بين متحمس لكل ما يخدم فلسطين ومتخوف من الآتي
في مخيمي شاتيلا والبرج: ترقب لطلب الاعتراف بالدولة غداً
الخميس، 22 أيلول، 2011
كل شيء في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في بيروت يدلّ على أن الكلّ ينتظر تقديم الرئيس الفلسطيني محمود عباس غداً الجمعة طلبا رسميا إلى الأمم المتحدة لانتزاع اعتراف «الكوكب» بفلسطين دولة مستقلة، عاصمتها القدس.
تزدان مداخل مخيمي برج البراجنة وشاتيلا بالأعلام الفلسطينية التي رفعت للمناسبة، ومن المتوقع رفع عدد أكبر منها غداً على شرفات كل المنازل والسيارات وأماكن عمل الفلسطينيين في لبنان.
تسود المخيمين أجواء وطنية أعادت اللاجئين إلى العام 1974، حين ألقى الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات خطابه أمام الجمعية العام للأمم المتحدة، معلنا: «جئتكم ببندقية ثائر وغصن زيتون، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي». اقتبست الجملة وطبعت على ملصقات اكتظت بها جدران المخيمين.
وفي المخيمين، تعرب غالبية السكان عن تأييدها لخطوة الرئيس عباس، «بالأمس أبو عمار واليوم أبو مازن، حتى الاعتراف بدولة فلسطين». اللاجئون يريدون اعترافا عالميا بدولتهم، ويطالبون بالاعتراف بالقرار 194 الذي يضمن حق العودة. يأملون أن تصبح دولتهم هي الرقم 194 في الأمم المتحدة.
وتشهد بيروت والمناطق اللبنانية منذ أمس الأول اعتصامات حاشدة مؤيدة لخطوة الدولة. ويشارك في التجمعات الموالون للخطوة وهم فصائل «منظمة التحرير الفلسطينية» المتمثلة بحركة «فتح» والجبهتين «الديموقراطية و«الشعبية» لتحرير فلسطين بالإضافة إلى جبهة النضال وحزب الشعب.
أما المعارضون للخطوة، فلا يهاجمونها، مكتفين بالاعتراف بعدم تأييدها. ويتمثل هؤلاء بحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، بالإضافة إلى «الجبهة الشعبية - القيادة العامة» و«الصاعقة» و«فتح – الانتفاضة».
وفي حين تحفّظ بعضهم عن الإدلاء بأي رأي علني، لعدم رغبتهم في «شن الحرب» على خطوة عباس، يؤكّد المسؤول الإعلامي في «حماس» رأفت مرّة لـ«السفير»، على «عدم تأييد هذه الخطوة من دون مهاجمتها»، باعتبار أنها «مجرد عمل إعلاني دعائي ودليل على فشل مسار التسوية وسياسة المفاوضات».
ويعتبر مرة انه «منذ اتفاق أوسلو في العام 1993 وحتى اليوم، ما زالوا يتفاوضون دون الاتفاق على أسس قيام الدولة»، معربا عن تخوفه من «نعي المفاوضات بعد إلقاء الخطاب في الأمم المتحدة»، متسائلاً «ما هو مصير ستة ملايين لاجئ إذا تمّ الاعتراف بدولة فلسطين؟».
«أنا مع الخطوة اليوم قبل بكرا»
في مخيم شاتيلا، تصدح أصوات الأناشيد الثورية عبر مكبر عملاق للصوت، تمّ تثبيته على سقف خزان كبير بارتفاع خمسمئة متر في وسط المخيّم، ليصل الصوت إلى سكان المخيم كافة.
داخل مركز «الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية»، تنهمك مجموعة من السيدات في تحضير الملصقات الصغيرة التي تحمل شعار المناسبة «194 دولة فلسطين مع العلم الفلسطيني».
تشير هدى العجوز، وهي من أعضاء الاتحاد، إلى أنه «ابتداءً من التاسعة والنصف من صباح غد، سيتمّ توزيع هذه الملصقات على أبناء المخيم وسائقي السيارات، مع الدعوة العامة لرفع العلم الفلسطيني».
هنا، في المخيم، يصعب العثور على معارض لخطوة عباس، إلا بعض ممثلي الأحزاب الممانعة، الذين أكدوا على أنهم غير مخولين بالحديث عن الموضوع.
يشير أحد سكان المخيم، ويدعى محمد ديوان، إلى أنه «حان الوقت، بعد 63 سنة من التهجير، للحصول على دولة مستقلة»، معتبرا «أن هناك 126 دولة تعترف بنا عالمياً، فما المانع بالاعتراف بنا في الأمم المتحدة؟».
هو يرى أن الفلسطينيين يعيشون اليوم، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، احتفالاً وطنياً بحدث تاريخي، ويكفينا أن الرئيس أبو مازن قد توجه إلى الأمم المتحدة للمطالبة بـ«الاعتراف بنا دولياً».
«أنا مع الخطوة اليوم قبل بكرا»، يقول عمر سليمان الذي أعرب عن تأثره بمشهد «الملايين من الفلسطينيين الذين نزلوا إلى شوارع رام الله في تظاهرة شعبية أقيمت للمناسبة أمس»، لافتا إلى «أن المشهد يدفعك إلى الوقوف وراء أبو مازن الذي نتمنى أن ينجح في تحقيق كل ما طالب به الرئيس الراحل أبو عمار».
تطلب «أم عمر» تزويدها بملصقات الحملة التي ستوزع غداً الجمعة. تقول انها تؤيد «كل خطوة تتخذ من أجل فلسطين، بغض النظر عن هوية من يتخذها وأسبابه»، مشددة على أنه لم يعد بإمكان الفلسطينيين التحمل «مجزرة وشفنا، شهداء وخسرنا وأدنى حقوقنا ما عم يعطونا».
أما مسؤول «فتح» في المخيم كاظم الحسن، فيرى «أننا متفائلون من هذه الخطوة لأننا أصحاب حق، فنحن جاهزون لتحرير وطننا ويجب أن نفاوض ونقاتل ونستعد للمعركة بكل جوانبها، وشهداؤنا وشعبنا الفلسطيني هما مرجعيتنا الوحيدة».
وشنّ الحسن حملة على الأنظمة العربية قائلا «نحن لا نريد سلاحا ولا مالا من الدول العربية، نريدهم فقط أن يدعونا وشأننا».
عن أي دولة تتحدثون؟
هي الأجواء الحماسية ذاتها في مخيم برج البراجنة. أعلام فلسطينية في كل مكان، وملصقات للحملة توزّع على السكان. الموضوع ذاته على كل لــسان، والأنــظار تتجه إلى نيويورك.
ولكن، هناك أيضا في المخيم من يعرف أن خطوة إعلان الدولة لن تحل كل المشكلات. تسأل سيدة في العقد السابع من عمرها «عن أي دولة تتحدثون، فقبل الدولة، نريد منازل غير آيلة للسقوط نعيش فيها في سلام، من بعدها نتحدث عن الدولة». تسكت للحظات، ثم تؤكد دعمها لتوجه الرئيس عباس الى الأمم المتحدة، ولكن «بدنا نخلص بقا، تعبنا».
يعتبر نظيم ديراوي، وهو لاجئ يعيش في المخيم، أن «هذا هو التوجه الفلسطيني الصحيح الأول من نوعه»، مشيراً إلى أنه «على الرغم من ممارسة الضغوطات علينا، فنحن اليوم متفائلون ومستعدون لتحمّل أي شيء مقابل الحصول على دولة».
بالمقابل، يؤكد «أبو بسام» أنه ليس معارضاً للخطوة ولكن «كيف سيتمّ إعلان الدولة وهناك خمسمئة حاجز إسرائيلي في الضفة الغربية؟». معتبرا أن المطالبة بالاعتراف بفلسطين «هو كمن يكتب على الهواء، فهذا إفلاس سياسي».
بدوره، يرى مسؤول الجبهة الديموقراطية في بيروت أحمد مصطفى أن «أهمية الخطوة تكمن بالاعتراف بوجود دولة فلسطينية وجميع أراضيها محتلة لتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته»، مؤكدا على «ضرورة تعزيز هذه الخطوة بالوحدة الفلسطينية وتطبيق اتفاقية المصالحة».
المصدر: زينة برجاوي - السفير