إنهاء الانقسام والتحرك الأممي على رأس
الأولويات الفلسطينية
فلسطين: عام جديد مثقل بملفات مؤجلة


الخميس، 31 كانون الأول، 2015
تحفل أجندة العام الجديد للأراضي المحتلة برزمة
ملفات حيوية مؤجلة من سلفه، غداة تصديرها من بين ثنايا العدوان الإسرائيلي
والانقسام الفلسطيني والمشهد الإقليمي العربي المضطرب، مما "لا يعطي مؤشراً
لسنة مختلفة عن نظيرتها الراحلة غير المحمودة"، وفق مسؤولين فلسطينيين.
وتشغل قضايا "المصالحة، وغياب الأفق
السياسي، وتصعيد الاحتلال"، بالنسبة إليهم، "أبرز التحديات التي تواجه
القيادة الفلسطينية في المرحلة المقبلة"، والتي قد "يضيف استمرارها
ثقلاً معتبراً إلى تركة صعبة وقاسية من مخلفات العام، الموشك على الرحيل"،
بحسبهم.
من جانبه، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة
التحرير واصل أبو يوسف إن "عام 2015 كان قاسياً على الشعب الفلسطيني، في ظل
ما يتعرض له من جرائم الاحتلال المتواترة بالقتل والتنكيل والتهويد وهدم المنازل
ومصادرة الأراضي والاستيطان والانتهاكات المتواترة ضد المقدسات الدينية، الإسلامية
والمسيحية".
وأضاف، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة،
إن "العدوان الإسرائيلي قد تكثف منذ بداية شهر تشرين الثاني (أكتوبر) الماضي
بهدف قمع الانتفاضة الشعبية ضده"، مؤكداً بأن "الأولوية الفلسطينية في
العام الجديد يجب أن تتحدد بإنهاء الاحتلال".
وأوضح بأن "سلطات الاحتلال ماضية في تصعيد
عدوانها ضد الشعب الفلسطيني، مما يتطلب تعزيز الصمود الوطني والالتفاف والدعم
والاسناد من الفصائل والقوى للانتفاضة من أجل استمرارها لتحقيق أهداف إنهاء
الاحتلال والتحرير وتقرير المصير وحق العودة".
وحدد أبو يوسف "ثلاث ركائز أساسية مفصلية
تحتاج من القيادة الفلسطينية إلى اتخاذ مسارات متزامنة واضحة وسريعة بشأنها، لبث
بصيص من أمل للشعب الفلسطيني".
وأكد ضرورة "سرعة إنهاء الانقسام، لاحتضان
الانتفاضة ومواصلة كفاح ونضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، مما يستوجب إنجاز
الوحدة الوطنية وتحقيق المصالحة وعدم إعطاء المزيد من الوقت للاحتلال لممارسة
عدوانه وتثبيت الوقائع المغايرة على الأرض".
وبين أهمية "فرض مقاطعة الاحتلال الشاملة
والتخلص من الاتفاقيات السياسية والأمنية والاقتصادية الموقعة معه، وتنفيذ قرارات
المجلس المركزي الفلسطيني، المتخذة في آذار (مارس) الماضي، في هذا الخصوص، ودعم
حركات مقاطعة الاحتلال وفرض العقوبات عليه".
وأشار إلى ضرورة "تكثيف المساعي والجهود مع
أطراف المجتمع الدولي، لاسيما حيال توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وطرح نص
مشروع القرار أمام مجلس الأمن لإنهاء الاحتلال ضمن سقف زمني محدد وإقامة الدولة
الفلسطينية المستقلة على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس المحتلة، وذلك بالتنسيق
مع الدول العربية التي سبقت موافقتها عليه".
وتحدث عن أهمية "المضي قدماً في مسار
التحرك أمام المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة الاحتلال ومساءلته على جرائمه
المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني".
وقلل من فرصة "نجاح المراهنة على إمكانية
فتح مسار سياسي في ظل الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة
والساعية لإنهاء "حل الدولتين"".
ويشار إلى أن السياسة الإسرائيلية الاستيطانية
رفعت عدد المستوطنين لأكثر من 800 ألف مستوطن في الضفة الغربية، بما فيها القدس
المحتلة، مما تسبب في تقويض المساحة المخصصة لإقامة الدولة الفلسطينية، ضمن حدود
عام 1967 بالمستوطنات، والشوارع الالتفافية، والحواجز العسكرية.
من جانبه، قال عضو المجلس الاستشاري في حركة
"فتح" اللواء الحاج خالد مسمار إن "العام الموشك على الرحيل كان
عصيباً على الشعب الفلسطيني، لاسيما إزاء مراوحة المكان في موضوع المصالحة، بدون
وجود مؤشرات إيجابية تلوح في فضاء إنجازها قريباً، مع استبعاد حدوث انفراجة في
المسار التفاوضي المجمد".
ورأى، في حديث لـ"الغد"، أن
"العام الجديد سيحسم قضايا كثيرة، لا تتعلق فقط بالجانب الفلسطيني وإنما تشمل
الأمة العربية الإسلامية أيضاً، وسط مشهد الأحداث والمتغيرات الجارية في
المنطقة".
واعتبر أن "استلام الشبان الفلسطينيين، وهم
من الجيل الذي ولد في غالبيته ما بعد اتفاق "أوسلو" (1993)، زمام مبادرة
التحرك ضد عدوان الاحتلال، بعيداً عن أي تنظيم أو فصيل معين، جاء في ظل ضعف الدعم
العربي الإسلامي للقضية الفلسطينية، والتجاهل الدولي لها، والانحياز الأميركي
المفتوح للاحتلال".
واعتبر أن "انتفاضة الشبان جاءت لتذكير
العالم بأن قضيته حية ونابضة لم تمت، ولإعلان غضبه من كل ما يجري في الداخل، وعلى
المستويات العربية والإقليمية والدولية".
وكانت سلطات الاحتلال قد هدمت 478 منزلاً ومنشأة
فلسطينية في مختلف أراضي الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، خلال العام
الجاري.
وأمام تراكم الأزمات الفلسطينية، وغياب البدائل
والحلول الناجعة لها، والتي حلت مكانها "أنصاف" الخطوات غير المكتملة،
من دون وضع رؤية استراتيجية لمستقبل المشروع الوطني، فإن ظلال التشاؤم ترخي ذيولها
على الواقع الفلسطيني الراهن، وفق ذلك المنظور.
فقد أعرب خبير القانون الدولي أنيس فوزي قاسم عن
"تشاؤمه من مستقبل القضية الفلسطينية في ظل القيادة الفلسطينية الحالية، إزاء
التنسيق الأمني المتواصل مع سلطات الاحتلال، والإنغماس في جهود نيل الاعترافات
"المعنوية" بدولة فلسطين، والتي لن تغير، بدورها، شيئاً من الوقائع على
ألأرض".
ولفت، لـ"الغد"، إلى "ضعف الدعم
العربي الإسلامي للقضية الفلسطينية، حد غياب الاهتمام والاكتراث بما يحدث في
المسجد الأقصى المبارك من اقتحامات المستوطنين اليومية تحت حماية قوات الاحتلال،
رغم ما يتمتع به من مكانة خاصة ومتميزة في العالم العربي الإسلامي".
وتحدث عن "موقف القيادة الفلسطينية من
الهبة الشعبية الجارية في الأراضي المحتلة، والذي يلتزم صف العداء في ظل قمع
المتظاهرين ضد الاحتلال، أسوة بما حدث مؤخراً في البيرة، بينما تتخذ موقفاً
محايداً من حملة مقاطعة الاحتلال".
وقدر "باعتقاد القيادة الفلسطينية بعدم
إمكانية بلوغ وضع أفضل من ذلك القائم حالياً، غداة فشل مسار المفاوضات الممتد منذ
قرابة 22 عاماً من دون أن يحرز شيئاً على صعيد الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة
في إنهاء الاحتلال والتحرر، وتقرير المصير، وحق عودة اللاجئين".
وتابع قائلاً "رغم وصول المسار التفاوضي
إلى طريق مسدود، إلا أن السلطة لم تبرح حلقة المفاوضات نحو دائرة أوسع نطاقاً، بما
يسمح باستخدام أدوات ضغط فاعلة على الجانب الإسرائيلي، إلى جانب المفاوضات".
ونوه إلى "الأدوات القانونية"، حيث لم
تقم السلطة بأي شيء عبر مسار المحكمة الجنائية الدولية، بخلاف ما قامت به منظمات
حقوق الإنسان الفلسطينية التي قدمت طلباً موثقاً بجرائم الاحتلال المرتكبة ضد
الشعب الفلسطيني وطلبت من المحكمة المبادرة لاتخاذ إجراءات والشروع في
التحقيق".
وأوضح بأن "هذه المنظمات، مثل مؤسسة الحق
ومنظمة حقوق الإنسان في غزة والميزان في غزة، تتمتع بوضع مراقب في هيئة الأمم
المتحدة وتشغل العضوية في منظمات حقوق الإنسان الدولية وتحظى بمصداقية دولية
مرموقة".
واستبعد "حدوث أي تقدم في ملفي المصالحة
والعملية السياسية"، معتبراً أن "المؤسسات الفلسطينية فقدت الأمل في ظل
القيادة الحالية، وما لم يتم تجديد الأخيرة، فستبقى تلك المؤسسات تشيخ أكثر".
وبالمثل؛ اعتبر المحلل والكاتب السياسي لبيب
قمحاوي أن "عام 2015 وضع حجر النهاية لدور السلطة الفلسطينية، ولغياب أي
إمكانية لتحقيق التسوية السياسية، مقابل حدوث تطور ايجابي ومهم في بروز همة الجيل
الشبابي الفلسطيني لمقاومة الاحتلال".
وقال، لـ"الغد"، إنه "لأمر
مستبعد حدوث تغيير في المسار الذي انتهجته السلطة وأدى إلى تهميش دورها في الأراضي
المحتلة، في ظل التنسيق الأمني المتواصل مع سلطات الاحتلال".
وأشار إلى "غياب أية إمكانية لتحقيق
التسوية السلمية، إزاء المزاج الإسرائيلي الواضح في الانعطافة نحو اليمين المتشدد
الذي لا يؤمن بحقوق الشعب الفلسطيني، وغير المستعد لتقديم أي شيء في سبيل تحقيق
التسوية".
واعتبر أن "التطور المهم والايجابي تمثل في
بروز همة الشباب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، بكل الوسائل المتوفرة، مما أحدث
قلقاً وإرباكاً كبيرين في الداخل الإسرائيلي إزاء تنمية الشعور لديه بأنه كيان
غاصب مؤقت".
وفي حين استبعد قمحاوي "حدوث تقدم في ملفي
المصالحة والمسار السياسي، إلا أنه قدر باستمرار الهبة الشعبية الفلسطينية التي
تعكس حالة غضب الأجيال الجديدة تجاه عدوان الاحتلال المتصاعد، وهو أمر لا يمكن
التحكم به من قبل أي تنظيم أو آلية تكنولوجية".
بدوره، دعا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير
عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين تيسير خالد إلى
"الالتفاف الجمعي حول الهبة الشعبية، والانخراط في فعالياتها وتعزيزها
وتطويرها لانتفاضة شعبية شاملة، وتسليحها ببرنامج سياسي وطني يقوم على فك الارتباط
مع الاحتلال".
وأكد، في تصريح أمس، ضرورة "تطبيق قرارات
المجلس المركزي واللجنة التنفيذية ردا على مخططات الاحتلال الاستيطانية، وذلك
باتجاه وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال وإعادة النظر بالعلاقات السياسية
والاقتصادية معه".
وأشار إلى أهمية "حمل ملفات الانتهاكات
الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى مجلس الأمن، مثل ملفات الاستيطان وجدار
الفصل العنصري والحصار والعقوبات الجماعية المفروضة على قطاع غزة وجرائم القتل
والاعدامات الميدانية، وذلك من أجل تحويلها إلى مشاريع قرارات مطروحة باستمرار على
جدول أعمال المجلس، حتى لو استخدمت الإدارة الأميركية الفيتو لتعطيلها".
المصدر: نادية سعد الدين – الغد الأردنية