لاجئو فلسطين يحكون قصتهم في أوروبا
الخميس، 05 نيسان، 2012
في التاسع عشر والعشرين من آذار، نظمت الأونروا مؤتمرا دوليا في بروكسل تحت عنوان "إشراك الشباب: لاجئو فلسطين في شرق أوسط متغير". وكان أحد العناصر الرئيسة في ذلك المؤتمر يتمثل في إحضار 24 شاب من لاجئي فلسطين إلى أوروبا من الأردن ولبنان وسورية والأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد تحدث أولئك الشباب للحاضرين في ذلك المؤتمر عن التحديات التي يواجهونها كشباب وكلاجئين. وبعد انتهاء المؤتمر، زار الشباب مقر البرلمان الأوروبي للقاء مجموعة من المندوبين المختارين إلى جانب لقاء وفد من الشباب البلجيكي.
إنها فرصة لا تتاح لأي شخص آخر. لقد كان كل واحد منا نحن الشباب الأربع والعشرين محظوظين بشكل كبير بفرصة الالتقاء ببعضنا البعض وبتمكننا من التكلم وإيصال رسائلنا إلى العامة وإلى الساسة. لقد منحنا هذا المؤتمر توقعات أعلى بكثير مما كنا نحظى به قبل ذهابنا إلى بروكسل. وقد زودنا أيضا بتعريف واضح لماهية هويتنا، كما أنه استطاع أن يعطينا نظرة عامة عن المعاناة التي مر بها كل شخص فلسطيني، وعن الصعوبات التي يمرون بها. لقد عملت الأونروا جاهدة بالفعل من أجل منحنا هذه الفرصة لأن نرفع أصواتنا لتكون مسموعة في أوساط أصحاب المصلحة الذين حضروا ذلك المؤتمر. إننا معشر الشباب نفكر عادة أن مؤتمرات كتلك تنتهي بدون نتائج؛ وعلى أية حال، فقد أعطانا هذا المؤتمر الإحساس بالعكس من ذلك تماما. فبدلا من تقديم الوعود، قام المؤتمرون بمنحنا عشرة التزامات.
لقد جمعنا هذا المؤتمر سويا لكي نتحدث بصوت واحد من واقع ظروف مختلفة. نعم، لقد أتينا من أقاليم مختلفة: من غزة ومن الضفة الغربية ومن لبنان ومن الأردن ومن سورية؛ إلا أنه وفي نهاية اليوم، فقد شعرنا وعرفنا أننا جميعنا ننتمي إلى نفس الأرض: "فلسطين". لقد اعتقدنا أننا لن نكون قادرين على التأقلم مع بعضنا البعض حيث أننا لم نحظى بالكثير من الوقت لمعرفة بعضنا البعض. ومع ذلك، فقد فوجئنا بالنتيجة النهائية. لقد نجحنا بالشعور بأننا نعرف بعضنا البعض منذ زمن طويل، وليس منذ ستة أيام فقط. لقد أدى ذلك إلى صعوبة الوداع، سيما وأننا كنا نعلم أنه من ضرب المستحيلات أن نلتقي مجددا. لقد كانت أمنيتنا في نهاية اليوم هي أن نلتقي ببعض مرة أخرى؛ ليس في بروكسل هذه المرة بل في ربوع الوطن. هل ما نطلبه صعب المنال؟ نحن نعتقد أن تلك هي القاعدة.
وفيما يخص مضمون المؤتمر، فقد كانت الموضوعات الأربعة الرئيسة التي تمت مناقشتها خلاله هي: مشاركة الشباب وتمكين اللاجئين الشباب اقتصاديا وبناء رأس المال البشري والاستثمار فيه والشباب في مواجهة التهميش. لقد ناقشنا كل موضوع في جلسة منفصلة، وفتحت تلك النقاشات آفاقا للتعاون والشراكة بيننا وبين الأونروا. وفي كل موضوع، أتيحت لنا الفرصة للحديث عن العقبات التي نواجهها في أقاليم العمليات الخمسة، وقمنا بإيصال رسائل رئيسة ومقترحات من أجل التخلص من تلك العقبات ومن أجل الحصول على الحياة العادلة التي نستحقها.
ياسمين رباح، مدينة غزة (22 سنة)
"لقد كان الاجتماع بالبرلمان الأوروبي فرصة عظيمة. لقد استطعنا خلال جلستين أن نحكي قصص الفلسطينيين في أقاليم عمليات الأونروا الخمسة فيما يختص بحقهم في المشاركة والحرك والهوية والانتهاكات غير العادلة والمنتظمة التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشباب في الضفة الغربية وثطاع غزة. وقد أكدنا على أن حقنا في التمتع بالهوية الفلسطينية ليس وصمة عار، بل هو حق مثلما هو شرف أيضا!"
أحمد ياسين، رام الله، الضفة الغربية (21 سنة)
"في نهاية الأمر، فإن الصداقة القوية التي بنيناها سويا كمجموعة
– والتي عملت بشكل أو بآخر على خلق شعور بالحزن بأننا سنواجه صعوبات في الالتقء مجددا –
تؤكد على إرادتنا وعلى قوتنا في الاستمرار بالقتال من أجل أن نحيا سويا في دولة واحدة تدعى فلسطين".
معتز الجمل، رفح، غزة (17 سنة)
"لست إنسانا منفتحا في العادة. أنا شخص انعزالي ولا أرغب بالحصول على مساعدة من أحد. وقد أدركت في نهاية الأمر لماذا أنا بحاجة إلى الآخرين. إذا لم نقم بوضع أيدينا بأيدي بعض، فمن غيرنا سيفعل ذلك؟"
علي شحادة، مدينة غزة (23 سنة)
"إن هذا المؤتمر، مثلما هي زيارتي إلى بروكسل، قد عملا على تغييري على مستويات عدة لدرجة أنني لا زلت أحاول استيعاب الأمر. إنني أنتمي إلى شيء ما، ولأول مرة أحس بأنني أنتمي لشعب ما. إنني فلسطيني للمرة الأولى في حياتي. لقد أظهر لي هذا المؤتمر ما الذي يمكن للدماء الجديدة أن تفعله لمنظمة مثل الأونروا. وكم حجم كسب التأييد الذي يمكن أن نقدمه؛ وحجم الضغط الذي يمكننا أن نقوم به. نحن نقدم وجهة نظر مختلفة، وهذا شيء فريد. وبالنسبة لي، فإن هذه مجرد البداية. لقد فتحت عيناي على العديد من الأشياء؛ وقد أظهرت لي عن كثب ما الذي يمكن أن أفعله، وما الذي يمكننا أن نفعله سويا".
أحمد خطاب، صيدا، لبنان
"لقد قام 24 فلسطيني بزيارة بروكسل في الأسبوع الماضي. لقد كانت فلسطين حاضرة في ذهن 24 شابا فلسطينيا التقوا سويا للمرة الأولى في حياتهم برغم كل العوائق، وقد لا يتمكن بعضهم من الالتقاء بالآخر مجددا. إلا أن الأمر انتهى بهم جميعهم بزيارة فلسطين في بروكسل. والآن، نحن نعود بروح مختلفة وبميل أقوى للعمل ولتغيير الواقع الذي نعيش فيه. لن يتوقف أي منا على الإطلاق، ولا ينبغي ذلك لأحد".
سحر موسى، مدينة غزة (21 سنة)
"كان مؤتمر الأونروا الخطوة الأولى بالنسبة لنا اللاجئين الفلسطينيين للمطالبة بحقوقنا في حياة وفرص متساوية. من الواجب أن نحظى بنفس الحقوق التي يتمتع بها الشباب الآخرون في أرجاء العالم. ونحن نستحق الحصول على فرصة لبذل أقصى جهودنا من أجل مساعدة أنفسنا ومساعدة الآخرين. وإنني أعتقد أنه من الواضح للجميع الآن بأنه ينبغي على الأونروا أن تحول اهتمامها نحو نهج التنمية الاقتصادية، وذلك بما أننا لا نستطيع تجاهل الموارد البشرية الفلسطينية. إن ما نحتاج إليه هي بيئة داعمة لفعل ما نحن قادرون على فعله وليس قيام شخص آخر بفعله لنا".
فاتن جدعان، البقعة، الأردن (19 سنة)
"لقد تحدثنا خلال المؤتمر وفي البرلمان الأوروبي أيضا، وجعلنا العالم يدرك بأننا قصص حياة حقيقية ولسنا مجرد أرقام. لقد تحدثنا من أجل أن نقوم بإيصال رسائلنا للعالم. لقد تم استلام التوصيات التي منحتنا الأمل بأن أصوات الشباب مسموعة وأن مطالبهم يتم قبولها والنظر فيها".
إحدى المشاركات الأخريات من الضفة الغربية قالت: " لم تكن توقعاتي حيال المؤتمر متفاءلة في البداية. لقد اعتقدت أنه سيكون مؤتمرا خاليا من العواطف وقائما على المشروعات، إلا أنني فوجئت بكمية الطاقة والرغبة لدى الأونروا لكي تعرف حقيقة مشاعر الشباب حيال حياتهم في مخيمات اللاجئين والتحديات التي يواجهونها. لقد كان هناك الكثير من التفهم في نهاية الأمر بحيث أنه تم تحديد أفكار واضحة بشأن السبيل من أجل المضي قدما. لقد كانت زيارة البرلمان ناجحة هي الأخرى؛ وكان من الرائع أن يتم سماعنا من قبل أعضاء البرلمان وأن نفهم كيف ينظرون إلى الأمور في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإلى الفلسطينيين في المنفى. وينبغي أن يتم القيام بالمزيد من الزيارات والتفاعل مع المسؤولين وصناع القرار في الاتحاد الأوروبي".
سارة إرباش، القدس الشرقية، الضفة الغربية (21 سنة)
"لقد اكتشفت أن أولئك الأشخاص "الجدد" قد أصبحوا عائلتي. أحسست بأنني عرفتهم منذ سنوات. لقد تقابلنا مع السيد غراندي، الرجل الذي منحنا الأمل؛ وقد وعدنا بالتغيير ونحن صدقناه. لقد كان المؤتمر منبرنا وملاذنا وصوتنا. وكان اليوم الذي ذهبنا فيه لزيارة البرلمان الأوروبي الشيء الأكثر تميزا؛ لقد كان اليوم الذي كانت الكلمة فيه لنا جميعنا! قمنا بعرض آرائنا مباشرة وكنا محط الأنظار. كنا جميعنا نعرف ما نريد وكنا نعرف المسارات التي ينبغي علينا أن نسلكها. لقد أظهرنا لهم أننا نهتم بالفعل، وخصوصا بشأن مكان يدعى فلسطين . لقد كانت أصعب لحظة هي تلك التي كان علينا فيها أن نفترق عن بعضنا البعض، دون معرفة متى سنلتقي مرة أخرى أو فيما إن كانت ستتاح لنا الفرصة أصلا لنلتقي. لقد كان ذلك أشبه بشعور أننا نغادر تاركين فلسطين وراءنا".
لولو العلي، لبنان (23 سنة)
"من جهة، كان المؤتمر فرصة للشباب الفلسطيني للحديث عن أوضاعهم ومشاكلهم وآمالهم وطموحاتهم وتجاربهم الإنسانية. كما أن هذه الفرصة قد أتاحت المجال لأصحاب المصلحة ليشاهدوا بأم أعينهم ما الذي يعيشه الفلسطينيون حقا. إن الطريقة التي تحدث بها الشباب والتفاعل الذي تم مع الضيوف كان غير متوقعا، ولم تكن الانعكاسات نموذجية هي الأخرى. وكانت الالتزامات العشرة تستحق بالفعل الرحلة التي دامت أربع ساعات، ومع ذلك فلا يزال هناك العديد من الخطوات التي ينبغي اتخاذها من أجل تزويد الشباب الفلسطيني بمساحة للازدهار.
ومن جهة أخرى، فإننا كشباب فلسطينيين قد أتينا من خمسة أقاليم مختلفة، حتى على الرغم من كوننا من بلد واحد بل وربما من نفس القرية أو المدينة، إلا أننا كنا بعيدين جدا عن بعضنا البعض. لم نكن نعرف شيئا عن الكيفية التي يعيش فيها كل واحد فينا. وبعد يومين فقط، بدأ كل واحد بالدفاع عن الآخرين. لقد قام الأشخاص الذين جاءوا من غزة حيث تتساقط القنابل فوق رؤوسهم بالدفاع عن الفلسطينيين في لبنان الذين يعانون من الحرمان من حقوقهم بالعمل أو بالتملك. إن هذا الرابط الروحي والذي تم تأسيسه خلال يوم واحد أو يومين هو ما أعتبره بالفعل أمرا ملهما".
رامي مسلم، البقعة، الأردن (21 عاماً)
"كانت هذه هي المرة الأولى التي أشترك فيها بمؤتمر كهذا. لقد كانت فرصة عظيمة لي أن أكون هنا؛ وكنت آمل بأن نتمكن من الإعراب عما نعاني منه في مخيماتنا بطريقة كاملة، فتلك كانت المرة الأولى التي نتحدث فيها بأصواتنا عن أنفسنا. وحول المؤتمر، فإنني أعتقد أنه كان بداية الربيع الفلسطيني وأتطلع لرؤية آثارنا على أرض الواقع في أقرب فرصة ممكنة. لقد أتينا إلى بروكسل لإعطاء السلام وللحصول عليه، ولإعطاء الأمل والحصول عليه، وأعتقد أن هذا فعلا هو ما حدث. أشكركم على كل شيء. أشكركم على الاستماع لنا للمرة الأولى".
عايدة الشلبي، صيدا، لبنان (22 عاماً)
في بعض الأحيان نكون بحاجة إلى أشياء صغيرة من أجل تغيير مفاهيمنا في الحياة. لقد كان المؤتمر واجتماعنا السبب وراء هذه الحياة الجديدة التي حصلنا عليها. لقد تغيرت كثيرا؛ لقد أعطاني هذا المؤتمر إحساسا بالانتكاء: الانتماء لوطن عظيم أنا جزء منه. لقد كان الأمر يتعلق بالعطاء والاهتمام. إننا جميعنا نتذكر قرانا ونحن جميعنا نريد لحقوقنا أن تعود. إلا أن ما يؤلم بصراحة هو أننا التقينا في بلجيكا ولم نلتق في بلد عربي، والسبب ببساطة هو أننا لا نستطيع ذلك. على الأونروا أن تضع ذلك الأمر مهمة لها وأن تعمل على تحقيقها، إن الحراك الذي تناقشنا حوله خلال المؤتمر هو ما نريده بالفعل في البداية. على العالم أجمع أن يعرف أن الشباب الفلسطيني من الآن فصاعدا قد أصبحوا أكثر قوة وأنهم سيقاتلون يدا بيد من أجل الحصول على حقوقهم كاملة. وسنقوم برفض تمرير أية مناقشات لا تشتمل على حل مشاكلنا".
نحن اللاجئون الفلسطينيون لدينا مهمة ورؤية على حد سواء، وسنعمل على تحقيقهما وترجمتهما إلى أفعال".
المصدر: عايدة الشهابي – موقع الأونروا