في جنين.. تكافل رمضاني يتشاطره المسيحيون والمسلمون
الأربعاء، 24 حزيران، 2015
يحمل راني، وهو مسيحي من بلدة الزبابدة شرق مدينة جنين، التمور والمياه المعدنية
ليوزعها على المسلمين الصائمين في مداخل مدينة جنين شمال الضفة الغربية قبيل الإفطار؛ في إطار مبادرة شبابية لشبان مسيحيين
من البلدة لإحياء فضائل شهر رمضان مع جيرانهم المسلمين.
راني ورفاقه جزء من حملات شبابية ومجتمعية تطوعية عديدة ومنفصلة عن بعضها، سعت
لتؤكد على معاني التكافل والتضامن الاجتماعي الذي يميز الشعب الفلسطيني على مرّ العصور.
يقول راني اسعيد: "إننا كفلسطينيين أخوة نتكاتف مع بعضنا في كل المناسبات،
ونتقاسم الأفراح والأتراح معا، وما هذه المبادرة إلا نشاط يسير لهذا التكافل بين مختلف
مكونات الشعب الفلسطيني".
مبادرات ذاتية
ولئن كان هؤلاء الشباب جهدوا بمبادرة رمزية قبيل الإفطار، فإن الإعلامي علي
السمودي ينشط في حملته الإغاثية "حملة الأمل - رمضان"، والتي تأتي استمرارًا
لحملة الأمل التي يعمل عليها منذ ثلاث سنوات.
ويشير السمودي، والذي كرّس جزءًا كبيرًا من وقته لهذه الحملة التطوعية الريادية،
إلى أن أصحاب الخير في فلسطين كثيرون، وتجد الترابط بين أهالي القدس مع أهالي جنين
مع نابلس والخليل والشتات.
وأضاف: إن حملة الأمل تقوم على التبرع والمساعدات الفردية، وكشفت كم هو عظيمٌ
هذا الشعب وجديرٌ بالاحترام، وكم هو معطاء وقت الشدائد.
وأكد أن التكافل والتراحم في رمضان سمة تميز شعبنا، وهي ذات أبعاد دينية واجتماعية
وثقافية توارثتها الأجيال، وتشكلت في ثقافتنا.
وفي مشهد رمضاني آخر؛ اعتاد أحد الأطباء في إحدى بلدات جنين في جنبات الليل
من رمضان على شراء مواد غذائية ووضعها في طرود وتوزيعها خفية لمنازل الفقراء، وهو ليس
سوى واحد من كثيرين ممن فهموا جيدا معنى أن تعيش مرابطا على أرض الرباط.
عامل رئيس للصمود
وأمام سيل كبير من المبادرات الشبابية في شهر رمضان المبارك، يعجز تقرير أن
يرصد كافة ملامح هذه الأنماط، والتي تؤكد الدراسات والأبحاث أنها أحد أسباب قدرة هذا
الشعب على الصمود في وجه الاحتلال.
ويشير الباحث الاجتماعي ناصر أبو بكر إلى أن التكافل الاجتماعي والذي يتجلى
في شهر رمضان، هو أحد أشكال تعزيز صمود المواطن الفلسطيني، وحتى البنك الدولي سبق أن
أشار في أكثر من دراسة إلى دور ثقافة التكافل
الاجتماعي والتراحم والتكاتف وقت الملمّات في تقوية الجبهة الداخلية الفلسطينية في
مواجهة التقلبات الاقتصادية والسياسية والحصار.
ويضيف: بالرغم مما نرصده أحيانا من بعض مظاهر سلبية تضرب المجتمع الفلسطيني
كباقي المجتمعات بسب آثار العولمة وغيرها، إلا أن ثقافة التضامن والمعونة والتكافل
الاجتماعي وصلة الأرحام ظلت راسخة ولم تهتزّ، وهي أحد الجوانب المضيئة التي يبنى عليها
اجتماعيا.
وأوضح أنه يتم رصد الكثير من المبادرات غير الرسمية وغير المؤسساتية والتي تأخذ
الطابع العفوي الذي ينم عن ثقافة راسخة تحتاج أن تنقل باستمرار إلى الأجيال الناشئة.
وطالب بتعزيز ثقافة العمل التطوعي التي تعرضت لانتكاسات في الأعوام الأخيرة.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام