«ستائر العتمة».. فيلم يجسّد صمود الأسرى
السبت، 29 آب، 2015
من عتمة "سجن الفارعة"
قضاء طوباس شمال الضفة الغربية المحتلة، وأقبية التحقيق الشاهدة على تلك العذابات التي
عانى منها آلاف الأسرى الفلسطينيين، خرجت رواية "ستائر العتمة" للكاتب الفلسطيني
وليد الهودلي إلى النور في فيلم سينمائي أخرجه الفلسطيني محمد فرحان الكرمي.
رواية "ستائر العتمة"
التي بقيت حبرًا على ورق لمدة 14 عاما، حيث صدرت النسخة الأولى منها عام 2001، ولاقت
اهتماما واستحسانا كبيرين في حينه، تحولت إلى فيلم سينمائي يحاكي التجارب الاعتقالية
للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني.
وقال الكاتب الهودلي في
حديث خاص لـ"قدس برس"، "مع تطور الحياة وتقدم الإنتاج المرئي كان لزاما
أن تخرج الرواية من صفحات الكتاب إلى الشاشات المرئية عبر عين الكاميرا، لتجسد تلك
العذابات التي مر بها الكاتب نفسه وآلاف الشباب الفلسطيني في سجون الاحتلال".
ضرورة وطنية
وأوضح الهودلي، أن فكرة
الرواية بدأت بعد بداية انتفاضة الأقصى الثانية، حيث بدأ وقتها بدخول الأسر مئات الشبان
الذين كانوا يفتقرون لأدنى معلومات يمكن أن يواجهوا بها المحققين الصهاينة ومكائدهم،
مضيفا "كان التوجه لإيجاد مادة مكتوبة تصل للشباب قبل دخولهم الأسر، وتكون بمثابة
الإعداد والتثقيف للشباب الفلسطيني، وكانت الرؤية في أن تكون رواية حية أفضل من أبحاث
ودراسات جافة".
وقام الهودلي بكتابة الرواية
وهو في سجون الاحتلال عام 2000، وتهريبها لخارج السجن، وبقيت لمدة سنة مختفية حتى تم
طباعتها في نسختها الأولى عام 2001، وانتشرت بشكل كبير، لتطبع بعد ذلك 9 طبعات أخريات.
وفي السياق ذاته، بيّن مدير
دائرة الإعلام بـ"هيئة شؤون الأسرى" ثائر شريتح، أن فيلم "ستائر العتمة"
الذي يلخص في 70 دقيقة معظم الخروقات والانتهاكات الوحشية التي يمارسها سجانو الاحتلال
الإسرائيلي بحق الأسرى الفلسطينيين، هو ترجمة مرئية للرواية التي قُدمت بجزئين خلال
السنوات السابقة.
وأضاف شريتح "الفيلم
يوثق أيضا صراع الإرادات ونضالات الأسرى في مقاومة المحتل وسلطاته القمعية في الزنازين
وغرف التحقيق، حيث شارك في إنجاز الفيلم عشرات الممثلين من فلسطين والأردن، وهو من
إخراج الفلسطيني محمد فرحان الكرمي".
"الأسير
ليس رقما"
من جانبه، قال المخرج الفلسطيني
محمد الكرمي "إن الأسير الفلسطيني ليس رقما، لذلك كانت هذه رسالة الفيلم للعالم،
فهو يعبر عن واقع الأسرى المرير، ويوفر مادة عن صمود الأسرى المسلحين بإيمانهم وانتمائهم
الوطني رغم آلامهم وتعذيب عائلاتهم".
وأوضح الكرمي، أن السجن
الذي تم تصوير مشاهد الفيلم في زنازينه وغرفه أضفى واقعية للمشهد المرير، فالمخرج نفسه
كان أسيرا عام 1995 في السجن ذاته الذي انسحبت قوات الجيش الإسرائيلي منه عام 1995
بعد اتفاقية "أوسلو" للسلام الموقعة بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل"،
وتحوّل إلى مركز لتأهيل الشباب.
ترغيب وترهيب
وقدم الفيلم في عرضه الأول
بمدينة رام الله يوم الثلاثاء الماضي، قصة الأسير "عامر" الذي اعتقل بعد
تنفيذه هجوما على دورية صهيونية مع مجموعة مقاومة، لكنه رفض الاعتراف رغم سلسلة طويلة
من أساليب التحقيق النفسية والجسدية متمثلة بشتى أنواع الترغيب والترهيب.
عامر الذي جسّد شخصيته الشاب
محمد العاروري، يواجه محاولة المحققين الصهاينة ابتداءً بخداعه بالمعاملة الجيدة حتى
أن أحدهم دعاه لمشاركته السجائر والفضفضة معا، ثم إيهامه باعتراف رفاقه وانكشاف تفاصيل
تخطيطهم وتنفيذهم للعملية.
ويمثل عامر شخصية الأسير
الصلب الذي يرفض الاعتراف ويشكك في كل ما يجري حوله، فيتحول المحققون إلى أسلوب الضغط
عليه نفسيا باعتقال زوجته وتهديدها، وصولا إلى تعذيبه جسديا وعزله في زنازين انفرادية.
خدمة للقضية
ذكر الروائي الهودلي، أن
المشكلة الأساسية في الإنتاج الدرامي تكمن بالتكلفة الباهظة، لافتا إلى أن الترجمة
السينمائية لروايته احتاجت ميزانية زادت عن 150 ألف دولار، وقامت على جهد مجموعة من
الأفراد "قاموا بمغامرة إن لم تنجح فلن يكون هناك أي إنتاج آخر بهذه القوة"،
على حد قوله.
وأضاف الهودلي "وسائل
الإعلام الفلسطينية تقبّلت، ولديها النهم لاستقبال مثل هذه المواد، لكن المشكلة الأساس
هو عدم وجود ميزانيات عالية لتنفيذ مثل هذه الأعمال بهذه التكلفة، وتجربة الأفراد إن
لم يلحقها ويدعمها المؤسسات والجهات المختصة فإنها ستموت وستضعف، وحاليا ينتظرون النجاح
في التسويق حتى يقرروا الاستمرار أو لا".
ونوه إلى أن "ستائر
العتمة" سبقها العديد من الأعمال الدرامية، والتي كانت تندرج تحت عنوان
"دراما في خدمة أسرانا"، وتمثلت في أعمال عديدة كمسرحية "النفق"
التي تحدثت عن الأسرى المعزولين، وفيلم الرسوم المتحركة ثلاثي الأبعاد "مدافن
الأحياء" الذي تناول قضية الإهمال الطبي في معتقلات الاحتلال، وغيرها.
وشدد الهودلي، على أن هذه
الدراما يجب أن تكون "ثقافة عامة"، فهي جزء مهم في الصراع مع المحتل، وإفشال
مخططات العدو في كيّ الوعي الفلسطيني، مؤكدا على أن "الصراع اليوم هو صراع أدمغة
ووعي ومعرفة، وأن الجهل عدو، وقد تصل إلى أن تكون خيانة من غير علم"، على حد تعبيره.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام