القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

كل ما تبقى لنا... رصيف

كل ما تبقى لنا... رصيف
 
الإثنين، 11 تموز، 2011

إن الانحياز الفني الحقيقي هو: «كيف يستطيع الانسان أن يقول الشيء العميق ببساطة». عبارة لغسان كنفاني تختصر النشاط الفني الذي اقيم في ذكرى استشهاده على رصيف مقبرة شهداء فلسطين في بيروت.

«كل ما تبقى لنا»، كان هذا عنوان الدعوة التي أطلقها طارق جزار، العضو في كتيبة خمسة، لرسم جدارية على رصيف مقبرة الشهداء، في ذكرى غسان كنفاني. دعوة طارق لاقت استحسان ثلاثة أشخاص لتتحول إلى أمسية. السادسة مساءً، تقترب سيدة من باب مقبرة الشهداء. تنتظر لدقائق قبل أن تتصل بهاتفها لتتأكد من المكان والزمان. تظهر في اللحظة نفسها فتاة أتت من برج البراجنة. تسأل الفتاة: «جبتوا الموتور!»، ثم ترتسم على وجهها علامات الرضى، فمجهودها في البحث عن موتور بين البرج وشاتيلا، على مدى يومين، لم يذهب سدى. لحظات قليلة وتصل شاحنة ينزل منها بضعة أشخاص. يحمل أحدهم «دلو» دهان ويتجه إلى المدخل الرئيسي للمقبرة، بحثاً عن ماء. يلمح في الداخل مجموع من الشباب يقفون بالقرب من ضريحيْ غسان ولميس، ابنة شقيقة الكاتب. يجد ماءً يخلط به الدهان ويعود إلى الرصيف.

يبدأ الشاب بطلاء الجدار، بينما ينهمك رفيقاه مع آخرين في تركيب الصوتيات وجهاز عرض الفيديو. تلتفت صبية إلى طارق الجزار لتسأله: «شو مش رح تبلشوا؟». يلتفت إلى بوابة الرصيف بحثاً عن قادم قبل أن يجيب: «رواد تأخر.. علقان بعجقة السير، بس يوصل بنبلش سوا». يقترب أحدهم من شاب منهمك في توصيل شريط الكهرباء سائلاً إياه «ايمتن رح تبلشوا؟». يردّ: «بس ينشف الدهان ويصير عتم علشان عرض الافلام». ينطلق ناحية الموتور ليسأل من حوله «يا شباب حدا جاب بنزين؟». يأتي الجواب من قرب البوابة «يلّا على الطريق». لحظات ويرتفع في المكان صوت موسيقى للكتيبة خمسة. يقترب أحدهم «في موسيقى تريو جبران، لازم نحطهم مع الرسائل».

فجأة، يختفي الصوت، ليخيّم ارتباك على وجوه الحاضرين. «وين البنزين يا شباب؟»، يلتفت الجميع ناحية البوابة. دقائق قليلة ويصل شاب على دراجة نارية، يحمل قنينة صغيرة ويتجه ناحية الموتور. ينهمك رواد غطاس وطارق في رسم الجدارية، بينما يبدأ مروان عبد العال بقراءة رسالة من أنهار حجازي إلى غسان. بعدها، تليت رسالة من شباب الثورة المصرية فقصيدة لعلي أيوب عن كنفاني.

مع حلول الظلام، ينطلق عرض سنيمائي بسيط. كانت البداية مع أبي السينما الفلسطينية مصطفى أبو علي «ليس لهم وجود». يعلق أحدهم: «أول فيلم أنجز في زمن الثورة». بعدها، كانت تحية إلى السينما الفلسطينية عبر الكتيبة خمسة، إذ أنتج الفريق موسيقى جديدة لموال بوادي الذي استعمل في فيلم كفر قاسم للمخرج برهان علوية. واختتمت الأمسية بفيلم «ستون وحدة زمان» من انتاج استديو مخيمات.

في اليوم التالي، ضيوف جدد على ضريح الشهيد. ابنة الراحل ليلى وزوجته آني تقفان بين اطفال مؤسسة غسان كنفاني فيما ترتفع في ايديهم أعلام فلسطينية. يتقدم أحد الاطفال ليلقي كلمة عن الراحل تلقى اعجاب ليلى التي تسأل عمن أعدّ الكلمة. يأتي الجواب من إحدى المشرفات: «الأطفال وإحنا ساعدنهم». يشغل بعض الأطفال بالتقاط الصور قرب ضريح كنفاني حيث ثبتت صورة له وغلفت بطريقة جديدة تمنى الحاضرون أن تصمد هذا العام أمام حر الصيف ومطر الشتاء.

يدور حديث بين آني وليلى مع الأطفال عن غسان ولميس. يقف الجميع بعدها لالتقاط صورة تذكارية قبل عودتهم إلى الحافلات مروراً على رصيف الأمس. يستمع الأطفال إلى شرح عن الرسم ويتلقون وعداً للمشاركة بجدارية العام المقبل.

المصدر: جريدة الاخباراللبنانية (علاء العلي)