عندما أراد أهل الشتات العودة... في مارون الراس
الأربعاء، 18 أيار، 2011
خرج عمر الأشقر (عشر سنوات) من مخيمه الكائن في منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث يقطن. لمح في عينيه بريقاً خاصاً، نوع من الحنين لمكان ما في ذاكرة الأجداد، في مخيلته الصغيرة. هرع إلى الباص، بدأت عيناه تمتلئان بصور مختلفة عن اكتظاظ المكان الذي يقطنه، ساعات وشاهد ما يريد: فلسطين. الخامس عشر من أيار 1948: عاش الفلسطينيون نكبتهم. الخامس عشر من أيار 2011، اختار أهل الشتات العودة إلى موطنهم من جديد. حدث ذلك ضمن فعاليات "مسيرة العودة إلى فلسطين" التي نظمتها الفصائل والجمعيات الفلسطينية وجمعيات وأحزاب أهلية لبنانية. لم يكن عمر الأشقر، الصغير الذي يردد اسم قريته نابلس كثيراً، وحده في مارون الراس، النقطة الحدودية بين لبنان وفلسطين، كان معه ما يقارب الخمسين ألفاً من أقرانه اللاجئين. هناك التقوا جميعاً، صدح الهواء بشعاراتهم: "الشعب يريد العودة إلى فلسطين"، "الشعب يريد تحرير فلسطين"،" الموت لاسرائيل". خفتت الشعارات ليعلو صوت النشيدين اللبناني والفلسطيني، تبعهما كلمات لأعضاء في اللجنة التحضيرية لمسيرة العودة. "نحن نؤمن بما قاله سيد المقاومة السيد حسن نصرالله بأن زمن الهزائم قد ولى وبدأ زمن الإنتصارات"، يقول عضو اللجنة التحضيرية د. عبد الملك سكرية. وفي كلمته التي ألقاها على مسمع من أرضه ومن الحشود، أعلن سكرية أن حق العودة إلى كل فلسطين هو جوهر الصراع مع العدو الصهيوني. كما أشار سكرية إلى أن الإنتصار يتحقق باستغلال الثروات لتحقيق النهضة والتطور واستثمار القوة بالتلاحم مع " الأصدقاء والحلفاء والمقاومين، كما أن حق العودة لا يتحقق بمنة من العدو بل ينتزع بالقوة". وخاطب سكرية المشاركين قائلاً " أنتم تسمعون العالم وهذا العدو المجرم اللئيم صدى أنفاسكم وأصواتكم، لكنكم قاومتم اليأس والإستسلام". من جهته، قال عضو اللجنة التحضيرية لمسيرة العودة سيف الدين موعد إن ما يجري اليوم هو بمثابة تحد كبير "وأن هذا الشعب لم يتخل عن حقه بالعودة إلى دياره التي هجر منها بفعل إجرام العصابات الصهيونية". وأضاف موعد "على عاتق جيلنا اليوم مهمة تاريخية واستثنائية، فجيلنا يجب أن يكون جيل التحرير، وجيلنا يجب أن يكون جيل العودة". وإضافة إلى سكرية وموعد القى كل من يوسف أحمد وريما داوود كلمات خلال إحياء ذكرة النكبة الثالثة والستين. وتخلل الإحتفال أيضاً رقصات فولوكلورية وأناشيد من التراث الفلسطيني. كل ما أراده الفلسطينيون في الخامس عشر من أيار هو مشاهدة الأرض من أرض الشتات، هو تنمية الأمل بواقعية الصورة المشتهاة، رفعوا القبضات ورمقوا الجنود الصهاينة بحزم، فجاء الرد سريعاً: رصاص يطلق باتجاه الصدور والرؤوس والأجساد فكانت الحصيلة ما يقارب العشرة شهداء وعشرات الجرحى. أصاب مشهد الدم المتظاهرين بجنون المقاومة، اندفعوا باتجاه السياج الحدودي، غير آبهين برصاص الجنود المختبئين خلف الشجر. هنا قام جنود من الجيش اللبناني بإطلاق النار في الهواء بكثافة لتفريق المحتشدين ودفعهم للتراجع في ظل استمرار الجنود الصهاينة بإطلاق الرصاص. يرمق عمر الجهة الأخرى، بلاده، بنظرة تشوبها مزيج من الشوق والحزم، يقول "رح قلن لليهود إحنا راجعين، إذا مش اليوم بكرة"، أما أحد أعضاء اللجنة التنظيمية فيشير إلى أن ما جرى اليوم هو مجرد بداية سيتبعها مجموعة من الإجتماعات التي ستؤسس لنشاطات وتحركات أخرى تحت شعار واحد: الشعب يريد العودة إلى فلسطين.
المصدر: المنار