القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 27 كانون الأول 2024

تقارير إخبارية

سوء التغذية يفتك بأطفال غزة بفعل التجويع الإسرائيلي


الخميس، 05 كانون الأول، 2024

لعل الأطفال هم الفئة الأكثر استهدافًا من جيش الاحتلال الإسرائيلي، في أتون حرب الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة منذ 14 شهرًا، وهم الذين يموتون بقنابل الاحتلال والتجويع والأمراض.

وبفعل سياسات الاحتلال الإسرائيلي بالتجويع الممنهج تتفاقم في قطاع غزة مسألة سوء التغذية الحاد لدى الأطفال، ما يؤدي إلى وفاتهم، وهزال شديد في أجسامهم.

50 ألف طفل بغزة يعانون سوء تغذية

منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف قالت في تقرير لها إن 50 ألف طفل فلسطيني يعانون في قطاع غزة من سوء تغذية حاد، جراء إطباق الاحتلال الإسرائيلي حصاره على السكان، في حين أكدت وزارة الصحة في غزة أن مليون طفل يتهددهم سوء التغذية.

وتمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي إدخال المواد الغذائية إلى قطاع غزة، والمواد الأساسية بشكل عام، وصولًا إلى منع إدخال الدقيق ما أدخل القطاع في أتون مجاعة رهيبة، يقاسي الناس فيها الحصول على لقمة تبقيهم على قيد الحياة.

هذه المجاعة يدفع بكل تأكيد ثمنها الأكبر الأطفال، وهم الفئة التي دفعت من الدم الكثير حيث وثقت تقارير الجهات الحكومية في غزة استشهاد 18 ألف طفل بفعل قنابل الاحتلال وصواريخه، ناهيك عن حرمان ما يقارب مليون طفل من الصحة والتعليم والتغذية السليمة.

حياة طفلة تعاني الهزال

المواطنة ياسمين أبو العطا تتردد باستمرار على مراكز العناية بالأطفال، حينما رأت معالم الضعف والهزال على جسد طفلتها "حياة” ذات 5 أشهر.

تقول أبو العطا إن طفلتها حياة لا تتجاوب مع الحليب، وأنها قررت علاجها ليقيمها الأطباء بحالة سوء تغذية حاد، حيث كان وزنها لا يتجاوز 4 كيلو جرامات، موضحة أنها تعاني بتوفير ما يلزم من تغذية لطفلتها سواء الحليب المدعم بالمعادن والفيتامينات، أو المكملات الغذائية المختلفة.

تناشد بوقف الحرب وإدخال ما يلزم لإغاثة الناس لاسميا الأطفال، متسائلة: بكفي قتل بالأطفال، والآن يجوعون ويحرمون من التغذية، أي ظلم هذا أي عار هذا.

تجويع ممنهج

الدكتور مروان الهمص -مدير المشافي الميدانية بوازرة الصحة بغزة- أكد أنهم لا يجدون ما يعطونه لحالات سوء التغذية التي تصلهم بسبب الحصار الإسرائيلي المطبق.

وشدد أن تلك الحالات تتفاقم وضعها بشكل كبير، ما قد يؤدي إلى الوفاة.

التجويع الممنهج في قطاع غزة وسياسة إطباق الحصار، أدت لوفاة عشرات الفلسطينيين، فيما يقاسي الآلاف ويلات الجوع والهزال، ويخوضون يوميات قاسية لسد رمقهم ورمق أطفالهم.

وتؤكد تقارير أن المجاعة في قطاع غزة متفشية على مستوى عدم وجود أي قيمة غذائية يتناوله الناس، حتى الطحين بات عملة نادرة، وإذا توفر فلا رديف له سوى بعض الدقة والزعتر.

وهنا السؤال الأبرز والأكبر، ماذا حل بأجسام مليون طفل في قطاع غزة، أمام سوء التغذية بهذا المستوى وعلى مدار عام كامل وفي أوج مراحل نموهم.

وتخلو شوارع مدينة دير البح، ومواصي خان يونس، من أصناف غذائية مهمة وقيمة كالفواكه والخضروات، والأجبان والألبان واللحوم، وفي حال توفرت فهي بأسعار خيالية لا يقوى عليها الناس.

نفاد البضائع وارتفاع الأسعار

برنامج الغذاء العالمي أكد أن أسعار الغذاء في قطاع غزة ارتفعت بنسبة 1000% ما يضع جميع السكان على شفير الهلاك، في حين أكدت تقارير أممية أن إسرائيل تسلب من سكان غزة أساسيات البقاء.

مدير مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا حسام أبو صفية يقول: نحذر من التأثير المستقبلي لسوء التغذية على الأطفال وأضاف: "أغلب الحالات التي تأتي، تأتي بأعراض متقدمة ومتأخرة وبالتالي يحتاج هذا الأمر على أن يؤخذ على محمل الجد وأن يتم إدخال كل ما هو مطلوب من الأدوية والأطعمة والحليب العلاجي الخاص بهذه الحالات. لابد من السماح بإدخال كافة الأطعمة”.

وتابع: "ولا يخفى عليكم أن شمال غزة يوجد به الطحين وبعض المعلبات، ولكن لا توجد به لا الخضروات ولا الفواكه ولا الزيوت ولا اللحوم وطبعا كل هذا له تأثير مستقبلي على أجساد الأطفال. وستظل هذه المشكلة قائمة ما لم تحل مشكلة الغذاء”.

حديث أبو صفية ينطبق تمامًا على مناطق جنوب قطاع غزة، حيث منذ أكثر من 3 أشهر تشدد قوات الاحتلال بإدخال الشاحنات، وما يسمح بدخوله يتعرض للنهب على يد قطاع الطرق في المناطق التي توجد بها قوات الاحتلال، ما يزيد المشهد تعقيدا.

قصص مؤلمة

وتروي الأمهات قصصا مؤلمة عن أطفالهن الذين يعانون في ظل عدم القدرة على الحصول على الغذاء المناسب. تقول ميسون عقل، والدة الطفلة المريضة ملاك: "بدأت الأعراض تظهر على ابنتي بعد أن بلغت من العمر شهرا، وعندما بلغت 40 يوما تقريبا، تم إدخالها إلى المستشفى بسبب إصابتها بإسهال حاد. في كل مرة كانت ترضع فيها، كانت تستفرغ أي شيء على الفور. على الرغم من أن الأطباء لم يشخصوا حالتها، إلا أنهم أخبروني أنها قد تكون تعاني من حساسية تجاه الحليب، وأخبروني أنها يجب أن تتناول حليبا خاصا، لكنه غير متوفر في غزة. لذلك أعطوني حليبا خاليا من البروتين”.

وبرغم أهمية الخضراوات والفاكهة إلا أنها تظل بعيدة المنال بالنسبة للأمهات مثل ميسون عقل: من الضروري أن أتناول الفاكهة والخضروات لأنها تحتوي على كل الفيتامينات وهي ضرورية للأم والطفل. ولكن للأسف الفاكهة والخضروات غير متوفرة في غزة. لا توجد غير المعلبات. اللحوم أيضا غير متوفرة”.

أما دينا الرواحي زيادة، والدة الطفل أحمد فتقول: "طفلي من مواليد 6 كانون الثاني/يناير 2024، ووزنه الحالي خمسة كيلوغرامات. ذهبنا إلى قسم التغذية في مستشفى كمال عدوان لأنه كان يفقد وزنا بدلا من أن يكتسبه. كما تعلمون فالطفل يجب أن يبدأ في أكل الفواكه والخضروات، بعد أن يبلغ عمر 7 أشهر. وبالطبع لا يتوفر أي من هذا في قطاع غزة. أما بالنسبة لتغذية الأم فهي أيضا ضرورية، ولكن لا تتوفر حاليا أي أطعمة صحية، وحتى المياه ملوثة بشكل شبه كامل”.

وأبدت دينا الرواحي قلقا على سلامة وصحة ابنها: "خوف الأم على طفلها أمر لا يمكن قياسه. أخاف على ابني من الحرب أكثر من أي شيء. أخاف عليه من الجوع وسوء الحالة الصحية والظروف السيئة التي نحن فيها، وبالطبع هذه تؤثر علي شخصيا ونفسيا”.

طبيبة الأطفال وخبيرة التغذية ياسمين لبد قالت إن مشافي غزة تمتلئ بحالات سوء التغذية، وتفوق قدرة المستشفيات.

وأضافت أن المستشفيات في قطاع غزة بما فيها الميدانية تعاني من ارتفاع عدد المترددين عليها من حالات سوء التغذية لا سيما الأطفال، دون سن الخامسة.

وأوضحت أن سوء التغذية انتشر بشكل كبير في قطاع غزة، وهذه الحالات لم نرها بتاتا قبل الحرب، لكننا شاهدناها بكثرة فقط في الحرب إضافة إلى حالات سوء التغذية الحاد، وخصوصًا بين الأطفال.

تدهور صحي

ووفق تقارير أصدرتها البلديات في قطاع غزة فإن الفلسطينيين النازحين من تدهور في الحالة الصحية بسبب سوء التغذية الذي شكل عاملا مساهما في انتشار الأمراض والأوبئة، في ظل تردي الأوضاع البيئية.

وأشارت الطبيبة الفلسطينية إلى وجود عدد كبير من الأطفال جنوب قطاع غزة يعانون من سوء التغذية، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، أهمها: نقص الغذاء وعدم توفر كميات متوازنة من البروتين في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد، وعدم قدرة الأهالي على شراء الأغذية المناسبة، بسبب حالة الغلاء الفاحش”.

وعن علاج حالات سوء التغذية، أكدت أنها بحاجة إلى مكملات غذائية من البروتين والكربوهيدرات، الأمر الذي يواجه السكان صعوبة شديدة في توفيره، مؤكدة حاجة "الحالات المصابة بالأمراض المزمنة والتي تعاني من سوء التغذية، إلى غذاء متوازن عالي الطاقة، وهذا الأمر غير متوفر حالياً بسبب حالة الحصار ومنع دخول المساعدات”.

وأكدت أن "اعتماد الأطفال في قطاع غزة في معظمه يكون على الحبوب والرز والبطاطا والمعلبات، وهذه لا تدعم نمو الأطفال بشكل سليم، وعدم توفر البيض وأنواع عديدة من الحليب سيشكل أزمة حقيقية”.