قراءة
في قرار شطب حماس من لوائح الإرهاب الأوروبية
عوض
الرجوب-الخليل
تختلف
القراءات في قرار المحكمة الأوروبية العليا برفع اسم حركة حماس من لائحة الإرهاب
الأوروبية، ولكن مهما يكن من أمر فإن القرار يصب في مصلحة الحركة من الناحية
السياسية، وسيساهم في تدعيم وضعها وزيادرة ثقلها على الساحة الفلسطينية والعربية
والدولية.
يفتح
قرار المحكمة العليا الأوروبية رفع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من قائمة
الإرهاب الأوروبية، المجال لاتصالات علنية مع الحركة وبالتالي حلحلة ملفات عدة
أبرزها المصالحة الفلسطينية وإعادة إعمار غزة وملف التسوية.
وقد قضت
المحكمة الأربعاء الماضي برفع اسم الحركة من القائمة الأوروبية للمنظمات
الإرهابية، لكن القرار لن يصبح فاعلا قبل ثلاثة أشهر، حيث أتيحت الفرصة لدول
الاتحاد للاعتراض على القرار.
وإذا لم
تقدم إثباتا بأن حماس منظمة إرهابية سيتم رفعها من القائمة، حسب عميد كلية الحقوق
بجامعة الخليل الدكتور معتز قفيشة الذي أضاف أنه في حال نفاذ القرار سيرفع الحجز عن
أرصدة الحركة في البنوك الأوروبية، وترفع القيود عن حرية العمل ونشاط الجمعيات
التابعة لها.
الجدير
بالذكر أن قرار المحكمة الأوروبية لم يبحث تبرئة حماس من تهم الإرهاب من وجهة
النظر الغربية، بل جاء لوجود خطأ في الإجراءات التي اتخذت عند وضع اسم الحركة في
القائمة كمنظمة إرهابية حيث اعتمد القرار الأصلي على تقارير وسائل الإعلام
والإنترنت، ولم يتضمن أدلة جازمة تدين حماس بالإرهاب.
وقالت
المحكمة في بيان لها "تؤكد المحكمة أن تلك الإلغاءات التي استندت إلى أسس
إجرائية جوهرية لا تعني ضمنا أي تقييم موضوعي لمسألة تصنيف حماس كجماعة
إرهابية".
ورغم
قرار المحكمة فإن مراقبين لم يستبعدوا وجود بعد سياسي ناتج عن مناخ لم ترتح له
الدول الأوروبية بشكل كامل طوال السنوات الماضية.
اتصالات
سرية
ورجح
محللون أن القرار قد يؤدي إلى اتصال دول ضمن الاتحاد الأوروبي بالحركة، وأن تعلن
دول أخرى عن اتصالات ظلت سرية لسنوات، إلا أن هناك من حذر من تداعيات سلبية
للقرار.
واعتبر
مدير البحوث في المركز الفلسطيني للسياسات والبحوث خليل شاهين أن القرار يعكس
شعورا متناميا لدى أوساط رسمية أوروبية -بعضها فاعل في الاتحاد الأوروبي- بضرورة
إيجاد مخرج من الموقف السابق الذي التزم بشروط اللجنة الرباعية، وأغلق باب الحوار
مع حركة مؤثرة تمثل التيار الإسلامي الوسطي وتلعب دورا أساسيا في النظام السياسي
الفلسطيني.
وأضاف
شاهين في حديثه للجزيرة نت أن الموقف السابق جعل الاتحاد غير قادر على لعب دور
فعال في دفع المصالحة الفلسطينية والتأثير على مواقف حركة حماس، ووصف قرار المحكمة
بأنه تصحيح لموقف خاطئ سبق أن اتخذه الاتحاد.
ورجح أن
ترفع بعض الدول من مستوى اتصالاتها مع حماس بما يخدم الحالة الفلسطينية واستعادة
الوحدة الوطنية من جهة، ولعب دور داخل الاتحاد نفسه لتغيير الموقف الرسمي من جهة
ثانية.
ورغم أن
القرار لم يكتسب الدرجة القطعية بعد، فإن شاهين رجح عدم بروز اعتراضات على وجود
اتصالات مع الحركة أو مشاركتها في أي حكومة فلسطينية.
وكشف عن
وجود اتصالات أوروبية مع حماس، وتوقع أن تظهر بعد دخول القرار حيز التنفيذ، ولم
يستبعد أن تلعب دول أوروبية دورا نشطا على صعيد إعادة إعمار غزة وحتى عملية السلام
"لأنها باتت تدرك أنه لا يمكن تجاوز حركة حماس".
وفي
حديث سابق للجزيرة نت، أكد محامي حركة حماس خالد الشولي -الذي عمل إلى جانب زميلته
المحامية الفرنسية ليليان جلوك التي ترافعت في القضية- أنه إذا لم يتم الطعن على
القرار فسيصبح متاحا لحماس فتح مكاتب رسمية في أي بلد أوروبي.
قراءات
مختلفة
من جهته
يرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في جنين الدكتور أيمن يوسف أن
للقرار ثلاث قراءات: الأولى أنه جاء في سياق توجه أوروبي واضح -خاصة في هذه
المرحلة- يهدف إلى دعم التوجهات السياسية للقيادة الفلسطينية عموما "ربما
للاعتقاد بأن عزل حماس له مضاره السياسية الواضحة، وأن المصالحة قد تؤدي إلى تقوية
هذه القيادة نحو الحلول السلمية".
والقراءة
الثانية أن هناك رأيا أوروبيا يرى أن حماس ربما دخلت بعد العدوان على غزة وتأخر
الإعمار وتنفيذ المصالحة في حالة عزلة دولية وإقليمية، خاصة مع أحداث سوريا ومصر
ومعاداة الخليج لجماعة الإخوان المسلمين، وبالتالي الشعور بإمكانية استثمار هذا
المناخ لجر حماس نحو المسار السياسي.
أما
القراءة الثالثة وذات التأثير السلبي، فيوضح المحلل الفلسطيني أنها إمكانية تقوية
النزعة الانفصالية لدى حماس، "بمعنى أن تزيد الحركة سقف مطالبها في المفاوضات
الداخلية الفلسطينية، وقد تكون حجرة عثرة أمام المصالحة الوطنية الفلسطينية".
يذكر أن
"إسرائيل” أبدت استياءها الشديد من القرار واتهمت الاتحاد الأوروبي بالنفاق،
واستحضر رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ورقة الهولوكوست التي طالما لعبت بها
إسرائيل، وقال "يبدو أن كثيرين في أوروبا التي ذبح ستة ملايين يهودي على
أرضها لم يتعلموا شيئا، لكننا في "إسرائيل” تعلمنا". ووصف حماس بأنها
"منظمة إرهابية قاتلة".
وكانت "إسرائيل”
شنت في الصيف الماضي هجوما عسكريا على قطاع غزة بحجة استهداف حركة حماس، ذهب ضحيته
أكثر من 2100 شهيد 81% منهم من المدنيين، بينهم 530 طفلا و302 امرأة، مقابل 72
قتيلا إسرائيليا، ستة منهم فقط مدنيون.
أما
حركة حماس فقالت على لسان موسى أبو مرزوق نائب رئيس مكتبها السياسي إن "هذا
القرار تصحيح لخطأ تاريخي ارتكبه الاتحاد الأوروبي.. حركة حماس حركة مقاومة وحقها
الطبيعي -حسب كل القوانين والشرائع الدولية- أن تقاوم الاحتلال".
المصدر:
الجزيرة