قلب بسمة في الثانية من العمر ومهدد بالتوقف عن النبض
زينة برجاوي - السفير
تنظر بعينين بريئتين كأنها تريد ان تقول شيئا لكنها لا تستطيع. هي في الثانية من عمرها بعد، فكيف تعبّر عمّا يوجع قلبها العليل منذ الولادة؟ لا يصدر عنها إلا صوت خرير جهازها التنفسي. تبدو كمن تعب وهو لم يعرف من العيش شيئا بعد. هل تدرك بسمة أن قلبها الصغير مهدد بأن تتوقف دقاته بين لحظة وأخرى، إن لم يتوفر من هو راغب في إنقاذها؟
أبصرت الطفلة الفلسطينية بسمة زمزم النور في التاسع والعشرين من حزيران العام 2009، محمّلة بمتطلباتٍ لا يقدر عليها والدها محمود الذي يعمل كبائع للسمك على الشارع العام في مخيم برج البراجنة. يعيش محمود كغيره من اللاجئين ظروفًا صعبة. لم يشك يومًا من معاناته، وهو يعيل زوجته وأطفاله الأربعة. اضطرّ أن يكسر جدار صمته، بعد ولادة طفلته بسمة ، في محاولةً منه، وبأي وسيلة ممكنة، لإنقاذ طفلته التي تُصنّف من ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة الى مرضها الذي ولد معها. |
|
|
تعاني بسمة من تضخم بشريان القلب الرئيسي منذ الولادة، وفق ما تشير اليه بطاقة صحيةصادرة عن مستشفى الجامعة الأميركية فى بيروت حيث تتلقى بسمة العلاج. كما تعاني من فتحات في القلب والشرايين، ويبلغ حجم الفتحة الواحدة سنتمترًا ونصف. لم ينته الشرح عن المرض بعد، لأن شرايين قلب الطفلة تضخ الدم على زوايا الجهاز التنفسي، وليس لها جدار على غلاف القلب الخارجي. كلّ ذلك وما زالت بسمة تعاند الموت، وبسبب المرض، أضطرت الأسرة المؤلفة من الوالدين وبسمة وإخوتها الثلاثة، لمغادرة منزلهم داخل مخيّم برج البراجنة، بناء على نصيحة الأطباء بسبب بيئة المخيم غير الصحية، والانتقال للعيش في منزل متواضع في منطقة الدبية، يعجزون عن تغطية تكاليف إيجاره.
وكان محمود قد اجرى لطفلته جراحتين في العام 2009 في مستشفى الجامعة الأميركية، إحداهما كانت جراحة قلب مفتوح لإغلاق الشريان. وقد تكفل رجل خير قطري بتغطية تكاليف الجراحة حينها، مقدما مبلغ سبعين ألف دولار.
ومع الزيارات الدورية للأطباء والمستشفيات العامة والخاصة، تراكمت المصاريف والديون على الأسرة الى درجة باتت عاجزة عن تأمين استمرار العلاج. ودقّ محمود أبواب الكثير من الأشخاص الذين يعرفهم. وقامت كل من الأونروا وصندوق الضمان التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية بالتبرع بمبلغ متواضع لاستكمال علاج بسمة. كما تبرّع عدد من الخيرين ومنهم مؤسسة «بيت أطفال الصمود»، «حركة حماس،» وأحد أبناء مخيم برج البراجنة على الرغم من أوضاعه الصعبة، وتكفّل قسم المساعدات في مستشفى الجامعة الأميركــية بجزء كبير من المصاريف في الفــترات الماضية.
وفى شهر تموز الماضي ، نُقلت بسمة الى المستشفى بعدما دخلت في غيبوبة وفقدان وعي تام. خضعت حينها لعملية قلب مفتوح من أجل تثبيت ملاقط للجهاز التنفسي. كانت تلك الجراحة ضرورية للتمهيد لجراحة كبرى قادرة على إنقاذ حياتها اليوم، وتتركز على تركيب جدار قلب رئيسي في أسرع وقت ممكن، في جراحة تكون الأخيرة وتضمن شفاء الطفلة أخيرا. ذلك فقط إذا توفّرت الكلفة اللازمة.