القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

في مخيم البرج: يريدون المسيرة لأنهم تعبوا من اللجوء

في مخيم البرج: يريدون المسيرة لأنهم تعبوا من اللجوء
 
 
الإثنين، 06 حزيران، 2011
زينب ياغي – السفير

تعب فلسطينيو المخيمات من حياة اللجوء. هو الجواب الوحيد لدى أي فلسطيني يُسأل عن مسيرات العودة باتجاه الحدود.

من بين هؤلاء، رضا شرقية، وهي في السادسة والخمسين، التي شاركت مع جاراتها في مخيم برج البراجنة، وأولادهن، في مسيرة الخامس عشر من أيار، وكانت في طليعة النسوة اللواتي حضرن أنفسهن للمشاركة في مسيرة الخامس من حزيران، قبل أن تُلغى.

تقول رضا «خلص نحن نريد العودة، لقد تعبنا من صفة لاجئ، ومن المنازل الضيقة، ومن الزواريب، ومن انعدام فرص العمل لأولادنا، سواء تعلموا أو لم يتعلموا».

وما زالت رضا، وهي من بلدة عمقا، تحتفظ بثوب تراثي من حلحول منذ خمسة وعشرين عاما، وترتديه في المناسبات.

تروي أن أمها عندما نزحت من فلسطين مع زوجها كانت في الخامسة عشرة من العمر، وتحمل ولدين على يديها لأنها تزوجت في الحادية عشرة، فعاشت وتوفيت في لبنان، من دون أن ترى أهلها ولا مرة واحدة.

وتقول إنه بعد تحرير الجنوب، تمكن فلسطينيو الأراضي المحتلة الذين بقوا في فلسطين بعد العام 1948، من لقاء مع الفلسطينيين الذين نزحوا إلى لبنان، عند الشريط الشائك. فحملت هي ورقة كرتونية وكتبت عليها اسمها واسم عائلة جدها لأمها وهو من آل العكاوي، لكي يتعرف عليها أخوالها.

وقد التقت بهم بالفعل وأعطوها زجاجتي زيتون وزيت زيتون من رزقهم، ومناشف ومقالي، فيما أعطتهم هي سجادة صلاة وسبحة ومناديل لأمها المتوفاة من أجل أن ترتديها خالاتها.

وتضيف رضا انها لن تعود إلى الضفة الغربية أو غزة، في حال أقيمت دولة فلسطينيه فيهما، لأنها لن تحمل صفة لاجئة في أرضها، فهي لا تريد العودة إلا إلى بلدتها عمقا، إذا تسنى لها البقاء على قيد الحياة، مع العلم أن رضا متزوجة من رجل من الخالصة، وهي إحدى القرى السبع، وقد حصلت مع عائلتها على الجنسية اللبنانية.

أما ظريفة دوغمان، وهي في الستين من عمرها ومن ترشيحا، فتقول إنها تريد العودة من أجل العيش بين خضرة الأراضي الفلسطينية التي تراها كلما ذهبت إلى الحدود.

تؤكّد أن جديها حملا معهما أوراق ملكية الدار والأراضي لدى نزوحهما إلى لبنان، وما زالت الأوراق في حوزتها، بينما توفيت جدتها مريم دياب وهي تحمل مفتاح منزلها. وقد أعطوا المفتاح لمؤسسة «بيت أطفال الصمود» لعرضه في معارض التراث الفلسطيني.

تؤمن ظريفة بأنها إذا عادت إلى ترشيحا، فستجد أرضها وتقيم فيها. أما حاليا، فهي تعيش وحدها في منزلها في المخيم، بعدما توفي زوجها وهاجر أولادها الأربعة، وهم ثلاثة صبيان وبنت، إلى ألمانيا.

ولما ألغيت مسيرة الأمس، لم يتبق أمام سكان مخيم البرج إلا المشاركة في تجمع أقيم قبل ظهر أمس عند مدخله، بحراسة ملالتين للجيش اللبناني.

وانتقد مسؤول الجبهة الشعبية - القيادة العامة في لبنان أبو عماد رامز، في كلمة له، قرار إلغاء المسيرة «والاستجابة للضغوط الأميركية والتهديدات الإسرائيلية»، وقال إن الشعب الفلسطيني «مصرّ أكثر من أي وقت مضى على حق العودة»، معتبرا أن «المسيرات تكشف الممارسات والمجازر التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية ضد المدنيين العزل».

وقد أبدى عدد من الشبان، الذين لم يرغبوا بذكر أسمائهم، آراء متفاوتة بشأن إلغاء المسيرة، فمنهم من رأى في القرار حفاظا على أرواح المشاركين فيها، ومنهم من سأل عن سبب استمرار المسيرات في بلدان أخرى، معتبرا أن الحكومة اللبنانية سايرت الأميركيين وتنازلت أمام التهديدات الإسرائيلية.

وقال أحد الشبان «نحن نحترم قرار الدولة اللبنانية لأنها تريد الحفاظ على سلامتنا، فلو كنا داخل فلسطين لاختلف الوضع، لأن الاستشهاد في مواجهة مباشرة مع الجيش الإسرائيلي، يختلف عن الإستشهاد بالرصاص عبر الحدود».

وذكرت سيدة تقف إلى جانبه بالشاب الذي استشهد عند حدود مارون الراس، وكان في الحادية والعشرين من عمره. وقالت إن والده توفي قبل استشهاده بقليل، فرحل الوالد وابنه، تاركين أما مع بناتها الثلاث من دون معيل.

في المقابل، رأى شاب آخر أنه «لا نريد تحويل القضية الفلسطينية إلى أزمة بين الفلسطينيين والحكومة اللبنانية، ولا مع الجيش اللبناني، فالحكومة هي المسؤولة عن الأراضي اللبنانية».

ونأى شاب آخر بنفسه عن الموضوع فقال: «نحن هنا نعيش كما ترين من دون اهتمام لا بتعليمنا، ولا بعملنا، لأننا لا نعرف ما ينتظرنا، وأكثر ما نفكر فيه هو إيجاد بلد نهاجر إليه».

وعند الجامع، كان يجلس عدد من الرجال المتوسطي العمر، فأبدى أحدهم استياءه الكبير من منع المسيرة قائلا: «كان يجب السماح لنا حتى لو استشهدنا عند معبر فاطمة فلسنا أفضل من الذين استشهدوا».

وقال صاحب دكان بالقرب من التجمع إن الدول العربية تحمي إسرائيل بدل الشعب الفلسطيني، «فلو كانت تحمي الفلسطينيين، لعدنا إلى فلسطين منذ زمن بعيد».