سيدات القهوة الصباحية في خدمة النازحين
ياسر قدورة - لاجئ نت
اتصلت بي قبل أكثر من أسبوع مجموعة من السيدات، يعملن منذ فترة طويلة في الوسط الفلسطيني واللبناني تحت عنوان "سيدات القهوة الصباحية".. وقد أسهمت هؤلاء السيدات في تخفيف معاناة كثير من الأسر الفلسطينية على مدى سنوات، وقد شهدت بعض أعمالهن في السنتين الأخيرتين.. وقد طلبن أن أساعدهن في معرفة بعض الحاجات الضرورية التي تحتاجها العائلات الفلسطينية النازحة من سوريا إلى لبنان.
بالفعل تواصلت مع بعض الأصدقاء والمؤسسات، فكانت النتيجة أن كل شيء مطلوب لا سيما الأغطية، الحليب، حفاظات الأطفال وغيرها.. وأرسلت لهن رسالة بهذا، وهن بدورهن قمن بتعميم الرسالة على معارفهن.
بعد بضعة أيام اتصلت السيدة (ر.ع) لتخبرني أنها قد اشترت بعض الأغراض وتود أن ترسلها لهذه العائلات، وقد فهمت من الاتصال أن المسألة تتعلق ببعض أكياس الحليب.. وعندما توجهت لاستلام الأغراض فوجئت بأن ما قدمته السيدة هو عبارة عن كمية من أكياس الحليب، والأجبان، وعلب التونا، والفول، والمارتديلا، وحفاظات الأطفال.. والكمية توازي ما تقدمه بعض المؤسسات وليس الأفراد.
تعاونت مع بعض الأصدقاء لإيصال هذه الأغراض إلى مستحقيها، مستعيناً بإحصاءات أعدتها بعض اللجان الأهلية في المخيمات التي تظهر عدد أفراد الأسرة والأطفال فيها، وأحببت أن أشارك بنفسي في توزيع بعض منها للتعرف على حقيقة الوضع على الأرض.
طرقنا باب إحدى هذه العائلات في مخيم برج الشمالي باكراً، ففتح لنا رب العائلة وحاله يقول ( يا فتاح يا عليم).. فقلت له نود أن نقدم لك هذه التقدمة من سيدة فلسطينية من سيدات القهوة الصباحية في بيروت.. لم يستوعب العبارة في البداية، فشرحت له فكرة عمل هؤلاء السيدات.. أخذ منا الأغراض، وقد كانت نفسه عزيزة جداً.. وكان فخوراً بهذه المبادرة من هؤلاء السيدات، ودعا لهن بدعوات أشعرتني أن المال والجهد لم يذهب سدى، عرضت عليه إن كان بإمكاننا أن نساعد بشيء آخر، فشكر وقال شاكياً قد تعبنا.. بالفعل تعبنا من الظروف ومن المعاملة ومن الوضع.. ولكنه لم يطلب أي شيء مادي.. كرر شكره على الموقف الانساني من هؤلاء السيدات، وأحسست من كلامه أن هذه الوقفة قد خففت من وطأة لإهمال الذي يلاقونه من الأونروا والدولة..
انتقلنا إلى العائلة الثانية فالثالثة فازداد وجعي من حال هذه العائلات.. وفي نفس الوقت ازداد سروري بما قدمته هذه السيدة، ليس من الناحية المادية، ولكن بالفرحة والمعنويات التي أدخلتها إلى قلوب هذه العائلات.. ظروف النازحين من سوريا صعبة، ولكن أصعب ما فيها الشعور بالخذلان من قبل العالم والأنروا وكل الجهات الرسمية.. هذه المواقف تخفف من معاناة أهلنا وتقول لهم أننا أهل، نألم لما تألمون ونحزن لما تحزنون.
أجدد التحية والشكر لهذه االسيدة، ولكل "سيدات القهوة الصباحية" على هذه الوقفات الوطنية وليس الانسانية فحسب.. فهن بهذا يخفف من المعاناة الإنسانية، وقبل ذلك يعوضن الخلل والقصور لدى الجهات الوطنية والرسمية.