القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

كأنها «صبرا وشاتيلا» في الشجاعية!.. 60 شهيداً وأكثر من 400 جريح في مجزرة إسرائيلية

كأنها «صبرا وشاتيلا» في الشجاعية!.. 60 شهيداً وأكثر من 400 جريح في مجزرة إسرائيلية


الإثنين، 21 تموز، 2014

أعادت صور جثث الشهداء وهي مُلقاة على جوانب الطرقات وداخل المنازل في حي الشجاعية في شرق مدينة غزة، ورائحة القذائف والبارود والموت، إلى الاذهان صور ومشاهد مجزرة صبرا وشاتيلا التي ما زالت شاخصة أمام أعين الفلسطينيين برغم مرور 32 عاماً على ارتكابها، إذ أن المشهد يتكرر وكأنها دراما سينمائية يعاد إخراجها من جديد لكن مع اختلاف الأزمنة من دون اختلاف الأشخاص، فالقاتل هو ذاته والضحية نفسها.

عند وقت السحور، فجر أمس الأول، بدأ القصف المدفعي الهمجي الإسرائيلي على حي الشجاعية، ما أدى إلى استشهاد 60 مواطناً وما يزيد عن 400 جريح، من بينهم عائلات بأكملها، وفقاً لوزارة الصحة في غزة. القصف أدى أيضاً إلى تدمير مئات المنازل في مشهد دمار وخراب لا يمكن وصفه، بالإضافة إلى نزوح مئات العائلات الفلسطينية من الحي إلى مستشفى «الشفاء» في وسط مدينة غزة، هرباً من القصف في مشهد أشبه بنكبة جديدة.

وفي هذا السياق، قال شهود عيان لـ«السفير» إنهم شاهدوا عشرات الجثث وهي ملقاة على الطرقات، بينما دمّرت قذائف المدفعية الإسرائيلية المتمركزة في شرق الشجاعية عشرات المنازل على رؤوس ساكنيها، «بعدما انهالت عليهم بشكل عشوائي وهمجي».

وتقول ابتسام البلتاجي، وهي إحدى اللواتي نزحن مع أطفالها التسعة إلى مستشفى «الشفاء»، إن «المدفعية الإسرائيلية بدأت قصف حي الشجاعية بالكامل منذ أذان المغرب يوم السبت وحتى ساعات الصباح، وانهالت علينا القذائف بشكل عشوائي وفي كل مكان».

وتصف البلتاجي القذائف بـ«المطر الذي يتساقط علينا»، مضيفة أن «من استطاع النجاة من القذائف نجا، ومن لم يستطع سقط إما شهيداً أو جريحاً».

أما أحد الناجين من المجزرة، فيقول إن «القصف كان فوق رؤوسنا، أخذنا نركض مسرعين ويتساقط بيننا شهداء، واستمرينا في الركض ويتساقط الشهداء، كنا 50 شخصاً ووصلنا إلى خارج الشجاعية 12 فقط».

بدوره، يقول زياد أحمد: «خرجنا من بيوتنا كاللاجئين بالضبط، هرعنا نحن وأطفالنا وأبناؤنا وزوجتي في الشوارع والقذائف تنهال على رؤوسنا وفي كل مكان، تركنا كل شيء خلفنا، ما حدث مجزرة تفوق العقل ولا يمكن وصفها».

ويتابع، في حديث إلى «السفير»: «كنا موجودين داخل المنزل والقذائف تتساقط في كل مكان، سمعنا صراخ جيراننا ومناشدتهم للصليب الأحمر وسيارات الإسعاف بعدما سقطت قذيفة على منزلهم أسفرت عن استشهاد عدد من أبنائهم وإصابة آخرين، ناشدنا الجميع لكن لا أحد يجيب».

ورفضت قوات الاحتلال الاسرائيلي أكثر من طلب للجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة، بالسماح لها ولطواقم الإسعاف بدخول حي الشجاعية من أجل إجلاء الشهداء والجرحى، إذ تعرضت الطواقم إلى استهداف مباشر واستشهد أحد عناصرها.

وائل حمدان يروي لـ«السفير» كيفية استهداف منزله قائلاً: «قصفوا بيتنا الساعة الثالثة فجراً، ثلاثة من أخوتي أصيبوا وبقوا ينزفون حتى الصباح، إذ لم تتمكن ولو سيارة إسعاف واحدة من دخول الحي وأنا أسكن في شارع النزاز الذي تعرض لسيل من القذائف المدفعية».

ويضيف حمدان: «هدموا كل البيوت بالقذائف، ودمروها في شارعنا وشارع المنصورة، ما حدث أكبر من أن يوصف بالمجزرة، دماء تسيل في كل مكان والشهداء والجرحى شاهدتهم بأم عيني في كل مكان».

في مستشفى «الشفاء» أم أخذت تبحث عن زوجها. «قصفوا الناس في داخل بيوتها، هربت أنا وابني وبناتي التسعة من موت محقق، ولا زلت أبحث عن زوجي، أنا على يقين أنه استشهد، لكنني لم أره حتى الآن».

إلى جانبها، تقف امرأة أخرى وتقول وهي تبكي: «هربنا من القصف وحتى الآن أبحث عن أفراد عائلتي لا أعرف أين هم ولا أين ذهبوا».

المسعفون عايشوا أيضاً يوماً عصيباً. سلامة الأعرج هو أحد المسعفين الذين دخلوا حي الشجاعية. يقول لـ«السفير» إن «الحي عبارة عن منطقة منكوبة، القذائف تنهال عليه منذ الليل وحتى ساعات الصباح، دخلنا لإجلاء عشرات الشهداء والاصابات. في أحد المنازل تلقينا مناشدة منه بوجود تسع إصابات، لكن قوات الاحتلال أطلقت علينا النار والقذائف لأربع محاولات متتالية».

ويوضح الأعرج أنه «وفي المرة الخامسة، دخلنا خمس سيارات مع بعضنا البعض ووصلنا إلى المنزل حيث المصابون، حاولنا إنقاذهم، لكننا وجدنا تسعة شهداء».

ويعتبر حي الشجاعية من أكبر أحياء مدينة غزة، يقع في شرق المدينة، وينقسم إلى قسمين، الجنوبي، أو ما يعرف بـ«التركمان»، والشمالي، يبلغ عدد سكانه وفقاً لآخر إحصائيات بلدية غزة 96750 نسمة.

من جهته، وصف المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة، ما حدث في حي الشجاعية بـ«المحرقة والإبادة الجماعية المتعمدة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي».

وفي حديث إلى «السفير»، قال القدرة إن «قطاع غزة أصبح الآن يتعرّض لهجمة ومحرقة مسعورة تستهدف المدنيين العزل»، لافتاً إلى أنّ إسرائيل رفضت طلبات متكررة للجنة الدولية للصليب الأحمر بإدخال سيارات الإسعاف للحي. وشدد على أنّ ذلك يدلل على أن «هناك قرار إبادة إسرائيليا للفلسطينيين في غزة».

وتعرضت طواقم الاسعاف والطوارئ إلى استهدافات من قبل قوات الاحتلال في حي الشجاعية، إذ استهدفت خمس سيارات إسعاف، وأصابت 17 مسعفاً من طواقمها.

وفي وقت سابق، هدّدت إسرائيل سكان حي الشجاعية بأن «مصيركم كضاحية بيروت الجنوبية»، وفقاً لما نقله كاتب إسرائيلي عن مصادر عسكرية إسرائيلية قبل أيام من بدء العملية البرية في غزّة.

المصدر: محمد فروانة - السفير

/cms/assets/Gallery/1443/ce536e36-fe10-4806-82c1-ed393b8fab36.jpg