عائلة صب لبن المقدسية.. صمود
بوجه الاستيطان
الخميس، 26 آذار، 2015
منذ عام 1967 بدأت فصول معاناة
عائلة صب لبن المقدسية مع الاحتلال الذي يسعى جاهدا لطرد العائلة من منزلها الواقع
في عقبة الخالدية على بعد أمتار من المسجد الأقصى المبارك.
وفي عام 1978 رفع ما يسمى
"حارس الأملاك العامة" قضية ضد العائلة في محاولة لإخلائها، ولا تزال القضية
في المحاكم حتى اليوم، إلا أن عام 2010 شهد تحولا جذريا ومعقدا حين تم تحويل العقار
لجمعية "عطيرت كهونيم" الاستيطانية.
وقد أصبح قضاء الوقت في المحاكم
طابعا يوميا لحياة صاحبة المنزل نورة صب لبن (58 عاما) التي ما فتأت تدافع عن منزلها
وحمايته وحماية عائلتها من الإخلاء.
تقول صب لبن "منذ 35 عاما
وأنا أعيش حياة مختلفة عن بقية الناس، فلا أعلم متى سيكون يومي الأخير في هذا المنزل,
حياتي تتسم بالقلق والترقب ومع ذلك أشعر بالقوة والصمود لأنني صاحبة الحق وليس المستوطنون".
الجيران الأعداء
وقد ألقت القضية الطويلة بظلالها
على حياة السيدة صب لبن ولكن بطريقة سلبية حرمتها من أمور عدة تعتبر من أشكال الحياة
الطبيعية لأي إنسان، وليس أقلها الحرمان من الجار.
وفي هذا الصدد، تقول السيدة
"من البديهي أن يتواصل الإنسان مع جيرانه، أما أنا فجميع جيراني من المستوطنين
الحاقدين، وهذا يقيدني ويشعرني بالخطر أنا وأحفادي، لكنه بذات الوقت عزز صمودنا ورباطنا
بالقدس، وإدراكنا لأهمية منع المستوطنين من الاستيلاء على مزيد من أراضينا وممتلكاتنا".
وتسكن العائلة في عقار كانت استأجرته
من الحكومة الأردنية عام 1953، ومنذ احتلال القدس تحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلي
التضييق عليها وعلى عائلتها من خلال حرمانها من عمليات الترميم والتوسعة، وإغلاق المدخل
الرئيسي المؤدي للمنزل، الأمر الذي اضطر العائلة للقفز من شرفة الجيران كطريقة وحيدة
لدخول منزلها.
وفي عام 1985 سكنت أول عائلة من
المستوطنين بجوار منزل صب لبن الذي بقي المنزل العربي الوحيد في الوقت الحاضر، حيث
يحيط المستوطنون به من كل الجهات.
مسار قضائي طويل
يقول أحمد صب لبن إن القضاء الإسرائيلي
انحاز لرواية المستوطنين وأصدر قرارا بإخلاء منزل العائلة، "وقمنا بتقديم استئناف
ضد القرار وخصصت جلسة في نهاية مايو/أيار المقبل، إلا أن الجمعيات الاستيطانية حاولت
إخلاءنا بالقوة ثلاث مرات متتالية، كان آخرها في الـ16 من الشهر الجاري قبل انتخابات
الكنيست بيوم واحد، ورافقتهم شرطة الاحتلال وحرس الحدود في محاولاتهم تلك".
وأكد صب لبن أن العائلة لن تألو
جهدا في الدفاع عن منزلها، وأكد ذلك بالقول "نتحرك على كافة الصعد، ونتواصل محليا
ودوليا مع مؤسسات مختلفة للوقوف بجانب العائلة، والفعاليات التضامنية معنا تعطينا الدافع
والقوة لمزيد من الصمود والتحدي".
من جانبه، قال المحامي المختص
بعقارات القدس محمد دحلة إن قضية عقار عائلة صب لبن من القضايا الشائكة والمعقدة في
المحاكم الإسرائيلية، وستكون المحطة النهائية لمسار القضية في نهاية مايو/أيار المقبل،
ومن الصعب التكهن بنتيجة قرار المحكمة.
أطماع المستوطنين
وأضاف دحلة للجزيرة نت أن
"العائلة تستأجر العقار منذ فترة طويلة، وتعتبر بموجب القانون الإسرائيلي محمية
به، وأن إخلاءها يتم فقط بموجب أسباب محددة أوردها قانون حماية المستأجرين".
وأشار إلى أن العائلة دخلت ما
يزيد على سبع معارك قضائية في الماضي لكنها نجحت بالحفاظ على منزلها التي يقع في الحي
الإسلامي بالبلدة القديمة، "وبسبب قربه من الحي اليهودي زادت أطماع المستوطنين
فيه ودفعهم لتكثيف محاولاتهم للاستيلاء على المنزل وعدم انتظار قرار المحكمة النهائي".
وأوضح دحلة أن "إسرائيل التي
تدعي الديمقراطية تتعامل بازدواجية وتكيل بمكيالين في القضايا التي تتعلق بالفلسطينيين
مقابل الإسرائيليين"، فعقارات العائلات الفلسطينية الموجودة بالقدس الغربية والتي
احتلت عام 1948 لا يسمح للفلسطينيين باستعادتها، واعتبرت بموجب القانون الإسرائيلي
"أملاك غائبين" وغنيمة حرب فازت بها إسرائيل ووزعتها على رعاياها، وفي الوقت
ذاته تقوم بإعادة عقارات في القدس الشرقية لليهود بحجة أنهم كانوا يملكونها قبل عام
1948 .
وفي ظل هذه المعطيات يتحول الفلسطيني
للاجئ مرتين، الأولى عام 1948 عندما هجّر من بيته قسرا، والثانية في ظل محاولة طرده
من البيت الذي انتقل للسكن فيه بحجة أن مالكه الأساسي يهودي.
المصدر : الجزيرة