شاهد في تقريرها السنوي 2011: القوانين والقرارات اللبنانية.. تتسم بالتمييز العنصري تجاه اللاجئين الفلسطينيين
الثلاثاء، 05 حزيران، 2012
في لبنان اثنا عشر مخيماً فلسطينياً رسمياً، والعديد من التجمعات الفلسطينية المنتشرة على جميع الأراضي اللبنانية، ويبلغ عدد سكان هذه المخيمات والتجمعات الفلسطينية حسب الإحصاءات الأخيرة للأونروا (لنهاية عام 2011) نحو 455000 نسمة، 53% منهم يعيشون في المخيمات.
ما زالت مساحة جميع المخيمات على حالها منذ أُنشئت مطلع الخمسينات من القرن الماضي. كان مجموع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان عام 1950 آنذاك حسب تقارير الأونروا لا يتجاوز 127600 نسمة، أما اليوم فقد تضاعفت الأعداد عدة مرات، حيث لا تتجاوز مساحة أكبر مخيم 1.5 كلم2 "عين الحلوة نموذجاً"، الذي يسكنه ما يزيد على 70 ألف نسمة مسببةً ازدحاماً ديموغرافياً وكثافة سكانية عالية جداً.
يراوح مجموع فاقدي الأوراق الثبوتية في المخيمات ما بين 4700 إلى 5000 نسمة. وليس لدى الأونروا أو الدولة اللبنانية أي إحصاءات رسمية محددة عن عدد هذه الفئة.
الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمخيمات الفلسطينية في لبنان:
تعاني المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان مشاكل اجتماعية واقتصادية معقدة نتيجة الإهمال لأوضاع اللاجئين الفلسطينيين من قبل الدولة اللبنانية بعد 64 سنة من اللجوء القسري، فما زالت القوانين والقرارات التي تصدر عن المجلس النيابي اللبناني وعن المؤسسات الحكومية اللبنانية بشأن اللاجئين الفلسطينيين تتعارض مع الكثير من معايير حقوق الإنسان.
القوانين والقرارات اللبنانية:
تتسم بالتمييز العنصري وتتناقض مع المواثيق والعهود الدولية، وخصوصاً "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" و"العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، التي تمنع كافة أشكال التمييز العنصري، وتتنافى هذه القرارات أيضاً مع الاتفاقيات والعهود العربية الصادرة عن جامعة الدول العربية لجهة "معاملة اللاجئين الفلسطينيين في الدول المضيفة معاملة المواطنين". رغم أن لبنان عضو مؤسس في جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة وملتزم المواثيق والقرارات الناتجة منهما، فاللاجئون الفلسطينيون في لبنان لا يزالون حتى الآن محرومين أبسط "الحقوق". فلا يحق لهم العمل في جميع المهن الحرة كالهندسة والطب والمحاماة والصيدلة وقيادة السيارات العمومية.
إن التعديلات القانونية التي أقرها المجلس النيابي اللبناني في 18/8/2010 بخصوص السماح للاجئ الفلسطيني بممارسة بعض المهن الحرفية والإدارية، جاء مبتوراً ولا يلبي الحد الأدنى من الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين.
لا يخوَّل العامل الفلسطيني الاستفادة من صندوق الضمان الاجتماعي أسوةً بالعاملين اللبنانيين، بل اشترط إنشاء صندوق خاص مستقل، يكون تمويله من الاشتراكات العائدة من العمال الفلسطينيين، وهو يمكن أن يغطي فقط تعويضات نهاية الخدمة، وإصابات العمل، ويحرمهم الاستفادة من ضمان المرض والأمومة والتقديمات العائلية.
اشتراط حصول العامل الفلسطيني على إجازة عمل مجانية، لكنها تحتاج إلى آليات وتعقيدات بيروقراطية تجعل الحصول عليها أمراً صعباً في معظم الأحيان.
إن التعديلات التي أجريت في مجلس النواب على قانوني الضمان الاجتماعي والعمل والتي أشير إليها سابقاً، تحتاج إلى مراسيم تطبيقية. وكما يبدو، فإن تنفيذ هذين التعديلين (على الرغم من الملاحظات الجوهرية عليهما) مرتبط بقرار إداري يصدر عن وزير.
لم يتغير شيء على حرية الفلسطينيين في التنقل، فما زالت الإجراءات الأمنية المتخذة حول معظم المخيمات الفلسطينية على حالها مع ارتفاع وتيرتها في الكثير من الأحيان، ما يقيد حركة سكان المخيمات دخولاً وخروجاً، الأمر الذي يتعارض مع حقهم في التنقل والعمل ويسبب ضغوطات نفسية هائلة.
منع تملُّك اللاجئين الفلسطينيين لأي عقار، ولو شقة سكنية واحدة خارج المخيمات تحت مبررات منع التوطين أو التجنيس، وهذا بالمقابل يشكل أزمة ديموغرافية واجتماعية بالغة الصعوبة للأجيال الجديدة في المخيمات. فلا المخيمات عادت تتسع للإعمار، وفي الوقت نفسه ممنوع التملُّك خارج المخيمات، والمحصلة لهذا الواقع هو ارتفاع نسبة العنوسة وسط الشباب والفتيات، وما لذلك من انعكاسات سيئة على الواقع الاجتماعي عموماً.
الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية داخل المخيمات
تراجع خدمات الأونروا في شتى المجالات الصحية، والإغاثية، والتعليمية، والبنية التحتية، والإعمار وغيرها، زاد من معاناة اللاجئين، وارتفعت نسبة الفقر والعوز في المخيمات، حيث أظهرت نتائج المسح الاجتماعي الذي أجرته الأونروا في المخيمات الفلسطينية، بالتعاون مع مؤسسة عصام فارس بالجامعة الأمريكية في نهاية عام 2010، أن 65% من اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات يعيشون دون خط الفقر، و7% هم دون الفقر المدقع، فضلاً عن أن نسبة البطالة تصل إلى 56%.
تقدر المنازل التي تحتاج الى إعادة بناء وترميم ما يقارب 4600 منزل، والمئات منها لا تصلح للسكن الآدمي وهي مهددة بالسقوط فوق رؤوس ساكنيها، وهذا ما حصل في مخيم البرج الشمالي مع اللاجئ الفلسطيني محمود فريح أبو يوسف بتاريخ 7/9/2011، حيث نقل إلى المستشفى جراء سقوط قطع من سقف المنزل فوق جسده، وكذلك انهيار ثلاثة منازل في مخيم برج البراجنة في شهر 10/2011، فضلاً عن التجمعات الأخرى مثل تجمع جل البحر، حيث أدّت العواصف والأمواج العاتية التي ضربت لبنان العام الماضي الى تضرر العديد من منازله، وما زالت السلطات اللبنانية تُمارس عليها سياسة المنع والتقييد. ولا يسمح بإدخال مواد البناء وترميم المنازل إلا بقيود مشددة.
تشكو معظم المخيمات في الوقت الحالي من امتلاء المقابر، وعدم وجود أية مساحة أخرى داخل هذه المخيمات لدفن الموتى الجدد، ما يضطر البعض إلى فتح القبور القديمة والدفن فوقها مرة أخرى. والكثير قد يضطر إلى نقل المتوفى مسافات بعيدة للبحث عن مكان للدفن، فضلاً عن دفع مبالغ قد تصل إلى مليوني ليرة لبنانية وهذا قد يرهق معظم العائلات مادياً، في ظل ما ألمّ بها من مصاب، وخصوصاً في حالة وفاة رب العائلة.
تقادم شبكات الكهرباء وعدم قدرتها على تغطية احتياجات الأهالي، وخاصةً في فصل الشتاء، وتداخل شبكات الكهرباء مع أنابيب المياه في معظم مخيمات بيروت "برج البراجنة وشاتيلا نموذجاً"، ما أدَّى الى سقوط العديد من الضحايا صعقاً بالكهرباء.
تأثّر اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بالقيود التي فرضتها دول الخليج على منحهم تأشيرات الإقامة، ما جعل نسبة الفقر والبطالة ترتفع، بالإضافة إلى عدم تجديد إقامات الكثير من الذين لديهم أعمال هناك.
في ظل هذه المعاناة، نفذ اللاجئون الفلسطينيون خلال عام 2011 سلسلة طويلة من الاعتصامات والاحتجاجات على سياسة الأونروا، وقد طالب المحتجون بما يأتي:
طالب المحتجون الأونروا بتحسين الخدمات في شتى القطاعات "الصحية، التعليمية، الإغاثية، البنية التحتية".
المطالبة بتوفير مساحات إضافية تخصص كمقابر لدفن الموتى من أبناء المخيمات.
المصدر: المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان «شاهد»