عائلة «بكر».. رمضان بلا ضحكات صغار «أخرستها» الحرب
السبت، 20 حزيران، 2015
لا يصدق الفلسطيني عاهد بكر (55 عاما) أن مائدة الإفطار في رمضان ستخلو من ضحكات
طفله زكريا المرحة، والضوضاء التي يثيرها قبيل آذان المغرب، رغم مرور عام كامل على
استشهاده مع ثلاثة من أطفال العائلة، إثر استهدافهم بصواريخ الاحتلال الإسرائيلي، خلال
لعب كرة القدم على شاطئ بحر غزة، خلال الحرب الأخيرة، صيف العام الماضي.
وستمر كذلك ليالي السحور، على بكر دون أن يسرع طفله زكريا ليوقظه من النوم حاملا
فانوسه الرمضاني الملون، ليستقبله الوالد بعبارة "الله يصبحك بالخير يا بطل"،
طابعا قبلة حانية على جبينه.
وفي 16 يوليو/ تموز 2014 - إبان الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة- استهدفت الطائرات
الإسرائيلية سبعة أطفال من عائلة بكر كانوا يلعبون كرة القدم على شاطئ الشاطئ، ما أدى
لاستشهاد 4 منهم وإصابة ثلاثة آخرين.
ويقول بكر لوكالة "الأناضول" للأنباء "لازلنا نعيش مأساة استشهاد
أطفال عائلتنا الأربعة حتى اليوم كأنها وقعت بالأمس، لذلك ستكون الحياة في شهر رمضان
صعبة للغاية... (إسرائيل) بقتلها لأطفالنا سرقت كل شيء جميل في حياتنا".
ويضيف: "مشهد جسد طفلي الممزق بعد تعرضه للقصف الإسرائيلي أراه يوميا في
يقظتي ونومي، كأنه يحدث الآن .. كيف سنعيش شهر رمضان وضحكات طفلي وشقاوته اختفت للأبد،
لقد بت أشعر أن الزمن توقف منذ تلك اللحظة التي استشهد فيها أطفال عائلتي، فالحزن لا
يفارقنا، والابتسامة والفرح تلاشت من منازلنا منذ عام".
ويتابع "ما ذنب ابني والأطفال الذين يلعبون معه.. كانوا يلعبون، لا يحملون
أسلحة ولا صواريخ لتستهدفهم الطائرات والزوارق، (إسرائيل) قتلت أبرياء كانوا يلعبون
على شاطئ البحر في منطقة بعيدة عن كافة المواقع العسكرية والأمنية".
ولم يتفاجئ الفلسطيني بكر عندما سمع، قبل أيام، بقرار جيش الاحتلال إغلاق ملف
التحقيق بجريمة قتل أطفال عائلته الأربعة. "كنا نتوقع مثل هذا القرار الظالم،
فكيف لدولة مجرمة مثل إسرائيل أن تدين نفسها أمام العالم بقتل أطفال أبرياء.. بالتأكيد
ستنفي هذه التهمة عن نفسها، وصمت المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان والأمم المتحدة
هو ما يشجعها على ذلك".
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، الخميس الماضي، وقف التحقيقات في استشهاد أربعة
أطفال تتراوح أعمارهم بين 9 و11 عاما على شاطئ غزة خلال الحرب على القطاع الصيف الماضي،
وحفظ القضية دون إدانة أي شخص.
وقال في بيان "تم إغلاق القضية بعد إجراء تحقيق جنائي كامل"، مضيفا
أن قضيتين أخريين بشأن استشهاد فلسطينيين خلال المعارك أغلقتا أيضا.
وإلى جانب والده، كان الطفل منتصر بكر (14 عاما) يجلس متأملا سقف الغرفة المشقق،
لينتفض جسده بشكل مفاجئ نتيجة لحالة نفسية يمر بها منذ إصابته في ذات الحادثة التي
استشهد فيها شقيقه وأطفال عائلته الثلاثة.
وبكلمات متلعثمة يروى الطفل بكر ذكريات ذلك اليوم الأليم "كنا نلعب كرة
القدم فسقطت الكرة قرب غرف الصيادين، فانطلق أحدنا ليحضرها قبل أن يستهدفه صاروخ إسرائيلي
مفاجئ ويقتله، فهربنا جميعا ليلحقنا صاروخ ثاني، وثالث، ما أدى لاستشهاد ثلاثة آخرين،
وإصابة ثلاثة بجروح متوسطة وخطيرة وقد كنت أحدهم".
ويضيف "قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي أطفال عائلتي، وقتل معهم الحياة والمرح،
فلا أجد الآن من أقضي وقتي معه وها قد حل شهر رمضان المبارك من جديد، وسأقضي معظم أيامه
نائما فليس هناك من أحد ألعب أو أتنزه معه على شاطئ البحر".
ولا يتمنى الطفل بكر سوى أن تعود غزة "جميلة"، إلى سابق عهدها، وأن
يعود للعب كرة القدم مع شقيقه وأطفال عائلته "الشهداء".
وبحسب تقرير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن الحرب الأخيرة على قطاع غزة
والتي استمرت 51 يوماً، فقد استشهد 2174 فلسطيني منهم 530 طفلاً، وأصيب 10 آلاف و870
آخرين منهم 3 آلاف و303 طفلاً، كما فقدت 145 عائلة فلسطينية 3 أو أكثر من أفرادها في
حدث واحد
المصدر: الأناضول