سياسة «الهدم الذّاتي»..ضم فعلي لمناطق
بالضفة الغربية
السبت، 08 آب، 2015
ينظر المواطن إياد محفوظ بألم وحرقة وهو يشاهد ركام
مصيفه الصّغير يتساقط في أرض زراعية يملكها قرب بلدة بيت كاحل شمال الخليل بعد أن أجبره
الاحتلال الإسرائيلي على هدمه ذاتيا بيديه بذريعة وقوعه في مناطق مصنّفة (جــ) وفق
اتفاقية أوسلو الخاضعة لسيطرة أمنية ومدنية إسرائيلية.
وتهاوى المصيف المكون من غرفة صغيرة ومطبخ ومرحاض،
مزوّدة بالكهرباء عبر خلايا شمسية وبالمياه، على أيدي عمسال استأجرهم محفوظ، بعدما
وجد هدم مسكنه الصّغير سبيلا لحماية بضعة دنمات معرشة بالدوالي هدّد الاحتلال بتجريفها
وتخريبها كاملة بعد إحضار معدات الهدم إلى داخل الأرض الزراعية إن لم يهدم "المصيف".
لا بدائل
ويقول محفوظ لوكالة "صفا" إن جنود الاحتلال
اقتحموا أرضه بعدما كسروا أقفال بواباتها وأحضروا معهم حفارا لتجريفها كاملة وهدم المصيف
الذي بناه فيها لكن حضوره إلى المكان واحتجاجه على عملية الهدم دفع ضابط الجيش المسؤول
إلى إبلاغه بضرورة هدم الغرفة بيديه.
وذكر محفوظ أن جيش الاحتلال هدد بهدم كافّة السلاسل
الحجرية ومعرّشات العنب المشيّدة في أرضه الزراعية والتي كلّفته مبلغ يتجاوز (50 ألف)
دينار أردني.
ويضيف: رفضت بالبداية فكرة الهدم، لكنّ الضابط أبلغني
بأنّ الهدم سيتم باستخدام القوّة الكبيرة التي يصطحبها، إضافة إلى تغريمي مئات آلاف
الشّواقل أجرة لعملية الهدم التي تنفذها قوّات الجيش، ناهيك عن تخريب كامل الكرم الزراعي".
ويتابع محفوظ حديثه والحسرة تغمر وجهه " اضطررت
لهذا الأمر القاسي –تنفيذ الهدم- حتّى أحفظ بقية أرضي من الخراب الذي كان حتميا".
وينوه إلى مفاجأته بحضور الاحتلال لتنفيذ عملية الهدم،
واستهداف ممتلكاته بين عدد من الأبنية والممتلكات المجاورة له، وأن سلطات الاحتلال
لم تسلّمه في وقت سابق أيّ إخطار بهدم منزله، رغم مضي عدّة سنوات على تعمير الأرض وبناء
المنزل.
ويرى محفوظ بأنّ السلطة الفلسطينية ومؤسساتها المختصة
مطالبة بالوقوف عند مسؤولياتها للعمل على تغيير حال المناطق (جـ)، وممارسة دورها لصدّ
اعتداءات الاحتلال عن هذه المناطق، واستصدار التراخيص اللازمة لأصحاب المباني والأراضي،
للحفاظ عليها من الاحتلال وملاحقاته.
ضمّ فعلي
ويرى مدير مركز أبحاث الأراضي جمال العملة لوكالة
"صفا"، أن عملية الهدم الذاتي باتت سياسة انتقل الاحتلال بتطبيقها من القدس
المحتلة إلى الضفة الغربية.
وذكر العملة أن الاحتلال يبلغ المواطن وصاحب المبنى
بضرورة هدمه، وإلا سيقومون بهدمه على نفقته وهذا الأمر يعني أنّ المواطن ستكبّد خسائر
فادحة تقدّر بأضعاف قيمة البناء.
ويشير إلى أن هذه المبالغ الهائلة يعتبرها الاحتلال
أجرة للمقاول الذي ينفذ عملية الهدم وأجرة لشركات الحراسة والعمال الذين يفرّغون المسكن
من الأثاث، وتشمل على أجرة كلب الحراسة، واصفا المبالغ التي تفرضها سلطات الاحتلال
في هذا الصدد بالباهظة جدا والضّخمة.
ويرى العملة أن هذه سياسة الهدم باليد بدأ الاحتلال
تطبيقها خلال السنة الأخيرة في الضّفة الغربية رغم أنها حسب القانون الإسرائيلي تابعة
للإدارة العسكرية في مستوطنة "بيت إيل" كمناطق محتلّة.
واعتبر التعامل مع القضية كما يجري التعامل معها
في مدينة القدس، وبنفس الآلية، يعني أنّهم بدؤوا على أرض الواقع بضمّ مناطق (جـ) لما
يسمّى بالكيان الإسرائيلي.
ويعتقد العملة أن هذه سياسة خطيرة وينفذ الاحتلال
فيها القرارات على الأرض قبل الإعلان عنها، متوقعا بأنّ يكتشف الفلسطينيون خلال المرحلة
المقبلة أنّ المناطق المصنفة (جـ) قد طبّق الاحتلال عليها قانونه الكامل، وهذا ما يصفه
بالأشدّ خطورة من عملية الهدم بحدّ ذاته.
محاولات تمرير
ويشدد خبير شؤون الاستيطان عبد الهادي حنتش فيوضح
في حديثه لوكالة "صفا" بأنّ عمليات الهدم الجارية الآن خارجة عن القانون
الدولي وحتى القانون الإسرائيلي.
ولفت حنتش إلى أن هذه المرّة ليست الأولى التي يجري
فيها إجبار مواطن على هدم مسكنه أو بيته أو حتّى منشآت يملكها، لكنّها تعتبر من السياسات
الإسرائيلية التي يحاول الاحتلال تمريرها في الضّفة الغربية، وتأتي ضمن سياسة ممنهجة
وعملية مرسومة ومعدّ لها جيّدا.
ويكشف عن تسليم الاحتلال ما بين (1000 إلى 2000)
إخطار سنوي للمنازل الفلسطينية في الضّفة الغربية ويسعى بمختلف الوسائل لتنفيذ عمليات
هدمها، موضحا عمليات تطال فعليا أكثر من ألف منشأة بالضفة.
ويبين أن لجوء الاحتلال إلى إجبار الفلسطينيين على
تنفيذ عمليات هدمهم يعتبر خطوة متقدمة من ناحية الخطورة، معتقدا أن وعودات الاحتلال
لهذا المواطن بعدم نيته هدم وتخريب بقية أرضه هي هباء وغير صادقة، انطلاقا من استراتيجية
الاحتلال القاضية بمنع الأنشطة المدنية الفلسطينية في المناطق المصنّفة (جـ) وفق اتفاقية
أوسلو.
ويرى أن حكومة الاحتلال وضعت خطّة رسمية لتنفيذ عمليات
استيطانية في مستوطنات الضّفة الغربية بشكل صامت، ولكنّه يتّضح من خلال الكم الهائل
من العطاءات التي تطرحها على الشركات العاملة في مجال البناء، لتنفيذ مشاريع استيطانية
وتحاول تجنّب الحديث عنها عبر وسائل الاعلام.
ويلفت إلى أنّ تواصل عمليات الهدم للفلسطينيين والبناء
في المستوطنات على حساب الأرض الفلسطينية يعني أنّ حكومة الاحتلال ماضية في عملياتها
الاستيطانية في الضّفة الغربية.
ويؤكد حنتش أن عمليات الاستيطان تتضاعف بشكل كبير
في الضفة الغربية من خلال استشهاده بوتيرة الاستيطان خلال الوقت الحالي بنظيره من العام
الماضي، والذي تشهد فيه الأعمال الاستيطانية تضاعفا كبيرا.
ويشدد على أنّ تواصل العمليات الاستيطانية يأتي في
وقت تستغل فيه جمعيات المستوطنين وحكومة الاحتلال بعض الظروف المحلية والإقليمية للتغطية
على ممارساتها الاستيطانية، لأهداف سياسية واستيطانية ومصادرة للأراضي ناهيك عن تلبية
رغبة بعض الجهات الداخلية الإسرائيلية.
المصدر: وكالة صفا