
بيروت|| خاص - شبكة لاجئ نت
لم تكن مجزرة عين الحلوة مجرد جريمة دموية
ارتكبها الاحتلال بحق فتيان وشباب كانوا يمارسون الرياضة في ملعب مدني داخل
المخيم، بل كشفت أيضًا عن هشاشة البنية الإنسانية والخدماتية التي توفرها وكالة
الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في لبنان.
مع انشغال الأهالي برفع أشلاء أبنائهم، تصاعدت
أصوات الاتهام ضد إدارة الوكالة، وعلى رأسها المديرة العامة في لبنان دوروثي
كلاوس، التي يُنظر إليها بوصفها شريكًا غير مباشر في العدوان عبر سياساتها
الإدارية وصمتها بعد الحادث، وفق ما يراه ناشطون وشخصيات مجتمع مدني في المخيمات.
مسؤولية غائبة… واتهامات حاضرة
رغم عدم وجود أي دليل على علاقة مباشرة بين
كلاوس والمجزرة، إلا أن السياسات المتبعة تحت إدارتها تعكس ضعفًا واضحًا في حماية
المخيمات.
تقول مصادر فلسطينية من داخل المخيم
لـ"لاجئ نت": "نحن لا نتهم "المديرة العامة" بالقتل، لكن
الإدارة الحالية للأونروا تركتنا مكشوفين بلا حماية، بلا خطط طوارئ، بلا استجابة
حقيقية في الأزمات”.
وتشير الوقائع إلى عدد من النقاط التي يرى
المجتمع المحلي أنها ساهمت في تعميق الفاجعة:
·تقليص الخدمات الأساسية، ما جعل المدارس والمراكز الصحية أكثر هشاشة.
·غياب خطط الطوارئ، رغم تحذيرات متكررة من احتمالات تصعيد العدوان ضد
لبنان والمخيمات.
·إهمال الوكالة لتوفير الحماية
للمنشآت الحيوية في المخيمات، بما
في ذلك الملاعب والمراكز المجتمعية.
·ضعف الاستجابة الرسمية بعد وقوع المجزرة، مع صمت يثير تساؤلات حول
المسؤولية الأخلاقية.
ويؤكد خبراء إن ترك المخيمات مكشوفة للفقر
والعنف يجعل أي عدوان أكثر فتكًا، ويضع من يقود الوكالة في دائرة مساءلة معنوية، حتى
في غياب تورط مباشر.
سياسات تولّد هشاشة… والهشاشة تستجلب الدم
منذ توليها منصبها، اعتمدت إدارة كلاوس سياسات
لتقليص الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية، إلى جانب إدارة متوترة في علاقاتها
مع المجتمع اللاجئ.
ويشير مراقبون إلى أن هذه السياسات خلقت بيئة
هشة انعكست على:
·البنية المجتمعية: ضعف الروابط الاجتماعية والمجتمعية داخل المخيم.
·القدرة على الصمود: تراجع الدعم النفسي والاجتماعي للشباب والعائلات.
·منظومة الحماية: غياب خطط وقائية أو تجهيزات طارئة لمواجهة أي عدوان
أو أزمة.
ويضيف أحد المدرسين في المخيم لـ"لاجئ
نت": "كنا نعرف أن المخيم معرض للخطر، لكن لم نكن نتصور أن نكون بلا أي
حماية فعلية، وأن يتحول الملعب الذي نلعب فيه إلى مكان مأساة”.
الصمت بعد المجزرة… جريمة أخلاقية إضافية
أثار صمت إدارة الوكالة بعد المجزرة غضب الشارع
الفلسطيني. لم تُعلن حالة طوارئ، ولم تُصدر نداء استغاثة دوليًا، ولم تُظهر أي
تضامن مع الأهالي، ما اعتبره ناشطون تجاهلًا متعمدًا لمعاناة الضحايا.
ويرى هؤلاء أن الصمت يعكس:
·تجاهلًا دمويًا لشهداء المجزرة.
· استخفافًا بغضب ومأساة المجتمع
الفلسطيني في المخيم.
·ضعفًا إداريًا وأخلاقيًا في التعامل مع الأزمات الطارئة.
كما أشارت تقارير محلية إلى أن التأخر في اتخاذ
خطوات عاجلة لتأمين الأهالي ورفع الجثث ساهم في زيادة الغضب الشعبي، وعزز
الاتهامات المعنوية للإدارة الحالية للأونروا.
الشارع الفلسطيني يطالب بالإقالة
منذ اليوم التالي للمجزرة، تحوّل الحراك الشعبي
من احتجاج على سياسات الأونروا إلى دعوات صريحة لإقالة المديرة العامة.
وتتكرر الهتافات والبيانات الشعبية والفصائلية
في المخيمات، مطالبة بوقف إدارة تُعتبر "غير قادرة على حماية اللاجئين، وتتجاهل
المعاناة، وتساهم في تفاقم المخاطر”.
ويشير ناشطون إلى أن الدعوات لم تعد تقتصر على
رفع مطالب خدمية، بل تجاوزتها إلى مطلب سياسي واضح: محاسبة المسؤولين عن سياسات
أدت إلى خلق بيئة قابلة للانكسار أمام أي عدوان.
خلفية تاريخية: هشاشة المخيمات والأونروا في
لبنان
تعاني المخيمات الفلسطينية في لبنان منذ عقود
من ظروف اقتصادية صعبة ونقص الخدمات الأساسية، فيما تواجه الأونروا تحديات مالية
دولية مستمرة.
ويرى محللون أن السياسات الأخيرة للأونروا،
التي تضمنت تقليصًا في الميزانيات وتقليص بعض الخدمات، زادت من هشاشة المخيمات،
وجعلت اللاجئين أكثر عرضة للاعتداءات والعنف.
وتؤكد التقارير أن المخيمات التي شهدت المجزرة
كانت من بين الأكثر ضعفًا على صعيد الخدمات، مع افتقار واضح للبنية التحتية
الأمنية والخدمية، ما جعل أي عدوان أكثر كارثية.
بين المجزرة والسياسة… أين الحقيقة؟
الحقيقة واضحة بحسب مصادر محلية:
·الاحتلال هو المسؤول عن اغتيال الفتيان والشباب.
·الأونروا بإدارتها الحالية فشلت في حماية المخيمات قبل المجزرة، ولم
تدعم الأهالي بعدها.
وتشير المصادر إلى أن الأمر لا يتعلق بشبهة
جنائية، بل بمسؤولية أخلاقية وإنسانية تُبقي إدارة الوكالة تحت ضغط المطالب الشعبية
والسياسية لعزل قيادتها في لبنان.
كما تؤكد شهادات الأهالي أن استمرار الوضع دون
محاسبة أو إصلاح قد يزيد من انعدام الثقة بين اللاجئين الفلسطينيين ووكالة
الأونروا، ويهدد السلم الاجتماعي في المخيمات بشكل أوسع.