القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

سـوريـا فـي ضيـافـة فلسطيـن.. فـي لبنـان

سـوريـا فـي ضيـافـة فلسطيـن.. فـي لبنـان
 

الخميس، 02 آب، 2012

هما شقيقتان فلسطينيتان، اختار أهلهما تسميتهما سوريا وفلسطين. سافرت الأولى مع زوجها الفلسطيني إلى درعا في العام 1982، في حين بقيت الثانية في مخيم برج البراجنة. وشاءت الظروف التي تمر بها سوريا حالياً، جمع الشقيقتين من جديد، بعدما جاءت سوريا إلى لبنان لإصدار أوراق رسمية، ولم تتمكن من العودة بسبب القصف على درعا، ولا تزال تقيم في منزل شقيقتها فلسطين، في انتظار معجزة ما، تخرج عائلتها العالقة تحت القصف.

ومن مخيم اليرموك، إلى مخيمات لبنان، نزح الفلسطينيون مرة جديدة. وقد سُجلت أسماؤهم في كشوف خاصة، من أجل تأمين المساعدات لهم، فجاءت الكشوف على الشكل التالي: عمر حسن منصور، البلد الأصلي: الطيرة. عنوان السكن: مخيم اليرموك، مكان الإقامة الحالية: منزل إبراهيم الشاعر. عائدة صالح عبد الغني، البلد الأصلي: صفورية، عنوان السكن: مخيم اليرموك، مكان الإقامة الحالية: منزل محمد الأشقر.

يعتبر مخيم اليرموك أكبر تجمّع للاجئين الفلسطينيين في سوريا، ويبعد ثمانية كيلومترات عن وسط العاصمة دمشق. وقد انتقل هؤلاء من نعمة مخيمات سوريا إلى بؤس مخيمات لبنان، هناك مُنحوا حق التملك، وهنا يستثنيهم القانون. وهناك لديهم الحق في العمل وهنا يُحرمون منه، لذلك يأملون العودة إلى منازلهم قريباً، وعدم البقاء في لبنان لفترة طويلة.

وللسوريين حصة أخرى في النزوح إلى المخيمات التي تكتظ أصلا بالآلاف منهم، لأن عدداً كبيراً من العمال السوريين يقيم في مخيمي شاتيلا وبرج البراجنة منذ سنوات، وقد استدعوا عائلاتهم للعيش معهم، فانقلبت المعادلة: استقبل السوري اللاجئ الفلسطيني إبان الاجتياح الإسرائيلي في العام 1982، وفي حرب تموز العام 2006، ثم وجد نفسه اليوم ضيفاً على تلك المخيمات. إلا أن الوضع الاقتصادي في المخيمات وموقعها الجغرافي واكتظاظها باللاجئين، لم يسمح للفلسطيني بتكريم ضيفه وتعزيزه، فاكتفى بالترحيب فيه على طريقة: «ما يصيبني يصيبك».

السوري وحيداً

لا إحصاءات مؤكدة حتى الساعة عن عدد اللاجئين السوريين المقيمين في المخيمات الفلسطينية، في حين أجرت اللجان الشعبية في المخيمات مسحاً يظهر نزوح ستين عائلة فلسطينية من سوريا إلى برج البراجنة، وخمسين عائلة إلى مخيم شاتيلا، وثماني عائلات إلى مخيم مار الياس، ومئة وأربعين عائلة إلى مخيم الجليل في بعلبك، بينما توزعت نحو مئة وأربعين عائلة على مخيمات الشمال.

ويلفت رئيس اللجان الشعبية أحمد مصطفى إلى أن الكشف الخاص بأسماء النازحين، رُفع إلى كل من وكالة «الأونروا» و«منظمة التحرير الفلسطينية» وعدد من الجمعيات المعنية بأوضاع الفلسطينيين، لتقديم المساعدات الإنسانية لهم.

وبعد جولة على مخيمي برج البراجنة وشاتيلا، تبيّن غياب المساعدات عن النازحين السوريين، فيما رفض غالبيتهم اللجوء إلى السفارة السورية في لبنان، بسبب تأييدهم الجيش السوري الحر، المنشقّ عن النظام، بخلاف اللاجئ الفلسطيني الذي تخوّله بطاقة لاجئ الحصول على المساعدات من «الأونروا».

يوجد في مخيم برج البراجنة العديد من السوريين النازحين من درعا وإدلب وشرق حلب، وقد أقاموا لدى عمّال يسكنون في المخيم منذ فترة طويلة، ويتقاسمون معهم منزلا بغرفتين، للتوفير في المصاريف.

علي شحادات، عامل سوري يسكن في المخيم منذ ثلاث سنوات، ويعمل في نقل البضائع لدى إحدى الشركات. كان يتشارك مع زملائه دفع الإيجار، ويرسل المال المتبقي من راتبه إلى عائلته في سوريا. اليوم اختلف الوضع بعدما استدعى العائلة للعيش معه، واضطر إلى البحث عن منزل جديد للإقامة فيه.

ولا تسمح ظروف المخيم باستقبال عدد أكبر من السكان، فهو يشهد كارثة انهيار بعض المنازل القديمة التي كانت آيلة للسقوط. لذلك، تجد العائلات أمامها خياراً وحيداً هو العيش معاً في منزل مؤلف من غرفتين.

وقد قام صاحب مبنى حديث الإنشاء في أحد أزقة المخيم، بتأجير شقق الطوابق الثلاثة، لعائلات سورية، تؤوي كل شقة أكثر من عائلة. ما دفع بعضها إلى نصب خيم فوق سطح المبنى، بسبب عدم اتساع المنزل لجميع أفرادها.

نزح أشقاء إبراهيم الثلاثة مع زوجاتهم وأطفالهم من شرق حلب منذ شهرين، بعد تعرض منازلهم للقصف، وجاؤوا إلى مخيم برج البراجنة، على اعتبار أن بدلات الإيجار فيه أقلّ كلفة. لكن النازحين، فلسطينيين وسوريين، يشكون حالياً من ارتفاع بدلات الإيجار التي وصلت إلى ثلاثمئة دولار أميركي بدل الشقة الواحدة. وحالة الاثنين هنا متشابهة، فإذا وجد الفلسطيني أقارب له في المخيم، لا يستطيع العيش معهم لضيق المكان.

وكان اللافت في مخيم برج البراجنة، تردّد اللاجئين السوريين في التحدث إلى الإعلام، بخلاف الفلسطيني الذي اعتاد على سرد قضيته أينما وجد في بلاد الشتات. وفي السياسة لا تعليق على كل من الموالين للنظام، والثائرين عليه.

لا منازل فارغة في شاتيلا

يختلف الوضع في مخيم شاتيلا. هنا، يعلن البعض تأييدهم «الجيش السوري الحر»، ويتهمون النظام بأنه وراء تدمير منازلهم، ولا يخشون الإفصاح عن أسمائهم، «لأننا سنعود إلى سوريا قريباً بعد إسقاط النظام».

يقول عبدو الذي نزح من حماه منذ ستة أشهر إنه يعيش وعائلته المؤلفة من زوجته وطفلين من راتبه الذي بالكاد يكفي لإطعام طفليه. وينتقد غياب المساعدات عن اللاجئين السوريين، مؤكداً أنه منذ وجوده في مخيم شاتيلا، لم يدق أحد بابه ليسأله ما إذا كان بجاجة إلى شيء.

وجاءت أديبة من حماه برفقة زوجها وعائلتها المؤلفة من أكثر من عشرة أشخاص. وتقول إنهم لا يتلقون المساعدات، بينما يعيل شابان العائلة من خلال عمل متواضع. تشيد بجيرة الفلسطينيين، لكنها تنزعج من معاملة الأطفال الفلسطينيين لأترابهم السوريين. وتؤكد أن هؤلاء يتعرضون للضرب والإهانات. ولم يعد في شاتيلا أي منزل فارغ لاستقبال اللاجئين. ويواجه اللاجئ الفلسطيني محمد عفيفي تلك المشكلة بعدما نزح من مخيم اليرموك مع عائلته، ليقيم مؤقتاً مع ابن عمه في المخيم. وحتى الساعة لم يجد منزلا للسكن فيه، فمنح نفسه مهلة أسبوع، وإلا سيضطر إلى العودة إلى سوريا والعيش تحت القصف.

المصدر: زينة برجاوي - السفير