فلسطينيو سورية بلبنان.. معاناة لا تنتهي
الإثنين، 26 كانون الثاني، 2015
من
لجوء إلى لجوء.. ومن فصل معاناة لآخر.. هذا هو حال اللاجئين الفلسطينيين في سوريا
الذين هجرتهم الحرب واضطرتهم للجوء جديد إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان
والتي تضاعفت معاناتها الكبيرة أصلا وسط اتهامات لوكالة الغوث الدولية (أونروا)
بالتقصير والإهمال.
لم
تتوقع عائلة عابد القادمة من مخيم اليرموك في دمشق أن تتساوى لديها أشكال المعاناة
والمرارة التي كانت تكابدها بـسوريا بعد فرارها ولجوئها إلى لبنان، فالعائلة التي
ابتليت بطفل معاق حركيا باتت تقارن ظروف معيشتها القاسية في لبنان بذات تفاصيل
عذاباتها داخل مخيم اليرموك.
وشرح
عابد للجزيرة نت ما سماها "رحلة الموت المحقق" التي كابدها أثناء فراره
وعائلته من سوريا باتجاه لبنان أملا في أفق عيش أرحب، ليتفاجأ بظروف ومعاملة
وإجراءات قاسية باتت العنوان الأبرز لكل القادمين من فلسطينيي سوريا إلى لبنان.
اليوم
وبعد مرور ستة أشهر على ولادة طفلته الجديدة ليان يقف الرجل عاجزا عن استخراج
شهادة ميلاد لها أو تأمين علاج دائم لطفله المعاق، بالنظر لتوقف منح السلطات
اللبنانية إقامات جديدة للاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا، وتعذر تبني وكالة
الغوث الدولية (أونروا) الحالات المرضية المستعصية.
ولم
تكن حال "أبو عبده" -الذي ترك مخيم اليرموك أيضا وورشة إصلاح السيارات
التي كان يعمل فيها بمنطقة الميدان- أفضل بعد أن التحق بعمل في ورشة إصلاح مماثلة
منذ عامين ببيروت تاركا وراءه زوجته وولديه.
ويشرح
أبو عبده للجزيرة نت الفارق الكبير في ظروف المعيشة والراحة والسكينة التي كانت
تلازم فلسطينيي سوريا قبل الأزمة، والحال الصعبة التي وصلوا إليها داخل لبنان، حيث
بات يلازم ورشته التي يسكن فيها ومحيطها القريب فقط، خشية الملاحقة والاعتقال على
خلفية الشروط القاسية ووقف تجديد الإقامات.
ظروف
مأساوية
ويعاني
أكثر من 45 ألف لاجئ فلسطيني قادم من سوريا -45% منهم أطفال بحسب إحصاءات لمنظمة
الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)- من ظروف معيشية مأساوية داخل مخيمات لبنان التي
تعاني أصلا من حالة اكتظاظ وضنك.
وأظهر
التقرير السنوي الدوري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في لبنان والخاص بأوضاع
اللاجئين عام 2014 فصولا مؤلمة من المعاناة وضعف الرعاية للاجئين الفلسطينيين.
وقال
مدير مكتب شؤون اللاجئين في الحركة ياسر عزام للجزيرة نت إن تدني مستوى الخدمات
التي تقدمها أونروا فاقم أحوال اللاجئين عموما، مدللا على الواقع الصحي الأليم
الذي يعاني منه اللاجئون، مستعرضا كيف يواجه المريض تعقيدات مطولة وصعبة خلال رحلة
استشفائه.
وعلى
صعيد التعليم، أشار عزام إلى الكثافة العددية في المدارس (أربعون تلميذا في كل
صف)، وبعد المدارس عن المنازل وعدم مراعاة الفوارق الأكاديمية بين الطلاب
الفلسطينيين اللاجئين من سوريا وفلسطينيي لبنان.
كما
تناول مجال البنية التحتية ملاحظا تأهيل ثمانمائة منزل فقط من أصل ثمانية آلاف،
واختلاط مياه الشرب بالمياه الآسنة، ولا سيما في مخيمي برج البراجنة ببيروت وعين
الحلوة في صيدا جنوب لبنان.
تراجع
الأونروا
وكشف
عزام عن تراجع دعم وكالة الغوث لفلسطينيي سوريا إلى ما دون مائة دولار لسكن
العائلة شهريا، وثلاثين دولارا للفرد، مع تسجيله توقف الوكالة عن التقديمات
المالية المخصصة لـ1100 عائلة، واستمرار معاناة مخيم نهر البارد منذ سبع سنوات.
وبرأي
الباحث في مجال اللاجئين ماهر شاويش فإن أبرز وجوه معاناة لاجئي سوريا تكمن في
تأمين المسكن والوضع القانوني، حيث ترتفع أجور المنازل في لبنان بصورة مستمرة نسبة
إلى عائلات نازحة ممنوعة من العمل بموجب القوانين.
وقال
شاويش للجزيرة نت إن إقامات اللاجئين القادمين من سوريا لا تتعدى اليوم ثلاثة أشهر
تنتهي بحلول مارس/آذار المقبل، مع استمرار نظرة السلطات اللبنانية للفلسطيني
القادم من سوريا على أنه "سائح غير معفى من رسوم التجديد والتخلف".
ولفت
إلى استمرار العمل بقرار منع دخول الفلسطينيين من سوريا، الأمر الذي شتت عشرات
العوائل مع استثناءات قاسية قد لا تتوافر إلا في حالات نادرة الحدوث، مع بقاء
التعامل مع ملفهم بصورة أمنية بامتياز.
المصدر:
الجزيرة نت