فلسطينيو سورية.. استغاثاتٌ تخترق حدود
دولٍ وسجون
الخميس،
28 أيار، 2015
ذلك الموت الذي اجتاح سورية منذ بدء الأحداث
فيها قبل 4 سنوات، دفع آلاف اللاجئين الفلسطينيين في سوريا إلى الهروب من جحيمه الأسود
إلى برّ الأمان الذي يستبدل فيه اللاجئ خوف ورعبه أمناً وطمأنينة.
لكن برّ الأمان الذي يحلم اللاّجئ الفلسطيني
أن ترسو عليه قدميه وتعانقه أحلامه، أقفل أبوابه في وجهه وتمرّد على ضعفه وعلى تهجيره..
فنحو 160 ألف لاجئ فلسطيني الذين خرجوا
من سورية، كانت وجهتهم إمّا الدول العربيّة المجاورة، أو القارة الأوروبية التي باتت
حلماً صعب المنال يخاطر فيها اللاجئ ويركب قوارب الموت ليصلها.
في الهروب الأوّل، لا لبنان ولا مصر ولا
العراق ولا حتى الأردن تستقبل اللاجئ الفلسطيني السوري على أراضيها. فكم من فلسطينيّ
هُجّر من سورية إلى الأردن يعيش في قلقٍ وخوف، يتنكّر بعضهم باللهجة السوريّة للحيلولة
دون أن تُعرف فلسطينيّته فيتم طرده من الأردن وإعادته إلى المخيمات التي تحترق بجحيم
الحرب السورية.
وكم من معتقل فلسطينيّ يقبع في السجون
المصريّة اعتقلته السلطات المصريّة لأنّه دخل البلاد بطريقةٍ غير شرعية، وما ذنبه سوى
أنّه وقع ضحيّة تجار البشر عندما حاول الوصول إلى أوروبا عبر مراكب الموت، وبقي رهن
الاعتقال. فمنذ أيّامٍ قليلة ناشد نحو 74 معتقلًا في سجن "كرموز" بمدينة
الإسكندرية في مصر بينهم 15 طفلًا و7 نساء، مؤسسات حقوق الإنسان لإنهاء معاناتهم داخل
السجن واستضافتهم في الدول الأوروبية، متخوّفين من إعادتهم إلى الأراضي السورية لكونهم
مطلوبين بسبب خروجهم بطريقة غير رسمية من البلاد نتيجة الأحداث الدائرة.
إلى ذلك أكّد «عضو مجموعة العمل من أجل
فلسطينيي سورية» إبراهيم العلي لشبكة العودة الإخبارية أنّه في الآونة الأخيرة تلقّت
المجموعة عدّة مناشدات للاجئين فلسطينيين من سورية معتقلين في أندونيسيا، وتايلاند،
ومقدونيا وفيتنام، ومدغشقر وهنغاريا وغيرها... كانوا يحاولون الوصول إلى تلك البلاد
والسفر من خلالها إلى أوروبا، لكن ساءت الظروف فتمّ اعتقالهم.
وفي مقدونيا تحتجز السلطات نحو 40 فلسطينيًا
بينهم أربعة أطفال، في مركزي حجز بمنطقتي غازي بابا وفيزبيغوفا بالعاصمة المقدونية
سكوبيا، حسبما أفادت مجموعة العمل لشبكتنا.
وفي هنغاريا أيضاً يتعرض العشرات من اللاجئين
الفلسطينيين المعتقلين في السجون الهنغارية للمهانة والمعاملة غير الإنسانية، نتيجة
إصرار السلطات الهنغارية على انتزاع بصمة اللجوء (والتي تُعرف ببصمة دبلن) قسراً منهم،
مما يعني حرمانهم من مرادهم بالالتحاق بأهلهم في دول الاسكندنافية مثل السويد وألمانيا
والنروج والدنمارك وغيرها من الدول الأوربية.
إذ يُخضع الاتّحاد الأوروبي المهاجرين
غير النظاميّين إلى القارة الأوروبية لاتفاقية دبلن التي تنصُّ على أنّ المهاجر بمجرد
وصوله أول بلد في الاتّحاد الأوروبي تُفرض عليه بصمة دبلن، حيث يتم تعميمها مباشرةً
على كامل دول الاتحاد. لذلك تمنع هذه البصمة اللاجئين من تقديم لجوء في بلدٍ آخر غير
الذي بصموا فيه. الأمر الذي يدفع اللاجئين إلى رفضها والتنصّل منها لأنها تقف عقبةً
أمامهم في طريق اللجوء إلى دول الشمال الأوروبي.
لكن هناك بعض الدول الأوروبية تقوم بكسر
هذه البصمة التابعة لدول هنغاريا واليونان وإيطاليا وغيرها.. باعتبارها دولاً لا توفّر
للاّجئين الحد الأدنى من مقومات الحياة.
ويبقى مصير آلاف العائلات الفلسطينية
السورية مجهولاً، يقع رهن الرفض العربيّ التام لاستقبال الفلسطينيّ السوريّ على أرضه،
ورهن التشريد والاعتقال والغرق وخيبات الآمال على طريق الهجرة إلى المجهول الأوروبي.
المصدر: شبكة العودة الإخبارية