القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

شباب المخيمات يجسدون أملهم المفقود على الخشبة بدعم من مؤسسة القطان وتعاون مع «زقاق»

شباب المخيمات يجسدون أملهم المفقود على الخشبة بدعم من مؤسسة القطان وتعاون مع «زقاق»

الخميس، 12 حزيران، 2014

«إخترلي بر» عرض يلعب على خشبة مسرح «بابل» في بيروت. هم مجموعة شباب وشابات هواة فلسطينيون من مخيمات لبنان وآخرون نازحون من سوريا. بعد ورشة عمل استمرت لتسع جلسات أدارتها فرقة زقاق بدعم من برنامج «صلات: روابط من خلال الفنون» لمؤسسة عبد المحسن القطّان، كان العرض نصوصا للشاعر محمود درويش شكلت مادة الإنطلاق لصياغة النص. هي نصوص اختارها أفراد المجموعة كوسيلة للحوار في ما بينهم كما لمواجهة موروثهم الثقافي.

هم اثنا عشر عابرا وعابرة في حياة المخيمات القاسية يرسمون واقعهم على خشبة المسرح. هو واقع مر، حزين ومحبط للعزائم في مخيمات لبنان، فكيف به لمن نزحوا من مخيم اليرموك أو سواه إلى لبنان. عرض جمع بين الشعر المختار من قصائد محمود درويش، وبين النص المستوحى من واقع شباب المخيمات، وأضيفت إليهما الأغنية والحوارات الساخرة بأسى.

«عم بحلم برفيقة تقللي مشي نطلع ع الدانمارك.. ونلم كراونات ومارك». كلام يختصر طموح الشبان العاطلين عن العمل، والذين أقفلت أبواب الأمل بوجوههم نتيجة المعاناة في لبنان.

«مخيمي لا يتسع للأمل». أو «بيكفي ترفيه بلبنان بدي روح أشتغل بالسويد». أو «المفتاح بيزغر والشقا بيكبر». هي بعض مما ورد في الحوارات السوداوية المضحكة والمستدرجة للحزن في آن والتي جاءت على لسان الشبان. شباب وشابات يغوصون في حوارات تقول باستحالة أن يعيش اللاجئ في المخيم «حياة عادية». وهم يبحرون أكثر في واقعهم كشباب، في سوريا، فلسطين المحتلة ولبنان. ويخلصون إلى حال معلق لفلسطينيي سوريا، وحال مجهض لفلسطيني لبنان، ونكران وجود لفلسطيني الداخل تحت الاحتلال. الحياة الممنوعة التي يعيشها الشباب الفلسطينيون تجعل من الهجرة الأمل والمشروع الوحيد الذي يشغل بال كل منهم، بأي طريقة، وبأي ثمن. فكل منهم يردد في داخله «سأصير يوماً ما أريد».

يذكر أن الشبان الذين جسدوا العرض هم من ساهموا بكتابته من خلال نبض حياتهم الحي وبمتابعة من أيهم أبو شقرا، وعملت كل من مايا زبيب وهاشم عدنان على إدارة الورشة والإخراج.

عمر أبي عازار عضو فرقة زقاق حدد اهداف التعاون على عرض مسرحي مع شباب المخيمات بالقول: ترتكز الفكرة على العمل مع شباب فلسطينيين يعيشون في مخيمات لبنان، وكذلك الشباب القادمين من مخيمات سوريا، وهم برأينا يعيشون مشكلة مزدوجة، فهم في الوقت عينه يحملون صفة اللاجئ والنازح معاً وهم يحملون أسئلة جديدة بالنسبة لنا. زقاق تتعامل سياسياً مع قضايا مماثلة عبر المسرح دون تمرير أي موقف سياسي. نحن قصدنا التعامل مع مجموعة بشرية نعتبرها جزءاً منا ومن مجتمعنا، ومن حياتنا اليومية. كان القرار العمل على أرضية مشتركة هي نصوص الشاعر محمود درويش. نصوص سمحت لهؤلاء الشباب بطرح أسئلة لا تزال معاصرة منذ أيام محمود درويش حتى الآن، وعن الحال الذي يعيشون فيه.

٭ من عنوان العرض إلى تفاصيله نكتشف أننا أمام تأليب المواجع؟

٭ في الأساس الشباب الذين قدموا العرض لم يرغبوا بإظهار الوجع والجرح بقدر ما رغبوا بإظهار صمودهم وقوتهم ورأيهم السياسي. فنحن نعيش في مجتمع وكوكب نرى فيه الخطاب السياسي مخطوفاً من قبل السياسيين، ومنزوعاً كحق خاص بالمواطن. في عملنا كزقاق مع الشباب جميعاً نعرّفهم بأن المسرح هو خطاب سياسي، وهو رأينا، وهو ليس بكاذب كما خطاب السياسيين الموجودين حالياً.

٭ عملتم مع شباب ليس لهم صلة بالمسرح. كم تمكنتم من عجنهم لاستخراج التعبير الأفضل منهم؟

٭ نحن في فرقة زقاق نؤمن بوجود ممثل جيد وممثل كبير. الممثل الجيد هو من يمتلك تقنيات تسمح له بتقديم المطلوب منه تماماً. أما الممثل الكبير فهو الذي يتمكن ومن دون تقنيات من وضع حياته على المسرح. هنا تظهر قوة الممثل بدون تقنيات. وهذا ما قام به من جسدوا عرض «اخترلي بر» فهم وضعوا حياتهم على المسرح. وكل كلمة تخرج منهم هي قصة حياة أو موت وتحمل هذه الأهمية. لهذا نحن ننظر إليهم كممثلين كبار ومهمين، وهم لا يحتاجون التقنيات الأكاديمية لتنفيذ موقف على خشبة المسرح.

٭ هذا التعاون مع مؤسسة القطان هل يكتفي بهذا العمل المسرحي أم له تابع؟

٭ من أهم ثمار هذا التعاون أنه جمعنا بهؤلاء الشباب من خلال مؤسسة القطان، ومشروع روابط ، ومؤسسة الأمير كلاوس. أملنا أن يجول هذا المشروع على كافة المناطق في لبنان. والأهم بالنسبة لنا أن يكون هؤلاء الشباب قد وجدوا طريقاً للقاء بعضهم مع بعض، وكذلك طريقاً للتعبير خارج الأحزاب والأسلحة، وخارج البؤر السوداء التي نعاني منها نحن العرب كمثل الميلانكوليا و»الدبرسة» الناتجة عن الواقع المعاش.

أمل كعوش منسقة مشروع صلات: روابط من خلال الفنون في مؤسسة عبد المحسن القطّان الذي بدأ سنة 2012 بالشراكة مع صندوق الأمير كلاوس في هولندا. المشروع بحسب أمل كعوش: يعبر عن اسمه. وهدفه تعزيز الروابط والصلات بين مجتمعات اللجوء الفلسطيني في لبنان مع المجتمع المحلي الذي يقيمون فيه ومن خلال مشاريع فنية ثقافية. التركيز الأكبر هو على جانب بناء الصلات والروابط وصقل المهارات لدى الشباب والأطفال. الدعم من خلال مشروعنا يأخذ اتجاهين، لأول نتوجه فيه لمؤسسات معروفة بخبرتها في مجال الفنون والثقافة. وعلى هذه المؤسسات أن تقدم اقتراحات لمشاريع من الضروري أن تأتي ضمن إطار تنافسي من خلال عرضها على لجنة تحكيم تختار الأفضل من بينها.

مشروع فرقة زقاق وعرض «اخترلي بر» وسبقه ورشة عمل يأتي من خلال مشروع روابط: صلات من أجل الفنون في دورته الثانية. والجزء الثاني من الدعم يذهب إلى شباب فلسطينيين مستقلين والأولوية للاجئين في لبنان، وحالياً وبشكل استثنائي الفلسطينيين النازحين من سوريا. المقترحات الفنية التي نتلقاها تقتصر على مجال الفنون الأدائية، البصرية «باستثناء السينما» والأدب.

٭ وهل من حماس لدى الشباب؟

٭ الدورة الأولى تميزت بالحماس الكبير. ومنهم من يتحمس لتقديم عمله ومن ثم يتراجعون لأسباب متعددة منها الإحباط المتمكن من الشباب الفلسطيني الموجود في لبنان والضغط الذي يعيشونه نتيجة تناقص فرص العمل، وصعوبة الوضع في المخيمات. مشروع صلات يشجع الشباب أكثر عندما يرون انتاج غيرهم، فيقدمون مشاريعهم أملاً بفرصة دعم. العام الماضي دعمنا أربعة مشاريع لشباب فلسطينيين وهم: وداد طه عن رواية «ليمونتان»، تغريد عبد العال عن مجموعة شعرية بعنوان «شرفة مائلة»، سمير أبو قطمة في معرض لوحات تشكيلية، وبشارة داموني في معرض صور فوتغرافية. وهم شبان موزعون على مخيمات نهر البارد، ضبية، اليرموك وفلسطينية من سكان صيدا.

في هذه الدورة كان الشباب الفلسطينين النازحين من سوريا عددهم أكبر في التنافس على المشاريع الفردية، وهذا ما رفع مستوى التنافس، والسبب أن الفلسطيني الموجود في سوريا منصهر مع بيئته ومجتمعه وأكثر انفتاحاً على الثقافة، وانتماءهم قوي للبلد المضيف، في حين أن العكس صحيح في لبنان نتيجة تاريخ الحرب الأهلية، والقوانين المجحفة بحق الفلسطيني من ناحية العمل والتملك، فهي تسببت بشرخ في انتماء الفلسطيني لهذا البلد.

المصدر: القدس العربي