فلسطينيات «خارج الإطار»...
الأربعاء، 28 أيلول، 2011
تستضيف «جامعة بيرزيت» سلسلة أعمال لفنانين فلسطينيين أنجزت من السبعينيات حتى اليوم، في محاولة لرصد الممثلات المتحوّلة للمرأة في الممارسة الفنية. معرض «داخل الإطار/ خارج الإطار» يقترح قراءات في المرأة الأيقونة، والمرأة المناضلة، والمرأة الجسد، على تخوم النكبات المتلاحقة رشا حلوة عكّا | في ٢٩ آب (أغسطس) ١٩٦٩، خطفت ليلى خالد طائرة البوينغ الأميركية. بعد هذه العملية، تحوّلت الصورة التي التقطتها المصوّرة أدي آدمز للمناضلة الشهيرة إلى أيقونة. شابة سمراء تحمل بندقية كلاشينكوف، وتلفّ الكوفية حول عنقها، صارت رمزاً لمرحلة كاملة. ليلى خالد وأيقونات أخرى من السبعينيات، يعاد إنتاجها اليوم، في معرض «داخل الإطار/ خارج الإطار» الذي يقيمه «متحف المقتنيات التراثية والفنية» بمشاركة «معهد دراسات المرأة» في «جامعة بيرزيت».
يطرح المعرض «التمثيلات المتغيّرة للمرأة في الممارسة الفنية الفلسطينية»، من خلال أعمال 19 فناناً وفنانةً فلسطينيين من مختلف المدارس والأجيال، أُنتجت خلال الفترة الممتدة من السبعينيات حتى اليوم. نشاهد هنا أعمالاً لسليمان منصور، ومنى حاطوم، ونبيل عناني، وكامل المغني، وبرهان كركوتلي، وناجي العلي، وأحلام شبلي، وماري توما، وعامر شوملي، ورائدة سعادة، وليلى شوّا، وسميرة بدران، وليان شوابكة، وفيرا تماري، ورلى حلواني، وإيناس ياسين، وأيمن عيسى، وهاني زعرب.
إيناس ياسين القيّمة على المعرض مع الفنانة فيرا تماري، قالت لـ«الأخبار» إنّهما ابتعدتا في اختيارهما للأعمال عن تلك التي تتناول قضايا نسوية مباشرة. «جاء التركيز على أشكال التمثيل المتنوعة للمرأة، خلال السنوات الثلاثين الأخيرة». في هذا السياق، توزّعت الأعمال في المعرض على أربعة أقسام. القسم الأول «في إطار البطولة» ضمّ أعمالاً من السبعينيات، بوصفها مرحلةً مهمّة في صياغة نمط «أيقوني» لتمثيل المرأة الفلسطينية، وربطها بالنضال والثورة. في هذه المرحلة، كانت المرأة الفلسطينية رمزاً للأرض، والعطاء، والوطن، كما في عمَلَيْ سليمان منصور «فلسطين»، و«صحوة القرية» (1978)، ولوحة «فاطمة» (1970) لناجي العلي، وأعمال من دون عنوان لبرهان كركوتلي، وكامل المغني، أنتجت في منتصف السبعينيات. ضمّ هذا القسم أيضاً «فتاتان من بيت لحم» (2011) للتشكيلي نبيل عناني، وهو عمل معاصر، لكنّه يحتفظ ببعض الدلالات الرمزية التي رسّختها السبعينيات.
في مجموعة ثانية بعنوان «التمثيل السياسي»، نجد عملاً لمنى حاطوم بعنوان «طاولة المفاوضات» (1983). تأخذ الفنانة موقفاً سياسياً وأخلاقياً عبر منح جسدها موقعاً داخل العمل الفني في إحالة ساخرة ربما إلى المفاوضات السياسية حول الحرب في لبنان. يعرض لحاطوم أيضاً عمل آخر معروف أيضاً بعنوان «على جثتي» (2005)، وفيه تصنع من صورة وجهها خطاً للمواجهة والتحدي، متلاعبةً بالحجم كدلالة على علاقة القوة في مواجهة الجندي الإسرائيلي.
في المجموعة نفسها، أثواب نسائية سوداء، عملاقة وخاوية، مركّبة في الفراغ، ومعلّقة في السقف، في عمل «بيوت من لا جسد لهم» (2000) لماري توما. تعالج الفنانة تيمة الشتات والوطن، ومأساة التهجير. لأحلام شبلي عملان فوتوغرافيان في المعرض، هما «فطومة»، و«حلم» (2000)، يشكّلان تعبيراً عن صورة المرأة البدوية التي أنكر وجودها الاحتلال الإسرائيلي، امتداداً لإنكار وجود قبيلتها. من الأعمال المعروضة في «داخل الإطار/ خارج الإطار» «أيقونة» (2011)، وهو عمل تركيبي للفنان والزميل عامر شوملي أنتجه خصيصاً لهذا المعرض. استوقفت اللوحة المصنوعة من 3500 قلم أحمر شفاه، جمهور المعرض وشدّته. اشتغل شوملي على صورة المناضلة ليلى خالد الشهيرة التي التقطتها المصورة الأميركية أدي آدمز. أعاد إنتاجها كما هي مع الكلاشينكوف والكوفية، لكنّه عمد الى تعبئتها بالـ«حُمرا».
يلعب الفنان الشاب على مفهوم حصر صورة المرأة، بدورها الاستهلاكي، وحلول صورة موظّفة التسويق والاستقبال مكان صورة المرأة الفاعلة المناضلة.
في القسم الثالث «الفقدان والأمل»، اجتمعت الأعمال التي حملت صورة المرأة المواكبة للانتفاضة الثانية والاجتياحات الإسرائيلية بعد عام 2000. أعمال تحكي الدمار والموت، إضافةً إلى إصرار المرأة الفلسطينية على الاستمرار والمواجهة. من هذه الأعمال «صرخة» (2011) لليلى شوا، وهو طباعة متكررة لصرخة امرأة. فهل هي صرخة في وجه الاحتلال، أم في وجه سلطة المجتمع، أم في وجه كليهما معاً؟ نساء ينتحبن بسبب الفقدان المكثّف، هو ما عملت عليه الفنانة فيرا تماري في لوحتها «الحزن الصامت» (2002). في القسم نفسه، وعلى شاشة صغيرة، يُعرض فيلم قصير بعنوان «أكتم أنفاسي» (2006) للفنانة جومانا عبود. العمل مُحمّل بأبعاد فلسفية، حول الإحساس بالاختناق داخل وعاء ماء تغمر الفنانة فيه رأسها فيه على نحو اختياري... استعارة من واقع أكبر، مكتوم النفس، ويعاني رهاب الاختناق.
المصدر: جريدة الاخبار اللبنانية