دراسة لمركز الزيتونة حول هدم أنفاق
غزة
المركز الفلسطيني للإعلام
تحت عنوان "هدم الأنفاق على
الحدود المصرية الفلسطينية: خلفياته وتداعياته "أصدر مركز الزيتونة للدراسات
تقديره الإستراتيجي الحادي والستين.
وجاء في التقرير الذي حصل عليه
"المركز الفلسطيني للإعلام" إنه كان لإجراءات تدمير الأنفاق، آثار كبيرة
في زيادة معاناة أبناء قطاع غزة، مستبعدا في المرحلة الحالية أن تحدث اجتياحات
عسكرية للقطاع، غير أنه "على ما يبدو فإن سياسة خنق القطاع ستستمر، سعياً
لتفجير الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في وجه حماس، ومحاولة تأليب
الجماهير ضدها، وصولاً إلى إسقاطها".
وحسب التقرير فإن "المصالح
الوطنية والقومية والإنسانية تقتضي رفع الحصار عن قطاع غزة. وكما أن على قيادة
حماس تأكيد عدم تدخلها في الشأن الداخلي المصري؛ فإن على قيادة السلطة في رام الله
العمل الإيجابي لرفع الحصار، وعلى الطرفين تغليب المصالح العليا، من خلال تسريع
إجراءات المصالحة الوطنية وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني".
تاريخ الأنفاق:
وتناول التقدير تاريخ الأنفاق، حيث
بدأت ظاهرة الأنفاق على الحدود المصرية الفلسطينية منذ عام 1982، إذ كانت تستخدم
لإدخال مواد وبضائع متنوعة من مصر إلى قطاع غزة، لكن الظاهرة تعاظمت بعد فوز حركة
حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في كانون الثاني/ يناير 2006، وعلى إثر
فرض الحصار الكامل على الحكومة الفلسطينية في غزة بهدف إسقاطها من قبل الاحتلال.
وتابع؛ إن شبكة الأنفاق على الحدود
المصرية الفلسطينية أصبحت شريان حياة للقطاع المحاصر برياً وبحرياً وجوياً منذ
حوالي سبع سنوات، وقال إنه "لضبط عمل هذه الشبكة من الأنفاق باعتبارها قنوات
رئيسية للاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة؛ قامت الحكومة الفلسطينية في غزة بإنشاء
هيئة خاصة لتنظيم عمل هذه الأنفاق؛ أتبعتها لوزارة الداخلية والأمن الوطني".
وعلى إثر الاحداث في مصر، قام الجيش
المصري بتشديد الحصار على قطاع غزة؛ عبر إجراءات غير مسبوقة، فدمر ما يقرب من 90%
من الأنفاق على الحدود، وقد أعلن المتحدث العسكري المصري أحمد محمد علي في بداية
أيلول/ 2013، أن الجيش المصري دمر 343 نفقاً بين مصر وقطاع غزة.
كما شرع الجيش المصري في خطوة متقدمة
بإقامة منطقة عازلة على طول الحدود مع غزة بعرض 500 متر، مما تسبب في تهجير كبير
للتجمعات السكانية المتاخمة للحدود، في مناطق صلاح الدين، والبراهمة، وكندا،
والبرازيل، والصرصورية وغيرها، علاوة على غلق المنطقة البحرية بين مصر وقطاع غزة.
الآثار الاقتصادية والسياسية لهدم
الأنفاق على قطاع غزة:
أدى الحصار الخانق بسبب تدمير
الأنفاق إلى ارتفاع معدلات البطالة ومستوى الفقر إلى ما يزيد عن 40% في قطاع غزة.
وفقد عشرات الآلاف من العمال أعمالهم، وفي تصريح لوزير الاقتصاد الفلسطيني
"علاء الرفاتي" أفاد فيه أن الخسائر الاقتصادية في قطاع غزة بلغت 460
مليون دولار حتى مطلع أيلول/ سبتمبر 2013.
أما الانعكاسات السياسية لهدم
الأنفاق على المشهد الفلسطيني، فإنه لا شكّ أن هدم الأنفاق وما له من تأثيرات
اقتصادية واجتماعية على قطاع غزة على مستوى الشعب والفصائل والحكومة، سيفرز
تأثيرات سياسية بالغة على الواقع السياسي الفلسطيني، وقد بدت آثاره على المشهد
الفلسطيني برمته.
السيناريوهات المحتملة لحملة هدم
الأنفاق:
1. سيناريو الانفراج: ويتفرع إلى
فرعين:
-التوصل عبر حوار فلسطيني لإدارة
مشتركة لمعبر رفح بالتوافق مع القاهرة، وبالتالي تنحل الأزمة بوجود أفراد من حرس
الرئاسة الفلسطينية على معبر رفح.
-العودة للصيغة القديمة ما قبل عزل
الرئيس مرسي، بسبب ضغوط شعبية أو رسمية دولية وإقليمية على الحكم الجديد، فتضطر
القاهرة إلى فتح معبر رفح بشكل طبيعي.
2. سيناريو الفوضى:
تولد سخط شعبي عارم بسبب الحصار
الخانق، ونجاح حركة تمرد غزة بخلق فوضى في قطاع غزة، قد يجبر قوى الأمن الفلسطيني
في غزة على استخدام قوة مفرطة ضد الجماهير، مما يؤدي لانفجار الوضع العام،
وبالتالي تفقد الحكومة سيطرتها على القطاع.
3. - سيناريو التصعيد العسكري:
ويتفرع إلى فرعين:
-اجتياح عسكري محدود عبر الحدود
المصرية بهجوم من قبل الجيش المصري، بقصد الضغط على الحكومة في غزة لإسقاطها،
وإدخال مجموعات فلسطينية من سيناء لقطاع غزة من القوى التي يديرها محمد دحلان.
-أو: اجتياح عسكري صهيوني شامل بهدف
اقتلاع حكم حماس من غزة، وإعادة السلطة الوطنية لقطاع غزة ثانية.
4. - سيناريو الخنق والانتظار:
أن تزداد درجة الحصار تدريجياً لخنق
حكومة غزة ولكن بدرجة محسوبة، لتأليب الشعب عليها، وخلق المتاعب لها، بانتظار أن
تستقر الأمور للحكم الجديد في مصر، للنظر في خيار حاسم فيما بعد.
ولعل السيناريو الأخير هو الأرجح،
لأنه الأقل كلفة، والأنسب حتى الآن في ظل التحديات والعقبات الكبيرة التي تواجه
السيناريوهات الأخرى، ولأن العامل الصهيوني وهو المرجح في المعادلة الحالية
القائمة ربما يفضل ذلك، ولا يمنع أن يحدث مزج بين السيناريوهات المتقاربة في حال
نضوج الظروف المناسبة لذلك، كالتقاء السيناريو الثاني مع الرابع.
التوصيات:
-على الأطراف الفلسطينية تغليب
المصلحة الوطنية بالإسراع للتوصل لتوافق فلسطيني لإدارة معبر رفح وبالتنسيق
المشترك مع مصر لإنهاء مأساة غزة إنسانياً، على أقل تقدير.
-على الأمانة العامة بالجامعة
العربية أن تدعو لاجتماع عاجل لوزراء الخارجية العرب لبحث حصار غزة، ولإيجاد صيغة
توافقية لفتح معبر رفح.
-ينبغي لمؤسسات حقوق الإنسان العربية
والدولية أن تتبنى حملة واسعة منسقة، في إطار إنساني على مستوى إقليمي ودولي، من
أجل الدعوة لفتح معبر رفح وإنهاء الحصار الخانق عن غزة.
-على الحكومة الفلسطينية في غزة أن
تجهد لإقناع كافة الأطراف الفلسطينية لإدارة قطاع غزة على قاعدة الشراكة الوطنية،
وأن تعمل على تعميق الحوار بين كافة المكونات السياسية لتمتين اللحمة الوطنية. وأن
تضبط أداء المقاومة بالتوافق مع الفصائل الأخرى.
-على القوى السياسية الرسمية
والشعبية، وجميع الأحزاب والمؤسسات والمنظمات المعنية أن تتواصل مع السلطات
المصرية لدفعها باتجاه فتح معبر رفح، بناء على المنطلقات الوطنية والقومية
والإنسانية.