القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

(شاهد): التمدد العمراني العشوائي في المخيمات ظاهرة خطيرة تأكل المساحات الضيقة أصلاً، ونتائج كارثية، ولا آفاق للحلول

(شاهد): التمدد العمراني العشوائي في المخيمات ظاهرة خطيرة تأكل المساحات الضيقة أصلاً، ونتائج كارثية، ولا آفاق للحلول

/cms/assets/Gallery/1140/bour1.jpg

دراسة ميدانية، أيلول 2013

الخميس، 26 أيلول، 2013

إن ظاهرة التمدد العمراني العشوائي باتت السمة الغالبة للمخيمات الفلسطينية في لبنان. وهي تمضي بشكل متسارع دون أن يكون هناك حلول لمعالجتها. ليس ثمّة دراسة خاصة بهذه الظاهرة. كل ما صدر من مقالات أو دراسات، تتعلق بالشأن الفلسطيني، تحدّث بشكل عرضي عن هذه الظاهرة. وعلى الرغم من النتائج الكارثية المترتبة على هذه الظاهرة، على كافة المستويات، إلا أنه لا تزال بعيدة عن الاهتمام الإعلامي والبحثي وحتى على مستوى المعالجات.

تحاول هذه الدراسة البحث بشكل ميداني عن ظاهرة التمدد العمراني العشوائي. وبما أن المخيمات الفلسطينية تكاد تكون متشابهة من حيث الخصائص الاجتماعية والعمرانية والسياسية فقد تناولت الدراسة مخيم برج الشمالي كنموذج.

تحاول الدراسة أن تقرع ناقوس الخطر حول ظاهرة آخذة بالتمدد وهي ظاهرة التمدد العمراني العشوائي وأن تضع كل الجهات المسؤولة عند مسؤولياتها، فالمخيمات الفلسطينية هي قنبلة اجتماعية موقوتة قد تنفجر في أي لحظة ما لم يتحمل الجميع مسؤولياته.

إن المخيمات الفلسطينية المنتشرة على أراضي الجمهورية اللبنانية، منذ السنين الأولى للنكبة عام 1948، ظلت محتفظة بنفس المساحة المخصصة لها على الرغم من أن عدد السكان تضاعف أربعة أضعاف. وعلى الرغم من أن الحكومة اللبنانية باشرت بعمليات إعمار واسعة وإعادة المهجرين بعد انتهاء الحرب الأهلية، إلا أن المخيمات الفلسطينية كانت مستثناة من عمليات التعويض والإعمار، رغم تعرضها بشكل واسع لشرور الحرب آنذاك. وفي عام 1996 منعت السلطات اللبنانية إدخال مواد البناء بشكل مطلق عن المخيمات الفلسطينية في منطقة صور، وأي مخالف لهذا المنع يتعرض لمحاكمة عسكرية. وفي عام 2001 فرض البرلمان اللبناني حظراً على تملك الفلسطينيين لأي عقار في لبنان.

وعلى المستوى الداخلي الفلسطيني، وبعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، تراجع الاهتمام الرسمي الفلسطيني بهموم الفلسطينيين في لبنان، وغابت عن المخيمات الفلسطينية السلطة الحقيقية القوية القادرة على تنظيم الأمور ومعالجة المشاكل. ومع مرور السنين تراكمت المشاكل بشكل هائل وبات علاجها أمراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً. إذن ثمّة أسباب قوية أدّت وتؤدي إلى هذه النتائج الكارثية في المخيمات الفلسطينية. وثمّة جهات مسؤولة عن الوضع المأساوي الذي وصلت إليه الأوضاع السكنية في المخيمات.

فالحكومة اللبنانية رفضت بشكل قاطع، وعلى مدار عقود من السنين، التعاطي مع اللاجئين الفلسطينيين تعاطياً إنسانياً يحترم حقوقهم، لا سيما حقهم في سكنٍ لائق، ومنعت بشكل تام أي زيادة على مساحة المخيمات، بل ومنعت الفلسطينيين من التملك، حتى لو شقة صغيرة، مما فاقم مشكلة السكن في المخيمات الفلسطينية. كما أن الأونروا ذاتها لم تطرح أية حلول لمعالجة مشكلة السكن. وإنما قامت بعمليات إعمار جزئية لمنازل غير صالحة للسكن على نفس المساحة، وقامت بعمليات لإصلاح البنى التحتية أيضاً على نفس المساحة. أي إن الأونروا قدمت حلولاً جزئية لمشاكل عميقة، ولم يصدر عنها أي بيان أو موقف رسمي تجاه الحكومة اللبنانية، وتجاه المجتمع الدولي ككل حول أزمة السكن في المخيمات الفلسطينية في لبنان، وتعاطت مع المخيمات الفلسطينية، بكل تعقيداتها، على أنها واقع.

أما منظمة التحرير الفلسطينية فهي أيضاً مسؤولة عن النتائج الكارثية التي وصلت إليها أزمة السكن في المخيمات الفلسطينية. فالفلسطينيون في لبنان يعانون من غياب المرجعية السياسية القوية، كما يعانون من نقص حاد في الخدمات التي كانت تقدم لهم قبل انتهاء الحرب الأهلية. ولم تطرح منظمة التحرير الفلسطينية مشاريع كبيرة للفلسطينيين في لبنان لا سيما ما يرتبط بالحق في السكن.

إن البناء العشوائي في المخيمات هو نتاج سياسة تراكمية طويلة، أدّت إلى إحداث تشوهات كبيرة في بنية المخيمات العمرانية، كما تركت تشوهات كبيرة أيضاً في بنية المجتمع ككل. إن سياسات الحكومات اللبنانية المتعاقبة تجاه اللاجئين، والترهل السياسي الفلسطيني وضعف المرجعية السياسية والاجتماعية والأمنية، حتى على مستوى الأحياء، وارتفاع معدلات البطالة والفقر والأمية والتسرب المدرسي، أدّى إلى بروز ظاهرة التعدي على الطرقات واعتبار ذلك حقاً مكتسباً، بغض النظر عن النتائج المترتبة على ذلك من تضييق للطرقات العامة والمشاكل الاجتماعية الناجمة وسوى ذلك. كل هذه الأمور تستدعي وقفة حقيقة وجادة وإطلاق صرخة مدوية لمن يعنيهم الأمر.

ثمّة توصيات عديدة وجهتها الدراسة خصوصاً إلى الحكومة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية ووكالة الأونروا وإلى المجتمع المدني أهمها:

1. المطالبة بإلغاء حظر التملك عن الفلسطينيين، لما له من آثار كارثية على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين.

2. الموافقة على توسيع مساحة المخيمات بالتعاون مع وكالة الأونروا.

3. العمل بشكل جاد وحقيقي لتوسيع مساحة المخيمات، كي تتناسب مع الزيادة السكانية المطردة.

4. تشكيل لجنة هندسية من قبل الأونروا للكشف على المنازل المهددة بالانهيار، والعمل السريع على إعادة إعمارها أو ترميمها.

5. بناء منظومة من الحكم المحلي الفاعل والناجح يكون عماده اللجان الشعبية بعد إعادة بنائها على أسس ديمقراطية وتخصصية.

6. تشكيل لجان أمنية في المخيمات وفق أسس مهنية صحيحة (رؤية مجتمعية وطنية وسياسية وأمنية) تشارك فيها جميع الفصائل، وتكون ذات مهام وصلاحية واضحة ومحددة.

7. القيام بحملات توعية متواصلة لسكان المخيم تعزّز مفهوم الحماية والحفاظ واحترام المرافق العامة، بما فيها الطرقات، والتنبيه من مخاطر البناء العشوائي.

8. تطوير وتمتين العلاقة مع البلديات والتنسيق الدائم معها في جميع القضايا المطلبية التي تخص أهالي المخيم كون بعض المخيمات يسكنها لبنانيون.

9. تنسيق وتوحيد الجهود بين مؤسسات المجتمع الأهلي قاطبة، لتحديد أولويات حاجات الأهالي والسعي الدؤوب لتنفيذها.

المصدر: المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد"