عين الحلوة في دائرة الاستهداف.. والقوى «لن نسمح بالعبث بأمن المخيم» (1/2)
لينة عطوات/ خاص «لاجئ نت»
تشتد الأزمة أو تخف، يزول الخطر أو يزيد، يتشنج الوضع أو يستتب الأمن.. مهما كانت الظروف تبقى مخيمات لبنان الشمّاعة التي تقذف عليها العديد من أسباب التوترات الأمنية الحاصلة في هذا البلد الصغير. ويُخيّل للبعض أن الوضع الأمني بدون وجود مخيمات اللاجئين الفلسطينيين سيكون أفضل حالاً.. وكأن الشعب اللبناني يعيش توافقاً كبيراً وانسجاماً وتفاهماً بين كل الفصائل، لا ينغّصها إلا الوجود الفلسطيني ووجود المخيمات.. فيستعرض كل طرف عضلاته في زج هذه المربعات البائسة معيشياً والمنتهكة إنسانيةُ من فيها، في أتون الفتنة التي تلفّ الساحة اللبنانية..
هكذا يتجسد الواقع
التوتّر الأمني في لبنان الذي لا يخفى على أحد، من شماله إلى جنوبه، يزلزل دفة الاستقرار والهدوء الحذر الذي عاشته مخيمات اللجوء.. فما تتعرض له الساحة اللبنانية من مناوشات وقتال بين أطراف سياسية أو حزبية أو فردية.... إلخ، غالباً ما ينعكس سلباً بحق اللاجئين. وقد تكون سنوات الحرب الأهلية أو حرب المخيمات وغيرها واجهت كثيراً من الأوضاع الشبيهة، إلا أن الحال في ذاك الوقت كان معلوماً بأنه حالة حرب، أما ما نعيشه اليوم فهو أخطر من كون الحاصل مجرد انفلاتات أمنية متقطعة، بل من الواضح للعيان أن مخططاً ممنهجاً يستتر بالأحداث الحالية لجرّ البلاد إلى غياهب الحرب، وإن ادعى الكثيرون أن لا نية لذلك، فإن العديد من المؤشرات تشير إلى التخوفات من حصول حرب من نوع آخر، يضيع فيها الحابل بالنابل، ويأخذ فيها الفلسطيني نصيبه الوافر منها كالعادة.
وبعد مخيم نهر البارد وتدميره، بات الطريق ممهداً أكثر لمن يحاولون العبث بأمن المخيمات، للانتقال من نهر البارد شمالاً إلى مخيم عين الحلوة جنوباً، في محاولة لتكرار ما حدث قبل سنوات. لا بل إن معركة نهر البارد أوجدت سبباً إضافياً لدى البعض باجترار موضوع سلاح المخيمات والحديث عن هروب مطلوبين إلى داخل مخيم عين الحلوة، وذلك في محاولة للنيل من أمن هذا المخيم المتداعي أصلاً. فكانوا يهربون إلى الأمام، بإثارة أمن المخيمات والسلاح الفلسطيني كلما سدّت الطريق السياسية أمام أطراف الداخل اللبناني.
وكلما «دق الكوز بالجرة» يدقّ بعض السياسيين باب مخيم عين الحلوة تحديداً، وكأنهم ينادونه إلى معركة أخرى، في الوقت الذي يعاني فيه الوضع الأمني العام في لبنان تأزماً ملحوظاً على خلفية الأحداث في سوريا من جهة، وقضية المعتقلين الإسلاميين من جهة ثانية، ومسألة الخلافات السياسية من جانب آخر وما يتبع ذلك كله من تداعيات. لكن المسألة الآن باتت أكثر تعقيداً في ظل وجود العديد من الاختراقات الأمنية التي تكررت على يد الجيش اللبناني وحواجزه مؤخراً، مما أعطى مؤشراً على طريقة التعاطي التي لم تعد استثناءً، بل سببت تشنجاً واضحاً في الأوساط الشعبية والرسمية اللبنانية.
توحّد داخلي.. وتآمر خارجي
إذاً، يبدو أن إغراق الوضع اللبناني في مزيد من المتاهات وإقحام الخيمات الفلسطينية وعلى رأسها مخيم عين الحلوة هو سيناريو من السيناريوهات المدرجة في مشهد الأزمات الحاصلة. هكذا تبدو الصورة في ظاهرها على الأقل؛ ففي حين تسود الاجواء الإيجابية داخل المخيم وتميل إلى الاستقرار كما يقول عضو اللجنة الشعبية أبو بسام مقدح، على اعتبار أن «لجنة المتابعة التي تضم منظمة التحرير والقوى الفلسطينية والإسلامية وقوى التحالف، أخذت على عاتقها الحفاظ على أمن المخيم، فالتقى كل الأطراف على ضرورة تحقيق وحدة المخيم من أجل توفير الاستقرار فيه كجزء من استقرار مدينة صيدا والجوار وذلك بالتعاون مع القوى والتيارات داخل المدينة إلى جانب الجيش وقوى الأمن»، لكن الواقع يبدو أعقد من ذلك بكثير. |
|
|
حديث مقدح إلى «لاجئ نت» أكده مراراً وتكراراً: «الأهم هو الحفاظ على استقرار المخيم في حال وُجد لدينا مطلوبون أم لم يوجد، ولن نسمح لأحد بالعبث بالأمن عندنا واجتذاب المخيم إلى دوامة الصراع الداخلي اللبناني».
|
|
هذا ما تحاول الفصائل متحدة تأكيده بشكل واضح، إلا أن بعض الجهات السياسية خارج المخيم تحاول أن تثير الشغب في قضايا المخيم وتتدخل في ثغراته؛ حيث إن «عين الحلوة، هذا المخيم بما يمثل من عنوان للشتات الفلسطينية وللقضية كان وما يزال محط أنظار كل الساعين إلى إنهاء قضية اللاجئين وطمس القضية الفلسطينية، لذلك فغالباً ما تصوّب بعض الفئات إلى الشق الأمني وما يتعلق بالوجود الفلسطيني في لبنان، وتصوير المخيمات وكأنها خارجة عن السيطرة ما يجعل مخيم عين الحلوة بشكل خاص ملاذاً لكل من يحاول العبث بالأوضاع الأمنية داخل الساحة اللبنانية خدمة لأجندات خارجية» حسبما يقول عضو المكتب السياسي في الجماعة الإسلامية بسام حمود في حديثه إلى «لاجئ نت». |
وبهذا التصور يتم التركيز دائماً على السلاح الفلسطيني، مع العلم أن هذا السلاح يغطي الأراضي اللبنانية كاملة وليس محصوراً بفئة معينة أو بمكان معين كالمخيمات فقط، وقد صدرت بهذا الشأن مقررات ضمن طاولة الحوار اللبنانية التي حصلت سابقاً، تحدثت عن سحب السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيمه داخل المخيمات. لكن ذلك لم يكفِ البعض فانتقلوا إلى استهداف المخيمات وتصويب البنادق نحو المطالبة بحل جذري لسلاح المخيمات أولاً، وقضية المطلوبين ثانياً.
في الجزء الثاني: المطلوبون... قضية شائكة.. فهل من حل؟!