيت لحم"، إلا أن الصهاينة قاموا بإمطار السيارة بوابل من الرصاص غير آبهين بالرهينة التي قتلت على الفور.

وعن الأسلوب الرابع وهو محاولة احتجاز رهائن داخل مطعم، فلم يستخدم سوى مرة واحدة داخل القدس، حين اقتحم مسلحان مطعماً يوجد به نحو 45 صهيونياً، واحتجزا من فيه رهائن لعدة ساعات، إلا أن الوحدات الخاصة اقتحمت الموقع، واشتبكت مع المقاتلين، حيث أسفرت العملية عن مقتل 3 صهاينة وجرح 40 آخرين.

الوهم المتبدد

وأشار الخبراء الصهاينة في جلستهم النقاشية، إلى أنّ عمليّة "الوهم المبدد" في مثل هذا اليوم من عام 2006، التي نفذتها 3 فصائل مسلحة، شكلت تحولاً نوعيّاً من النواحي العسكريّة والأمنيّة والميدانيّة في عمل القوى الفلسطينيّة، سواءً من الطريقة التي اتبعتها في تنفيذ العمليّة، أو من النتائج الخطيرة التي أسفرت عنها.

ولعل النتيجة الأهم لهذه العملية ذات العلاقة بهذا النوع هو نجاح حماس في أسر الجندي، وإخراجه من ساحة المعركة "حياً يرزق"، مما فتح الباب على مصراعيه لسيناريوهات تنبأ بها المحللون الصهاينة حول مصير الجندي، وجاءت التوقعات على النحو التالي:

أن تتنازل "إسرائيل" وتستجيب لمطالب حماس وتفرج عن أسرى، وهذا الإحتمال بقي قوياً طالما أنّ فرصة عودة الجندي لمنزله حيّاً قوية، وبالتأكيد إذا ما وافقت، فإن حماس سيسعدها أن ترمي حبة "البطاطا الساخنة" من فمها، وتتنازل عن الجندي الذي استجلب لها وجع الرأس. إلا أن العائق الوحيد أمام نجاح هذا السيناريو أن "إسرائيل" أكثرت من تصريحاتها، وأعلنت أكثر من مرة عدم خضوعها للإبتزاز، ولن تفاوض ولن تفرج عن أسرى.

أن تنزل حماس عن الشجرة العالية التي وجدت نفسها فوقها، وتتنازل عن الجندي، وتعيده سالماً دون شروط، لكن المشكلة التي تمنع حماس من ذلك الرأي العام الفلسطيني والعربي.

أن تسارع "إسرائيل" لعملية كوماندوز لإنقاذ الجندي من الأسر، وجنرالات الجيش لم يخرجوا هذا الإحتمال أصلاً من أجندتهم كما فعلوا في 1994 مع الجندي "فاكسمان"، ولأجل تنفيذ ذلك يحتاج الجيش معلومات استخباريّة دقيقة جداً. وفي هذا المضمار انتظرت المخابرات أن يخطئ الخاطفون أي خطأ، ويعتقد الجيش أنّ الجندي محتجز في منطقة سكانيّة مكتظة، وليس مثل "فاكسمان" الذي كان في قرية صغيرة، وبالتالي فان الفلسطينيين سيسارعون لإعدام الجندي إذا ما شعروا بأن الجيش يقترب منهم، ولا يبقى لـ"إسرائيل" سوى أن تعيد الجندي جثة هامدة.

تجميد القضية لعدة أسابيع، حيث ترتفع حدة ردود الفعل وتنخفض، وحينها فان حماس ستلجأ للمواجهة المستمرة دون النظر لمصير الجندي، وحماس ستجد نفسها راغبة حينها بإدارة مفاوضة "إسرائيل" على الطريقة الإيرانية، على نار هادئة، أي أنّ المواجهات العسكرية تبقى مستمرة في حين ستقوم جهات دوليّة بالتفاوض السري.

تنازل رمزي وشكلي، بأن يعثر الطرفان على صيغة حل شكلية رمزية، كأن تضطر "إسرائيل" للإفراج عن بضع مئات من الأسرى الجنائيين وكبار السن، الذي لا يهدد الإفراج عنهم أمن "إسرائيل"، أو أن تعلن أن الإفراج عنهم كان لخاطر "أبو مازن" وليس لخاطر حماس، أو أن تعلن "إسرائيل" أنها ستفرج لاحقاً، وفي وقت غير محدد عن أسرى.

موديل "رون أراد"، فهناك من يفهم في "إسرائيل" قول حماس أن ملف الجندي قد طوي بأن المقصود تأجيل البحث في أمر الجندي لسنوات قادمة، وهو حل منطقي سهل لحماس، فهي لن تضطر للإعلان عن قتله، ولا أن تعيده مجاناً.

قتل الجندي، أو الادعاء بان قنبلة صهيونية قد قتلته، والنتيجة المتوقعة أن تضرب "إسرائيل" رأس حماس في غزة والخارج.

سيناريوهات متوقعة

في المقابل، تحدث الخبراء الصهاينة أنه بعد انتهاء قضية "شاليط" قبل أكثر من عام في صفقة التبادل مع حماس، فقد سجلت للحركة نجاحات غير مسبوقة، من أهمها:

O منذ اللحظة التي تمكن فيها المسلحون من تنفيذ عمليتهم في قلب الموقع العسكري في "كرم أبو سالم" وقتل وجرح عدد من الجنود، وتمكنهم من اقتياد أحد الجنود حياً يرزق على أقدامهم داخل قواعدهم بأعصاب هادئة أثارت أعصاب جنرالات "إسرائيل".

O احتفاظ المسلحين بهذا الجندي حياً يرزق طوال 5 سنوات متواصلة بلياليها في بقعة جغرافية لا يتجاوز طولها 40 كم، فيما "إسرائيل" تمتلك أقوى أجهزة المراقبة وأدوات التنصت وطائرات الاستطلاع، وتعجز عن تحديد مكان جنديها الأسير.

O نجاح حماس بإدارة حرب أعصاب حقيقية مع "إسرائيل" منذ اليوم الأول، عبر الشح المقصود بالمعلومات وتوتير نفوس قادة الجيش، وتبدي حكومتهم تعطشاً مذلاً لأي معلومة مهما كانت صغيرة.

O تمكن حماس من الدخول لقلب الساحة الصهيونيّة، وإحداث هذه الإختلافات العلنية بين أركان المؤسسة العسكرية والأمنيّة، بحيث يتبادل الجنرالات والوزراء الاتهامات حول التقصير الذي مكن الفلسطينيين من تنفيذ عمليتهم تلك.

وحذر الخبراء الصهاينة أنه في هذه الذكرى السنوية، من أن موافقة "إسرائيل" على إبرام صفقة التبادل مع حماس فتح شهيتها على معاودة التفكير من جديد بتكرار ذات عملية الأسر لجندي أو مستوطن، حيث ينحصر تفكيرها لتنفيذ مثل هذه العمليات على تخوم غزة حيث تتحرك الدوريات العسكريّة على مدار الساعة جنوب وشرق وشمال القطاع، مشيرين إلى أنّ مقاتلو حماس يقتربون من هذه الحدود، ويرون الجنود رأي العين، دون حاجة لمناظير ليليّة، أو في الضفة الغربية حيث يكون اللقاء وجهاً لوجه طوال اليوم في شوارعها وأمام حواجزها العسكريّة، مما دفع "الشاباك" ليعلن أكثر من مرة عن اعتقال خلايا تابعة للحركة خططت لمثل هذه العمليات على ذات الطرق.

ومع ذلك، تعترف أوساط عسكريّة خاصة داخل حماس بوجود عوامل مهمّة قد تعوق تنفيذ مثل هذه العملية من جديد، أهمها التركيبة الجغرافيّة للأراضي الفلسطينيّة في الضفة والقطاع، ولا تساعد في سهولة إخفاء الجنود المختَطَفين، أو نصب كمائن مسلحة للإختطاف.

ورغم أنه منذ تأسيس الحركة أواخر 1987 نفذت أكثر من 20 عملية اختطاف جنود ومستوطنين، لم تصل جميعها مرحلة إبرام صفقة تبادل، للأسباب الواردة أعلاه.

إحباطات استخباريّة

فيما أعلنت "إسرائيل" أن العام الماضي 2012 شهد تقديم 400 شكوى من جنود تعرضوا لمحاولات اختطاف، وبعد أن حقق "الشاباك" فيها، تبين أن 11 منها صحيحة، تم إحباطها من قبل أجهزة المخابرات، لكن المثير فعلاً أن الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي 2013 لوحده شهد قيام حماس بـ24 محاولة اختطاف في الضفة الغربية. وكل ذلك يشير لوجود حوافز قوية لديها بتنفيذ مثل تلك العمليات، ولمواجهة هذه المحاولات عكفت 3 فرق في الجيش مكونة من 9 كتائب تضم 1800 جندي، على سيناريوهات لمواجهة عمليات أسر متوقعة، وكلف "ألمع قادته" للإشراف على إعداد هذه التدريبات.

كما كثف من عمليات الحراسة في المناطق التي يتواجد فيها كبار قادته، وألزمت هيئة الأركان ضباطها بإتخاذ إجراءات احترازية لتجنب عمليات الأسر، كعدم لبس البزات العسكريّة التي يظهر عليها رتبهم ومناطق سكناهم، حتى لا يتم التعرف عليهم، وبالتالي اختطافهم. مع العلم أن 5 سنوات من احتفاظ حماس بـ"شاليط" جعلتها تدرك جيداً أن "إسرائيل" تتابع تحركاتها، وتراقب عناصرها، وتتجسس على محادثاتهم، وتحاول استخلاص الدروس جيداً منها، لاسيما وأن الجندي خضع لتحقيقات قاسية من "الشاباك" للتعرف على أي خيط أمني للحيلولة دون تكرارها في عمليات قادمة. ولعل أهم العقبات التي قد تعترض حماس في نجاحها لأي عملية خطف قادمة ضيق الأمكنة المتاحة في الضفة وغزة، خاصة وأن الإحتفاظ بالجندي عدة أيام قد يشكل خطراً كبيراً، لأنه يعطي الفرصة للأجهزة الأمنية لتأخذ وقتاً كافياً تستطيع خلاله قلب الضفة والقطاع رأساً على عقب.

ولذلك توجه القيادة العسكرية لحماس التعليمات الأمنيّة لعناصرها المكلفين بمهمة الإختطاف بالإبتعاد قدر الإمكان عن الأماكن التي تكثر فيها عمليات التمشيط والتفتيش من قبل الجيش، وتواجدهم في مناطق يكون من الطبيعي فيها استئجار شقق ووجود غرباء، ليتم تهيئة المكان جيداً. كما أن الإتصالات الهاتفية والتقنية تعتبر ثغرة أمنيّة ينفذ من خلالها الصهاينة، حيث تلتقط أجهزتهم الأمنية آلاف المكالمات الهاتفية للفلسطينيين على مدار الساعة، ولذلك تحاول حماس القيام بشبكة اتصالات تقنية خاصة بها في قطاع غزة، تتجاوز مسألة التنصت والمسح الأمني الذي تقوم به أجهزة الأمن الصهيونيّة.

التنسيق الأمني

مشكلة أخرى تعترض نجاح حماس في تنفيذ أيّ عملية خطف قادمة تتمثل في معضلة التنسيق الأمني القائم بين الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة التابعة للسلطة ونظيرتها الصهيونيّة، في ضوء أن هناك سوابق واضحة فشلت فيها محاولات الجيش و"الشاباك" في الكشف عن مكان اختطاف بعض جنوده، لكن السلطة الفلسطينيّة قادت لتسليمهم دون ثمن، كما تقول حماس.

ولم يعد سراً أن حماس تبذل جهوداً حثيثة للنجاح في أسر جنود صهاينة، واحتجازهم كرهائن بهدف استبدالهم بمعتقلين فلسطينيين، وهو ما تيسر التعرف عليه عبر لقاءات أجريتها مع أسرى سابقين اتهموا بالتخطيط لمثل تلك العمليات، وزعمت "إسرائيل" أنهم يجمعون معلومات عن تحركات الجنود وتنقلاتهم، مما أشعل الأضواء في أوساطها تتعلق بنواياهم للتسلل إلى قواعد عسكريّة بالضفة، واحتجاز جنودها كرهائن.

ووصل الأمر بحماس أن قامت بتوزيع نشرة من 18 صفحة تحت عنوان "مرشد للمختطف" على المستويات الميدانيّة في كتائب القسام، تقدم شرحاً مفصلاً عن عملية الخطف، وتوصي الخاطفين بإجادة اللغة العبريّة، والتحدث بها بطلاقة، والبحث عن جندي ضعيف البنية لسهولة خطفه، وتفضيل تنفيذ العملية بحالة جوية ماطرة، واستخدام مسدسات كاتمة للصوت، واستبدال السيارة التي تم بها الخطف بأخرى.

واختتم اللقاء التقييمي للخبراء الصهاينة نقاشه بالقول، إن حماس من جهتها، تحاول الإستفادة من عملية "الوهم المبدد" التي نفذتها كتائب القسام بتاريخ 25/6/2006، وأسفرت عن اختطاف "شاليط"، بإعتبارها تحولاً نوعياً من النواحي العسكريّة والأمنيّة والميدانيّة، سواءً من طريقة تنفيذها، أو نتائجها الخطيرة.

مجلة "بمحانيه" العسكريّة

الترجمات العبرية 2843، مركز دراسات وتحليل المعلومات الصحفية، 25/6/2013