القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

شاهد: اللاجئون الفلسطينيون يعيشون تحت كابوس القلق وهاجس المرض

شاهد في تقريرها السنوي 2011: اللاجئون الفلسطينيون يعيشون تحت كابوس القلق وهاجس المرض
 

الجمعة، 08 حزيران، 2012

أصدرت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان «شاهد» تقريرها السنوي لعام 2011 يتحدث عن أوضاع حقوق الإنسان الفلسطيني في لبنان، تلخِّص فيه أوضاع الإنسان الفلسطيني على مختلف الصعد الصحية والتعليمية والسكنية والأمنية والسياسية.

الحق في الصحة، بين الفرص والتحديات:

"تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه.." (الفقرة الأولى من المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966).

لا يزال اللاجئون الفلسطينيون يعيشون تحت كابوس القلق وهاجس الإصابة بأي مرض، وخصوصاً أن تكلفة العلاج في لبنان مرتفع جداً، مقارنةً بدول العالم الأخرى، في ظل هذا الوضع الاقتصادي السيء وعدم استفادة اللاجئين من الضمان الاجتماعي والصحي وتقديمات الطفولة والأمومة، وتراجع خدمات الأونروا التدريجي في السنوات الأخيرة في قطاع الصحة أسوةً بالقطاعات الأخرى. وتقتصر خدمات الأونروا في المجال الصحي على الآتي:

1- عيادات الأونروا والخدمات الطبية التي تقدمها في المخيمات الفلسطينية:

- يوجد 29 مركزاً طبياً للرعاية الصحية الأولية داخل المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، وهي عبارة عن مراكز صحية نقدم العلاج الأولي.

- يعمل فيها يومياً طبيب أو طبيبان للصحة العامة، لعلاج حالات المغص والإسهال والتهاب اللوزتين والحرارة وغيرها من العوارض البسيطة.

- يُعاين الطبيب الواحد يومياً نحو 100 حالة على الأقل في وقت قياسي مدَّته ستّ ساعات.

- تفتقر العيادات إلى تقنيات متطورة تساعد في تشخيص الأمراض، بل يُعتَمد الأسلوب التقليدي في سؤال المريض عن آلامه وموضعها، ويوصف فوراً الدواء.

- يوجد طبيب للأسنان يعاين المرضى، ومهمته خلع الأسنان التالفة فقط، وليس لديه أية آلية لتصليح أو تقويم الأسنان بدلاً من خلعها.

- يحضر إلى عيادات الأونروا أطباء اختصاصيون مرة واحدة أسبوعياً لمعاينة مرضى القلب والعيون والأنف والأذن والحنجرة والنساء الحوامل، لكن تنقصهم التقنية المتطورة، فضلاً عن عدم كفاية الفترة الزمنية لعلاج الحالات الكثيرة والمتراكمة خلال الأسبوع.

- تقدم عيادات الأونروا بعض الأدوية العادية للحالات التي تُعايَن داخل العيادات وتوفر شهرياً أدوية لذوي الأمراض المزمنة كضغط الدم والسكري وغيرها.

- توفر الأونروا نوعاً محدداً من الأدوية مثل أدوية السكري، وضغط الدم، وهي أدوية مرخّصة من وزارة الصحة العالمية، لكن هذه الأدوية قد تناسب فئة من المرضى ولا تناسب فئات أخرى، بل تسبب لهم مضاعفات جانبية، فلا يستفيدون منها ويضطرون إلى مراجعة طبيب مختص وفي الغالب يوصي بتغيير اسم الدواء وتركيبته.

- إن المريض الذي يعاني من أمراض صعبة وخطيرة، ويحتاج مثلاً إلى تشخيص المرض عن طريق إجراء صورة مغناطيسية أو طبقية (scanner) أو فحوصات مخبرية أو تخطيط أو فحوصات بالمنظار، لا بد له من اللجوء إلى طبيب مختص على نفقته الخاصة، وقد يقرر لاحقاً حاجته إلى دخول مستشفى أو إجراء عملية جراحية. وفي هذا المجال تغطي الأونروا نسبة من تكلفة هذه الصور بعد موافقة طبيب الأونروا المراقب في المنطقة.

رغم هذا الوضع، هناك نية لدى الأونروا لتقليص ما نسبته 50% من الاحتياجات الدوائية مطلع عام 2012، وهذا سينعكس بنحو خطير على حياة المرضى وواقعهم الاقتصادي؛ لأن تكلفة هذه الأدوية مرتفعة تفوق قدرة الكثير من المرضى. وبدورهم، طالب الأهالي والمجتمع المحلي من الأونروا بالعمل على توفير طبيب مختص يعاين المرضى مرة شهرياً ليصار إلى تحديد الدواء المناسب، حيث يقدّم بدوره توصية إلى الأونروا بشراء الأدوية التي تناسب المرضى بدلاً من الأدوية المحددة مسبقاً التي تعطى للمريض وليست ذات فائدة، وقد تسبب مضاعفات جانبية أخرى. إلا أن هذه المطالبات لم تلق آذاناً صاغية، وبالتالي إن شراء هذه الأدوية على نفقة المريض يزيد من معاناته.

2. التعاقد مع المستشفيات الخاصة:

- إن 95% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ليس لديهم أي تأمين صحي بسبب حرمانهم أبسط حقوقهم في لبنان.

- تحاول الأونروا تغطية الخدمات الاستشفائية من المستوى الثاني، والمقتصرة على أمراض: التهاب الزائدة والمرارة واستئصالها، عمليات الفتاق، مضاعفات السكري، الربو، التهاب الكلى، فضلاً عن عمليات الولادة.

- تتعاقد الأونروا مع 22 مستشفىً حكومياً وخاصاً ومستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني، لكن تواجه المرضى تعقيدات بيروقراطية للحصول على تحويل للمستشفيات أهمها:

1- باعتبار أنها تصنف من العمليات أو الحالات الباردة وغير الاضطرارية.

2- على المريض أن ينتظر دوره، وقد تطول مدة انتظاره.

3- هناك توجُّه معتمد لدى قسم الصحة في الأونروا، لإعطاء تحويلات الولادة إلى مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني بسبب الفرق في التكلفة المنخفضة بينها وبين المستشفيات الخاصة الأخرى. ومن الجدير ذكره أن مستشفيات الهلال تعاني نقصاً شديداً في "الحاضنات (القوفاز)" لحديثي أو متعسري الولادة، ما يسبب في بعض الأحيان مخاطر على المواليد ويُضطر ذووهم إلى نقلهم إلى مستشفيات أخرى.

أما حالات الاستشفاء من المستوى الثالث أو المتخصص فتشمل:

- عمليات القلب بمختلف أنواعها وأمراض السرطان.

- عمليات العيون والحنجرة والشرايين والجهاز العصبي بما فيها الدماغ والعمود الفقري، وكذلك عمليات الجهاز الهضمي بما فيها عمليات الكبد.

- عمليات استئصال الأورام والمعالجة الكيميائية وغيرها من الحالات المشابهة.

تدفع الأونروا جزءاً من التكلفة المادية تراوح بين 30 أو 40%، وهناك وعود من الأونروا بالسعي إلى زيادة التغطية حتى تصل إلى 50% خلال عام 2012.

إن برنامج الاستشفاء الجديد الذي اعتمدته الأونروا خلال عام 2010، ظل سارياً خلال عام 2011، وقد سعت من خلاله الأونروا إلى توسيع مروحة التعاقد مع المستشفيات الخاصة والحكومية، فضلاً عن إطلاق برنامج (care) بتاريخ 27/4/2011، الذي يهدف إلى إطلاق استغاثات ونداءات للممولين والمانحين والأشخاص الميسورين في كل دول العالم للتبرع بالأموال لعلاج حالات مستعصية كعمليات زرع الكلى وتوفير أدوية السرطان المكلفة، وغيرها من العمليات التي لا تغطيها الأونروا.

ما زالت الفجوة كبيرة بين ما تقدمه الأونروا في مجال الصحة عموماً واحتياجات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وخصوصاً أن نسبة كبيرة جداً من العائلات تعيش تحت خط الفقر، ومعظم هذه العائلات تعجز عن دفع فارق فاتورة العلاج، ما يضطرها إلى دقِّ أبواب المؤسسات الخيرية أو طلب المعونة من رواد المساجد. وقد حصل خلال عام 2011 الكثير من المشاكل التي واجهت المرضى الفلسطينيين بسبب السقف المحدد للتحويلات الطبية، أو بسبب إلزام المريض التوجه إلى مستشفى محدد. وقد يكون غير مؤهل لعلاج هذه الحالة من حيث الكادر الطبي أو من حيث التجهيزات، وفي هذا السياق فإننا سنورد حالتين على سبيل المثال لا الحصر:

- المريضة فاطمة إسكندراني، تم إعطائها تحويل من عيادة مخيم برج البراجنة إلى مستشفى حيفا التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لإجراء عملية تجبير كسر في عظمة الكتف، وذلك في 4/10/2011. وبعد إنجاز العملية دخلت المرأة في غيبوبة طويلة استمرت أياماً طويلة استدعت نقلها عدة مرات إلى مستشفى الزهراء ومستشفى الرسول الأعظم، لإجراء تخطيط للدماغ وصور مغناطيسية وطبقية لمعرفة سبب الغيبوبة باعتبار أن المستشفى المذكور يفتقر إلى هذه المعدات.

- المريضة فاديا ناصر الساري، حامل بتوأم وحصلت على تحويل من الأونروا للولادة في مستشفى رفيق الحريري الحكومي في بيروت في شهر 10/2011. وقد ذهبت فعلاً إلى لمستشفى عندما شعرت بآلام الوضع، لكن إدارة المستشفى رفضت استقبالها بسبب أن مبلغ التحويل سقفه 500,000 ليرة لبنانية فقط والعملية تُعَدُّ معقدة. نُقلت المريضة إلى مستشفى الساحل علَّه يستقبلها، وفي هذه الفترة كانت سوائل الولادة قد تدفقت من المرأة وهي في الطريق، فلم تستقبلها إدارة المستشفى أيضاً عندما علمت أن لديها تحويلاً من الأونروا، وقد وضعت الطفل الأول ميتاً وهي في الطريق، فاضطر زوجها حرصاً على سلامة الزوجة إلى التوجه بها من بيروت إلى صيدا، وإدخالها إلى مستشفى لبيب الطبي الذي اشترط دخولها أولاً على نفقة العائلة، وهذا ما حصل، وكانت النتيجة أن وُلد الطفل الثاني في غيبوبة بسبب فقدان السوائل والأوكسجين ووضع في القوفاز لمدة يوم، وما لبث أن فارق الحياة. وعجزت العائلة عن سداد المبلغ الذي بلغ 4.5 ملايين ليرة لبنانية، إذ على أثرها حُجزت المرأة لمدة يومين في المستشفى رغم فاجعتها بفقدان طفليها حتى تم تأمين المبلغ المستحق.

المصدر: المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان «شاهد»