حماس تطمح إلى علاقة دافئة مع الرياض
الخميس، 26 شباط، 2015
ثمة مؤشر على إمكانية انعطاف العلاقة بين حركة حماس والأقطار العربية
خصوصا المملكة العربية السعودية نحو تحسن تدريجي، على ضوء التقارب بين الدوحة والرياض.
ولا يعد الحديث عن إحراز تقارب في العلاقة مع مختلف الأطراف أمرا صعبا
أو مستحيلا إذا ما التقت المصالح أو على الأقل توفرت النوايا، وعليه يؤكد مراقبون وجود
فرصة حقيقية للمصالحة بين جماعة الإخوان المسلمين التي تمتد إليها حماس ايديولوجيا،
والسعودية في ظل الملك الجديد سلمان بن عبد العزيز.
وتتطلع الحركة إلى علاقة دافئة مع السعودية التي تحظى بثقل سياسي واقتصادي
كبير في المنطقة، ولها تأثير بشكل خاص على النظام الحاكم في مصر الذي حظرها مؤخرا بوصف
جناحها العسكري كتائب القسام "بالإرهابية".
ويمكن قراءة المشهد بعمق من خلال التحسُّن التدريجي للعلاقة بين قطر
والسعودية، خصوصا بعد الاجتماع الذي جمع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز،
مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني مؤخرا، وجرى خلاله استعراض العلاقات الثنائية بين
البلدين الشقيقين وسبل دعمها في شتى المجالات، وبحث مستجدات الأوضاع على الساحات الخليجية
والعربية والدولية.
ورغم أن حماس المحسوبة على محور قطر، تسير ببطء في العلاقات الخارجية
نتيجة للأوضاع المضطربة التي تمر بها المنطقة، إلا أنها ما تزال تعول على الامتداد
العربي في دعم القضية الفلسطينية، خصوصا في هذا التوقيت الذي تستثمره (إسرائيل) في
فرض مزيد من الوقائع على الأرض.
وسبق أن لخص نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، موقف حركته
بالقول "إن حماس تتطلّع إلى علاقات مستقرّة وثابتة مع السعوديّة، الّتي تمثّل
ثقلًا دينيًّا وعربيًّا واقتصاديًّا وإقليميًّا ودوليًّا للشعب الفلسطيني".
ويشير عدد من الكتَّاب ومنهم ابراهيم المدهون إلى حرص حماس على إعادة
العلاقة مع المملكة إلى ما كانت عليه قبل حالة الفتور التي اكتنفتها أواخر عهد الملك
عبد الله بن عبد العزيز، مؤكدا أن هناك إدراكًا وإقرارًا بأهمية دور المملكة المركزي
والمؤثر في أحداث المنطقة العربية والإقليم بشكل عام.
ويتقاطع قول المدهون مع ما جاء به المحلل السياسي عدنان أبو عامر، بأن
الأجواء داخل حماس متفائلة بالملك الجديد سلمان، أملًا منها بأن يحدث تغيير في السياسة
الإقليمية للسعودية، خاصة وأن قيادة حماس تمتلك علاقات جيدة مع ولي العهد الجديد الأمير
مقرن، حين شغل منصب رئيس الاستخبارات سابقا.
ولا يمكن أن نقرأ إحداث أي تحسُّن على العلاقة، دون قراءة الواقع القائم
في المنطقة، على ضوء سيطرة الحوثيين على اليمن، وخشية الرياض من تأثير ذلك على المملكة
وخاصة في ظل تمدد الهلال الشيعي.
وينقل أبو عامر عن أوساط في حماس توقعاتها بأن تحدث السعودية تغييرات
في سياساتها اتجاه الإخوان المسلمين؛ بسبب سيطرة الحوثيين على اليمن، والتغيرات المالية
في سعر النفط، والحراك في منطقتها الشرقية.
وللدلالة على نوايا تحسين العلاقة، صرح وزير الخارجية السعودي، سعود
الفيصل، بأن بلاده ليس لديها مشكلة مع الإخوان المسلمين عموما، وقال "مشكلتنا
مع فئة قليلة، هذه الفئة تقول إن في رقبتها بيعة للمرشد".
وبالتالي فإن مراقبين يرون أن حماس التي توترت علاقتها بالرياض بعد
فشل اتفاق مكة للمصالحة مع فتح برعاية الملك الراحل، من الممكن أن تستعيد هذه العلاقة
في ظل الأجواء المريحة نسبيا، وذلك من أجل كسب مزيد من التأييد بما يضمن تخفيف الحصار
المفروض على قطاع غزة.
ويقول أبو عامر "الملك سلمان سيكون معنيًا بترميم الكثير من العلاقات
التي أصابها بعض التوتر في المنطقة مع السعودية، ومن ضمنها حماس".
ومما لا شك فيه، أن تقارب الحركة مع السعودية، ربما يؤدي لتوتر العلاقة
مع ايران التي تمثل ندا قويا للرياض في المنطقة، وهذا الأمر قد يعوق تحسُّن العلاقات
في الوقت القريب.
غير أن المتحدث باسم حماس، حسام بدران، قال إن حركته "لا تنطلق
في علاقاتها الإقليميّة بالاقتراب من طرف على حساب آخر، ولا تريد علاقة مع إيران على
حساب السعوديّة، فالحركة بعيدة عن منطق المحاور مع أو ضدّ، ونحن نرحب بأيّ علاقة لخدمة
مشروعنا السياسيّ الوطنيّ".
وعلى ضوء هذه السياسة البراغماتية، يمكن القول إن التحسُّن في العلاقة
قد يشق طريقه في الأيام المقبلة، ما لم يطرأ جديد في المنطقة يضاعف من حدة التوتر القائم
ويزيد الأوضاع سخونة، وبخاصة فيما يتعلق بالصراع ضد ما يعرف بـ"داعش" الذي
يخطف الأنظار عن باقي المسائل الهامة في الشرق الأوسط.
المصدر: الرسالة نت