رمضان قبل النكبة ذكريات من عبق الحرية
الإثنين، 06 آب، 2012
يستذكر مسنون في جنين عاشوا في فلسطين المحتلة عام 1948 قبل أن يهجروا منها عقب النكبة فعاليات رمضان في ذلك الوقت، والتي كانت تشير إلى الترابط والتآخي والبساطة والطقوس التقليدية النابعة من أصالة شعبنا.
ويصف الحاج أحمد سليمان صبح - والذي هجر من قرية الريحانية القريبة من حيفا عام 1938 - أجواء رمضان في قريته قائلا: كانت بلدتنا أربع حارات، ولم يكن لدينا مسحراتي، وكان الناس يوقظون بعضهم البعض، وكنا نذهب إلى المسجد الذي تبرع بغرفته محمود الحسين، وفي وقت الإفطار كنا نعمل "حوطة"، وفيها يجتمع الرجال والنساء على انفراد، ومن كان يذبح يرسل لأقاربه وجيرانه.
ووفق صبح، فقد كانت الأكلات الأكثر شهرة هي "المفتول والبرغل" أما السحور فمن مشتقات الألبان والدواجن التي كانت تملكها القرية، و"كنا نذهب لعيون الريحانية لتعبئة المياه الباردة".
ويضيف: اشتهرت قريتنا بأكلة "بنات العيد"، وفيها تطوف الصبايا على البيوت لجمع البرغل والسمن، ويخترن ثلاث نساء ليطبخن الطعام ويوزعنه يوم العيد على البلد وأهلها.
أما الأولاد فكانوا يذهبون إلى "المراجيح" التي تجهز من حبال المشتغلين بتحميل الجمال، وتربط بأشجار كبيرة في البيارات المجاورة للريحانية.
الموالد في رمضان
ويشير الحاج أحمد عبد الله دغمان، والذي ينحدر من الكفرين المتاخمة لحيفا عام 1936 إلى أجواء رمضان قبل 48 قائلا: كان أهالي البلد يتبرعون لقراءة المولد والمدائح النبوية الرمضانية مرة كل ليلة في بيت مختلف، وكنا نخشع ونحن نستمع إليها.
أما المأكولات فكانت تصنع على الجاروشة المنزلية من البرغل، وتعد النسوة الشعيرية البيتية، ويأكل الناس مما يزرعونه في أراضي سهل الروحة، فيما كان الناس يجتمعون للإفطار معاً في مجموعات.
وأردف: كان المسحراتي الشيخ عبد الله يوقظ الناس، ويلف على الحارات، ونصلي معاً التراويح، وكنا نذهب في رمضان إلى مقر "الولي" الشيخ مجاهد. أما النساء فكن يذهبن لتعبئة المياه من عيون القرية: البيادر، والبلد، وحمد، وصلاح، وادي البزاري، والحنانة، وغيرها، قبل موعد الإفطار بقليل.
تواصل مع الأزهر
ويقول الحاج محمد صالح العرجا والمنحدر من الفالوجة - التي ولد فيها في خريف عام 1934 -: كانت بلدتنا متطورة، وفيها بلدية، وأربع مخاتير، وشبكة مياه، وسوق كبير، وكنا نستقبل شهر رمضان بتجهيزات خاصة، بعد أن نعرف ثبوت من علماء الأزهر بمصر، وكانت تنشط لدينا الزوايا الصوفية الأربع، ونستمع إلى دق الطبول والموالد الرمضانية.
وأشار إلى أن ما كان يميز الفالوجة، أن رجالها كانوا يحافظون يومياً طوال الشهر الفضيل، على تقليد اسمه (الخروج)، فيحمل كل واحد منهم طبقاً من الطعام، ويجتمعون في مجالس الحارات، ويأكلون معاً، وكانت البلدية تنير الشوارع بفوانيس الكاز من بعد العصر وحتى أن ينفذ ما فيها من وقود.
واستطرد قائلا: كان لكل حارة مسحراتي خاص بها، وكنا نسمع إلى خليل الراعي، وهو يقرع الطبل ويصحي الناس من نومهم، ولا ننسى (المفتول) الأكلة الشعبية في رمضان، والمنسف دون أرز، أما الحلويات فأشهرها المطبق، وكان تجار غزة يحضرون لأسواقنا النمورة.
ويضيف: سقطت بلدنا بعد صمود طويل، وأذكر أن ذلك كان في رمضان، وكنت صائماً، وأغمي علي من العطش، فأدخلني والدي إلى المقهى، وأشربني العصير، وأتذكر وجود الجيش المصري في بلدنا، وكيف كان الجو في رمضان معهم. ولا أنسى كيف أن الحصّادين هربوا من جيش الاحتلال من السهل القريب إلى داخل البلد، وهم يحملون المناجل من جيش الاحتلال.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام