القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

فلسطينيو لبنان يحملون «هم الممات» ويعيشون بلا.. مقابر

فلسطينيو لبنان يحملون «هم الممات» ويعيشون بلا.. مقابر
مقبرة عين الحلوة إلى الحل، وحماس تنتظر آلية واضحة لتسليم مساهمتها
 
 
الإثنين، 07 أيار، 2012
لينة عطوات/ خاص «لاجئ نت»
 
ضاقت الحياة بالأحياء في مخيم عين الحلوة، وها هو الموت يضيق بالأموات من داخل المخيم وخارجه الذين يستقرون بعد حياة مليئة بمرارة اللجوء ومعاناة اللاجئين، يستقرّون في مدافن ضاقت بهم، حتى بات العديد من اللاجئين يوصون مجبرين بدفنهم فوق قديم موتاهم، فهم باتوا لا يضمنون إيجاد قبر لهم بعد أن ضاقت المقبرة بأمواتها..

هَمُّ الممات.. في الحياة

وبدل أن يلتفت اللاجئون في عين الحلوة إلى هموم حياتهم ويسعون لتأمين لقمة عيشهم، جاءتهم مشكلة اكتظاظ مقبرة درب السيم بالأموات، وحتى أن العديد من القبور لم تعد تسمح بإضافة أموات فوق الأموات.. وتسبب ذلك بتوتر واضح لدى الأهالي لا سيما كبار السن الذين يخشون مما سموه «البهدلة» آخر العمر.. فالحاجة أم علي التي تنهدت تنهيدة تملأها الحسرة قائلة لشبكة «لاجئ نت»: «عشنا العمر ما في بلد يحترمنا، وراح نموت، ما في قبر يأوينا».

أما خليل س. فأطلق ضحكة غامضة عندما طرحت عليه الموضوع، وقال: «أنا مش عارف كيف ما التفتّوا من قبل لقضية المقبرة، والفلسطيني يموت كل يوم بنسب أعلى من السابق، صار لازم يهتموا بالقبور أكثر من المستشفيات، فمنا من يموت على أبواب المستشفيات، ومنا من يموت من المرض وبسبب صعوبة تلقي العلاج، ومنا من يموت تسمماً من المياه، ومنا ومنا ومنا.. إذا لم يتم إعداد مقبرة جديدة بأسرع وقت، سنجد طابور الموتى ينتظر على أبواب المقابر».

وضعٌ يصعب على أهالي المخيم تقبّله نفسياً، فالهموم التي تتراكم في حياته لم تعد تتسع للمزيد، وفي حين يجد المرء راحته من معاناة الحياة بالموت، بات الموت الآن في مخيم عين الحلوة معاناة جديدة تستدعي من كل فرد تأمين قبره وضمان إيجاد مدفن له قبل أن تأتيه المنيّة. فالحاج سميح العلي يؤكد أن «إكرام الميت دفنه، ومن العيب أن يكون لمثل هذه الأزمة وجود»، لافتاً إلى أن «المبادرة بإيجاد حل هي أمر محمود، وعقبال الاهتمام بباقي القطاعات».

أزمة الموتى في تلاشي
 
 في السابق، تم توسيع المقبرة، وإضافة أرض ثانية، واليوم هناك جهود فلسطينية حثيثة لتأمين ثمن مقبرة عين الحلوة الجديدة والتي تساوي حوالى 750 ألف دولار .

وعلى الرغم من غلاء سعر الأرض نسبة إلى مساحتها التي تم تسعيرها سابقاً بـ 300 ألف دولار، إلا أن الإقدام على شراء هذه الأرض بحدّ ذاته هو خطوة جديدة وإيجابية لحل أزمة المقابر في المخيمات، وأولها مقبرة مخيم عين الحلوة، حيث كانت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والفلسطينية داخل المخيم أول من طرحت فكرة شراء الأرض لإنهاء هذه الأزمة، وكانت قد أرسلت عدة رسائل للجهات المعنية حول هذا الشأن.

والمبلغ الكبير المطلوب في هذه الأرض بات عائقاً أمام استكمال مشروع إعداد المقبرة وتجهيزها، لا سيما مع تعذر تأمين منظمة التحرير الفلسطينية لهذا المبلغ على اعتبار أنها «تمثل الشعب الفلسطيني». لكن مجموعة من الخيرين ورجال الأعمال وفاعلي الخير وعدد من التيارات السياسية والحركات الإسلامية مثل حركة الجهاد الاسلامية، وجمعية اشراق النور وتيار الفجر وغيرهم، قدموا مبلغا من المال يصل إلى 120 ألف دولار. وحتى الآن تم تأمين حوالي 450 الف دولار من المبلغ الاساسي، منهم 280 ألف دولار مقدمة من منظمة التحرير الفلسطينية، كما أن وكالة الأونروا تبرعت بالقيام بأعمال التصوينة للمقبرة وتجهيزها إلى جانب إنشاء صالة تعزية.

حماس تعهدت.. وتعد بالوفاء

بدورها تعهدت حركة المقاومة الإسلامية - حماس بتقديم مبلغ 150 ألف دولار على أن تسلمه إلى الجهات المعنية في شهر أيار الحالي. ولكن، على ما يبدو فإنن حركة حماس وبعض الجهات الأخرى التي تودّ المساهمة في المشروع تُظهر تأنياً ملحوظاً في الأمر، على الرغم من حاجة الأموات القصوى لفرع جديد يحويهم، الأمر الذي لا يتحمله أهالي المخيم.

وهنا، يؤكد المسؤول السياسي لحركة حماس في مخيم عين الحلوة خالد زعيتر أن هذه الخطوة عملية، والمبلغ موجود بالكامل كما أعلن في السابق الأستاذ خالد مشعل، ويقول زعيتر عبر «لاجئ نت»: «المبلغ الذي تعهدت به حماس سوف تسلمه بأقرب فرصة تكون فيها آلية التسليم واضحة بحيث يصل المبلغ إلى الجهات المعنية»، مشدداً على أن «الحركة حريصة أشد الحرص على المساهمة في المشروع بأقصى قدراتها، وعلى وصول المبلغ المقرر إلى الجهات المعنية بأسرع وقت، لتسريع إنهاء أزمة المقابر".

 

هل ستنتهي أزمة المقابر؟!

أرض المقبرة الجديدة لم تعتبر بعد في عهدة مالكيها الجدد، وذلك لحين استكمال المبلغ المطلوب، وهذا يحتاج لتضافر الجهود ووضع الخلافات والاختلافات جانباً، في سبيل تأمين المبلغ المطلوب، حتى لا تهان كرامة اللاجئين أحياءً كانوا أم أمواتاً.

أرض المقبرة الجديدة لم تعتبر بعد في عهدة مالكيها الجدد، وذلك لحين استكمال المبلغ المطلوب، وهذا يحتاج لتضافر الجهود ووضع الخلافات والاختلافات جانباً، في سبيل تأمين المبلغ المطلوب، حتى لا تهان كرامة اللاجئين أحياءً كانوا أم أمواتاً.

 

على كل حال، مشروع إعداد مقبرة جديدة في عين الحلوة هو العمل الذي يشكل خطوة الانطلاق نحو حل أزمة المدافن في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، لا سيما في مخيمي نهر البارد وبرج البراجنة، وعلى أمل أن يستحصل منتدى الأعمال اللبناني الفلسطيني، الذي تسلم الملف ويتابعه، على المبلغ المطلوب ليستوفي حاجته وينتقل بعد ذلك لحل ملف المقابر في مخيم آخر، تحت ظل التعاون والشراكة وبعيداً عن سياسة التفرد والدعاية.