القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

في غزة.. البحث عن الحياة وسط «القذائف غير المنفجرة»

في غزة.. البحث عن الحياة وسط «القذائف غير المنفجرة»


الأربعاء، 06 أيار، 2015

في كل مرة يتلقى فيها المقاول أحمد ميط، اتصالاً عن وجود صاروخ أسفل أحد المنازل يشعر بالمسؤولية والمخاطرة في نفس الوقت بعد أن أخذ على عاتقه وفريقه مهمة الحفر وصولاً لتلك الصواريخ في عمق الأرض.

وأسس ميط شركته التي يعمل فيها 35 عاملاً، بعد الحرب الأخيرة على غزة عام 2014، التي استمرت 51 يوماً وخلفّت دماراً واسعاً طال أكثر من 90 ألف وحدة سكنية؛ بعد بروز ظاهرة وجود صواريخ لم تنفجر أسفل بعض المنازل.

فريق متخصص في الحفر

وقال ميط لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"، إن تأسيس شركته المتخصصة في الحفر بحثاً عن الصواريخ التي أطلقتها قوات الاحتلال باتجاه بعض المنازل والمنشآت، فاخترقتها واستقرت في أعماق الأرض لمسافات تصل ما يقارب 30 متراً، حيث يكون الحفر على شكل ما يشبه النفق لضمان عدم إحداث تخريب وانهيارات في المنازل والمباني".

ويعمل فريق العمال التابع لميط بالتنسيق مع دائرة هندسة المتفجرات في الشرطة، التي تتركز مهمتها في استخراج الصاروخ بعد الحفر والعثور عليه، وتفكيكه فضلاً عن متابعة عملية الحفر لضمان السلامة قدر الإمكان.

ويقول ميط، إن عملهم مليء بالمخاطرة ويحتاج إلى دقة في العمل؛ لأن أي عملية حفر يمكن أن تؤدي إلى كارثة، لافتاً إلى أن المخاطرة مشتركة مع طواقم هندسة المتفجرات، وهي مجازفة تستحق التضحية لأننا نريد الأمان لأهلنا، ونسعى لتبديد حالة الخوف التي يعيشها الأهالي الذين يوجد صواريخ أسفل منازلهم.

العيش فوق الصاروخ

تجربة العيش فوق الصاروخ، عاشها المواطن أمين أبو فرحانة مع أسرته المكونة من 6 أفراد، إضافة إلى ابنه وزوجته، قرابة شهر قبل أن تتمكن هندسة المتفجرات من استخراج الصاروخ من أسفل المنزل.

وقال أبو فرحانة لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "تعرض منزلي المكون من طابقين لقصف بصاروخ من طائرات الاحتلال خلال الحرب، اخترق الطابقين واستقر أسفل الصالون"، لافتاً إلى أنه رجع للبيت بعد انتهاء العدوان، ومكث في المنزل لمدة شهر، كانت كلها أيام خوف وقلق لأسرته؛ حتى نجحت شرطة المتفجرات والدفاع المدني في استخراج الصاروخ من عمق أكثر من أربعة أمتار".

وأضاف: "كنا نعيش على ما يشبه القنبلة الموقوتة التي لا ندري في أي لحظة يمكن أن تنفجر، كانت حياتنا خوفا وقلقا، ولم نستقر إلا بعد استخراج الصاروخ".

جهود مستمرة

ولا يوجد إحصائية دقيقة لعدد المنازل المأهولة بالسكان التي يوجد أسفلها صواريخ غير منفجرة، وفقاً لدائرة هندسة المتفجرات في الشرطة، في حين يقدرها ميط بنحو 100 منزل فضلاً عن المؤسسات العامة.

ويقول النقيب أحمد أبو دية، مدير إدارة مكتب هندسة المتفجرات بغزة، لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "لا يوجد إحصائية دقيقة لعدد الصواريخ غير المنفجرة، فهناك أحياء كاملة مدمرة، وأسفلها صواريخ، لافتاً إلى أن طائرات الاحتلال ألقت آلاف الأطنان من الصواريخ والمتفجرات، وبعضها لم ينفجر ولا يزال يشكل خطراً على المواطنين، وتعمل هندسة المتفجرات على درئه بقدر الإمكان، حيث أتلفت 50 طناً من مخلفات الحرب.

وكان أربعة من خبراء المتفجرات، في وحدة هندسة المتفجرات استشهدوا، خلال عمليات إتلاف المخلفات الحربية للحرب الأخيرة.

ووفقاً لأبو دية، فإن هندسة المتفجرات تعاملت مع جميع القنابل والصواريخ غير المنفجرة في الطرقات، وأسفل المنازل، لافتاً إلى أن قوات الاحتلال ألقت أنواعا متعددة من القنابل والصواريخ، من أبرزها قنبلة MK84 التي تزن طنا، وفي الغالب استهدفت فيها المنازل السكنية، وفي حالات أخرى جرى استخدام صواريخ أكثر قوة ودقة، مثل صاروخ "GPU 39"، الذي يعد من الصواريخ التي صممت لاختراق التحصينات والتدريعات، ويستخدم للأماكن المفتوحة خلافاً لجغرافية قطاع غزة المكتظة بالسكان.

مسارات منحرفة

وأكد أنه تم حتى الآن استخراج قنابل وصواريخ من خمسة منازل مأهولة بالسكان، في مناطق مختلفة من محافظات قطاع غزة، منها صاروخ من طائرة أف 16 يزن نحو طن، آخرها قبل أيام كان لعائلة مسعود في منطقة الصبرة بغزة.

وأشار إلى أن عملية الحفر بحثاً عن الصاروخ أسفل منزل مسعود استغرق وقتاً طويلاً؛ لأن الصاروخ انحرف عن مساره، وفي لحظة كدنا نردم الحفر الذي تم؛ حتى تبين مكان الصاروخ وتم انتشاله وتفكيكه بأمان. نوع "GPU 39" من أسفل منزل تعرض للقصف خلال العدوان الأخير على القطاع في حي الصبرة جنوب مدينة غزة.

ورغم أن نسبة انفجار الصاروخ أسفل الأرض ضئيلة – وفقاً للخبير أبو دية– إلا أن مجرد العلم بوجود صاروخ يزن طنا أو أكثر أسفل المنزل يولد حالة خوف من الصعب أن يجري تبديدها أو التعايش معها.

ويقول أبو دية، إنهم تعاملوا مع إحدى الحالات في شمال قطاع ونجحوا بعد جهد كبير في استخراج الصاروخ؛ بعد أن تلقوا شكاوى بأن بعض النساء من سكان المنزل أصبن بحالات نفسية في ظل خشيتهن من انفجار مفاجئ للصاروخ.

وأشار إلى أنهم يواجهون صعوبات عديدة في عملهم، بسبب قلة الإمكانيات، ومنع إدخال الأداوت اللازمة، بسبب الحصار الصهيوني المفروض على قطاع غزة، لافتاً إلى أن عملية البحث عن الصواريخ غير المنفجرة في المنازل، تتم بشكل يدوي بحت، حيث يتم حفر نفق بواسطة عمّال، للبحث عن القنابل، مما يشكل خطرًا كبيرًا على حياة الحافرين.

ولفت إلى أن عملية الحفر مخاطرة كبيرة استعد لها المقاول ميط والفريق الذي معه، لافتاً إلى أن عملية حفر خاطئة يمكن أن تؤدي إلى كارثة.

ويشير إلى تفاوت الجهد المبذول للحفر على الصواريخ بحسب طبيعة المكان أو نوع الصاروخ، فهناك صواريخ قد تغير مسارها، وربما يجتاز البيت الذي سقط فيه ويصل إلى بيوت مجاورة، قد يمتنع أصحابها من الموافقة على الحفر أسفلها لعدم تأكدهم من ذلك، وخوفًا من انهيار منازلهم بسبب عملية الحفر.

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام