القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

تمكين اقتصادي للاجئين في لبنان يحقق نوعاً من الاستقلالية

 تمكين اقتصادي للاجئين في لبنان يحقق نوعاً من الاستقلالية
 

الثلاثاء، 14 آب، 2012

لم تلبث نظيرة سليمان جبر من مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان أن بدأت بشراء أدوات وأجهزة جديدة لمشروعها، وذلك فور حصولها على القرض المقدم من صندوق الاستثمار الفلسطيني، لتشرع بتوسعة مخيطة الستائر الخارجية الخاصة بها، وتطوير هذا المشروع، ليعمل بالتالي على زيادة الدخل الشهري لعائلة نظيرة المكونة من أربعة أفراد، وتأمين المستلزمات الأساسية للأطفال واحتياجات المنزل كما تقول هي، وإتاحة الفرصة لزوجها للعمل معها في تلك المخيطة، والتي أصبحت بعد فترة وجيزة من افتتاحها تعد من أشهر مخيطات المنطقة في المخيم.

في منزل مكون من 3 غرف، احتل المشروع منها غرفة لتتوسط ماكنة الخياطة تلك الغرفة، ولتنتشر حولها أنواع عديدة من الإبر والأدوات الأخرى، ولتسد هذه الماكنة مختلف احتياجات المنزل لتدر دخلاً شهرياً على العائلة المكونة من أربعة أفراد. فما أن علمت نظيرة بأن صندوق الاستثمار الفلسطيني يقدم قروضاً صغيرة للاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان، وذلك من خلال مجموعة من مؤسسات الإقراض العاملة هناك، حتى سارعت وقدمت للحصول على قرض، ساعدها في بدء مشروعها في ذلك المكان الصغير داخل منزلها.

"الحمد لله، زاد دخلنا الشهري، وارتفعت مبيعات المشروع حتى أصبحت سمعتنا منتشرة على نطاق واسع، فقد أصبح الزبائن يأتون إلينا من خارج المخيم، وأصبح الدخل الشهري لعائلتي يزيد عن 600 دولار، كما أن هذا المشروع وفر عملاً لشقيقتي ذات الخمسة أولاد، فهذه الغرفة الصغيرة في منزلي، وهذه الماكنات والإبر والخيوط المنتشرة هنا هناك، وقطع القماش التي نجمعها لتصبح ستارة تقي حر الشمس أو مطر الشتاء، كلها تجمعت لتشكل مشروعي الذي أعتاش منه أنا وعائلتي". بهذه الكلمات عبرت نظيرة عن استفادتها من القرض، مبتهجة بالنجاح الذي حققته في إنشاء مشروعها والاعتماد على الذات.

لم تكن السيدة نظيرة هي الوحيدة المستفيدة من برنامج التمكين الاقتصادي، بل زاد عدد المشاريع التي تم تمويلها من خلال هذا البرنامج عن 240 مشروعاً في مختلف المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، ليساهم هذا البرنامج في تحسين الأوضاع المعيشية لأهلنا في لبنان، ويوفر فرص عمل جديدة لهم، ويعمل على إقامة مشاريع خاصة بأهلنا هناك.

دراجات تجوب مخيم شاتيلا ... مشروع طموح يتلاءم مع ظروف المخيم المعيشية

وإلى الشمال الغربي من مخيم عين الحلوة، وعلى مقربة من العاصمة بيروت، يعيش ربيع حسن سرحان هو وأبناؤه الخمسة وزوجته في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين، ليبتكر سرحان فكرة مشروع فريد من نوعه، بحيث قام بشراء 5 دراجات نارية من خلال القرض المقدم عبر برنامج التمكين الاقتصادي، وعمل على تأجير هذه الدراجات لأهالي المخيم من أجل نقل البضائع والأدوات داخل المخيم، لتصبح الدراجة بمثابة حافلة لنقل البضائع، لصغر حجمها فهي تتنقل بين شوارع وحارات المخيم الضيقة بكل سهولة ويسر ودون إعاقة.

وإلى جانب نقل البضائع، يقول سرحان: "نبعت فكرة الدراجات لدي عندما شاهدت مدى صعوبة تنقل المركبات داخل المخيم، فالشوارع الضيقة والبيوت المتلاصقة لا تساعد المركبات على ذلك، من هنا، قررت أن أقوم بشراء 5 دراجات لتقوم بعمل المركبات من حيث نقل البضائع والأشخاص أنفسهم، فحركة المواصلات داخل المخيم تواجه الكثير من المعيقات.

ومتكئاً إلى دراجته الزرقاء التي طالما حلم بامتلاكها، يضيف سرحان: "كنت متردداً في البداية، ولم أكن أتوقع أن يلاقي المشروع كل هذا النجاح، ما إن انتشر الخبر بوجود دراجات للإيجار، حتى بدأ مجموعة من التجار وأصحاب الورش بالتوافد تباعاً طلباً لاستئجار دراجة لنقل بضائعهم وأدواتهم، فتلك الدراجات ساهمت إلى حد كبير في مساعدة هؤلاء لمتابعة أعمالهم بسهولة، دون تكبد عناء وصول المركبات، وبسعر أقل كذلك. أحمد الله أن أصبحت أمتلك مشروعاً خاصاً بي، يدر علي دخلاً شهرياً يكفيني وعائلتي، ويسد احتياجاتنا في الوقت الراهن، في حين أنني أفكر بتوسعة المشروع في المستقبل، وأرفع عدد الدراجات ليصل إلى عشرين".

فحم ... مشروع ساعد عائلة سيدة فلسطينية وخفف العبء عن زوجها

تتكدس أكياس الفحم فوق بعضها البعض في غرفة لم تتجاوز مساحتها 12 متراً مربعاً في مخيم برج البراجنة، لتقف السيدة دليندة محمد عزام وسط تلك الغرفة تعبئ الفحم وتبيعه لعدد من أصحاب المطاعم والمقاهي المجاورة، لتساعد بذلك زوجها في إعالة أطفالها الأربعة، وتوفر دخلاً شهرياً إضافياً يساهم في سد احتياجات العائلة.

تبلورت فكرة المشروع لدى السيدة دليندة من خلال انتشار واسع للمطاعم والمقاهي داخل المخيم وحوله، الأمر الذي يتطلب توفير مادة الفحم لتجهيز المأكولات وغيرها، وعدم وجود محلات كافية لبيع الفحم في هذه المنطقة، مما يدفع بأصحاب هذه المطاعم إلى اللجوء إلى محلات بعيدة لشراء الفحم، فعقدت دليندة العزم على إنشاء هذا المشروع، وفضلت الاجتهاد والعمل من أجل عائلتها، وتحقيق نوع من الاستقلالية الاقتصادية لها ولعائلتها.

وعلى الرغم من الأضرار الصحية التي قد تلحق بها وبعائلتها جراء وجود الفحم داخل المنزل، إلا أنها أصرت على تنفيذ المشروع، لتبدأ بتجاوز هذه العقبة من خلال استئجار غرفة صغيرة ملحقة بالمنزل، لتدخل من تلك الغرفة الصغيرة معترك الحياة التجارية، وتحقق بجدارة ما تصبو إليه من نجاح في إقامة أول مشروع من نوعه في المخيم.

تقول السيدة دليندة وهي منشغلة بتعبئة الأكياس وترتيبها: "لم يكن أحد يتوقع أن أقدم على تنفيذ هذا المشروع، فكوني سيدة وأم لأربعة أطفال جعل الكثيرين يظنون أنني غير قادرة على العمل، لكن إصراري على مساعدة زوجي في توفير دخل شهري إضافي يساعد العائلة، دفعني للتحدي والنجاح، واليوم غدا المشروع ناجحاً بكل المقاييس، وقادراً على سداد القرض من خلال جزء من أرباحه، فلولا إصراري، ولولا هذا القرض لم يكن المشروع لير النور أبداً، ولبقينا نبحث عن عمل يحقق لنا اكتفاءً اقتصادياً".

وتضيف: "لا يقتصر زبائن المحل على المخيم، بل هناك العديد من الزبائن من أصحاب المطاعم والمقاهي من خارج المخيم، وهذا ما يقوي عزيمتي، ويدفعني على الاستمرار، فالعمل يغنينا عن طلب المساعدات والمنح، وهذا هو ما نحتاجه اليوم، العمل العمل. فمشروعي اليوم مكنني اقتصادياً، وتلك هي فكرة البرنامج الذي تم تنفيذه لصالح اللاجئين الفلسطينيين هنا في لبنان، لتعزيز صمودنا إلى حين عودتنا إلى وطننا فلسطين".

مركز ترفيهي ... مشروع من تنفيذ الأب وإدارة ابن من ذوي الاحتياجات الخاصة

بحث جمال عبد المجيد كثيراً عن وسيلة يحاول بها التخفيف من معاناة ابنه ودمجه في المجتمع كسائر الأبناء، فلم يجد عبد المجيد وسيلة أفضل من إقامة مشروع صغير ليديره ابنه من ذوي الاحتياجات الخاصة. حصل عبد المجيد على قرض لينشئ مركزاً ترفيهياً يضم مجموعة من الألعاب الترفيهية لليافعين، بالإضافة إلى مقهىً صغير يقدم العصير والمأكولات الخفيفة، ليقوم ابنه بإدارة هذا المركز متحدياً إعاقته، ومثبتاً أن الإعاقة الحقيقية هي الاستسلام والانطواء عن الآخرين.

تجمع مجموعة من الأولاد حول إحدى الألعاب وبدأت ضحكاتهم بالارتسام على شفاههم، ليشاركهم الابن هذا المرح والتحدي قائلاً: "لي حكاية مع كل ركن في هذا المشروع، فلقد أصبح هذا المركز يعني لي كل شيء، أصبحت أشارك الأولاد ألعابهم وأتحداهم في معظم الألعاب، كما أنني أتعرف كل يوم على أصدقاء جدد، بعد أن كنت منطوياً بعض الشيء، غارقاً في أحزاني بعيداً عن الاختلاط بأحد".

ويضيف الابن وهو يقوم بترتيب بعض الأدوات الخاصة بلعبة كرة القدم المصغرة "البيبي فوت": "أشعر اليوم أنني ولدت من جديد، فلقد دخلت عالماً جديداً بعد أن قرر والدي تنفيذ هذا المشروع، أنا على يقين أن السبب وراء اختيار أبي لهذا المشروع ليس الدخل المادي بالدرجة الأولى، بل ليحثني على الاختلاط، وليحاول إقناعي بأن الإعاقة ليست نهاية العالم، بل هي محفز للمثابرة والاجتهاد من أجل التغلب عليها، والحمد لله نجح أبي في إخراجي من عزلتي، وها أنا اليوم أدير المشروع بنجاح، حتى بات هو عالمي".

وحول نجاح المشروع، يقول جمال عبد المجيد: "لم يكن باستطاعتي دمج ابني في المجتمع إلا من خلال هذا المشروع، فنظرة المجتمع له انقلبت رأساً على عقب، فبعد أن كانت نظرة شفقة، أصبحت الآن نظرة إعجاب واحترام، فلقد أصبح يدير مركزاً ترفيهياً لليافعين، أعجز أنا نفسي عن إدارته، كما أنه كوّن العديد من الصداقات من خلال هذا المشروع، الأمر الذي ساعده في تجاوز محنته".

صندوق الاستثمار الفلسطيني يساهم في التمكين الاقتصادي لمئات العائلات الفلسطينية في لبنان

وكما قالت السيدة دليندة، تقوم فكرة برنامج التمكين الاقتصادي للاجئين الفلسطينيين في لبنان على أساس تقديم قروض لمشاريع صغيرة ومدرة للدخل لسكان المخيمات والتجمعات الفلسطينية هناك، وذلك بهدف المساهمة في الحد من سوء الأوضاع الاقتصادية التي يعيشونها، وتوفير فرص عمل ودعم صمودهم إلى حين عودتهم إلى وطنهم فلسطين.

فلبنان تعتبر إحدى أكبر الدول العربية المحتضنة للاجئين الفلسطينيين، والذين يعيشون في 12 مخيماً، وتعاني هذه المخيمات من مجموعة كبيرة من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والصحية، فضلاً عن ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، ومعاناتهم من ظروف السكن السيئة والاكتظاظ وعدم وجود بنية تحتية مناسبة. كما يواجه الفلسطينيون في هذه المخيمات عدداً من التحديات الاجتماعية والمهنية، الأمر الذي تسبب في اعتماد الكثيرين منهم على المساعدات كمصدر رئيسي للدخل.

ومن هذا المنطلق، بادر صندوق الاستثمار الفلسطيني إلى إطلاق برنامج التمكين الاقتصادي، والذي يعمل في الوقت الراهن في مختلف التجمعات الفلسطينية في لبنان، حيث قدم البرنامج خلال المرحلة الأولى تمويلاً لأكثر من 240 مشروعاً، وبقيمة تجاوزت 400 ألف دولار أمريكي، في حين يتم العمل حالياً على توفير تمويل إضافي من أجل زيادة عدد المشاريع المستفيدة لتصل إلى 1,000 مشروع في الفترة القادمة.

وقد قام بتنفيذ البرنامج في لبنان مجموعة من مؤسسات الإقراض العاملة هناك، وهي: الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وجمعية النجدة الاجتماعية، والمؤسسة اللبنانية للتنمية – المجموعة، حيث وقع الصندوق اتفاقيات مع تلك المؤسسات بهدف متابعة آليات التنفيذ واختيار المشاريع وغيرها من الأمور الإدارية، إلى جانب إجراء زيارات ميدانية للمخيمات والاطلاع على الأوضاع المعيشية فيها.

وعن دور مؤسسات الإقراض التي شاركت في البرنامج، تقول السيدة كنانة رحمة مسؤولة القروض في الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في لبنان: "لقد نبعت سعادتنا الحقيقية من نجاح تلك المشاريع، وهذا هو هدفنا الرئيسي في هذا البرنامج، إننا نقوم بزيارات ميدانية دورية للمخيمات، وذلك للاطلاع على احتياجاتها ومتابعة المشاريع التي تم تنفيذها من خلال هذا البرنامج، فهو بالفعل قد حقق التمكين الاقتصادي لمئات العائلات الفلسطينية في لبنان، ووفر كذلك المئات من فرص العمل لهم".

وتعليقاً على قصص النجاح التي حققها برنامج التمكين الاقتصادي لأهلنا في لبنان، قال الدكتور محمد مصطفى، رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني: "كالتزام أخلاقي ووطني، وعلى اعتبار أن شعبنا الفلسطيني في مخيمات لبنان تجرع ألم التهجير والحرمان، وبتوجيهات من سيادة الرئيس محمود عباس، تحتم على الصندوق كونه مؤسسة فلسطينية تحمل هم الوطن والمواطن، أن تعمل بكل الوسائل والأدوات المتاحة من أجل التخفيف من معاناة أهلنا في لبنان، لذلك، أطلق الصندوق هذا البرنامج الذي حقق مجموعة كبيرة من قصص النجاح، ليساهم في إقامة مشاريعهم الخاصة بهم، توفر لهم دخلاً مادياً ويحقق لهم استقلالية اقتصادية بعيدة عن الاعتماد على المساعدات".

المصدر: شبكة فلسطين الإخبارية