القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

ما هي دوافع إدخال الملف الأمني الفلسطيني إلى أتون التجاذبات الداخلية اللبنانية؟

ما هي دوافع إدخال الملف الأمني الفلسطيني إلى أتون التجاذبات الداخلية اللبنانية؟
اتصالات لبنانية - فلسطينية تلجم ارتدادات أزمة نهر البارد في مخيم عين الحلوة
 

الأربعاء، 20 حزيران، 2012

ثمة مثل يقول «لا بدمر عيّدنا ولا بالشام لحقنا العيد» يردده ابن الجنوب، ابتداء من «عاصمة الجنوب» صيدا إلى مشارف الخط الأزرق على الحدود مع فلسطين المحتلة من قبل العدو الإسرائيلي، وما بينهما في المخيمات والتجمعات الفلسطينية، وهو يستعرض حسابات ما يعيشه وما يُعانيه، وما آلت إليه حاله فيما يُكابده ويجد نفسه تحت طائلته وتأثيراته وتداعياته، ما بين «شاقوفي» وجوده مع «حكومة مُتخاذلة»، وعلى النوايا العدوانية الإسرائيلية، وما بينهما من قلق أمني داخلي..

لذلك، يجد الجنوبي نفسه أسير نارين أحلاهما مر وعلقم لا يجد فيه أي أثر لراحة بال أو اطمئنان يعينه ولو بالحد المقبول، وليس أكثر في مواصلة صموده، ومواجهة كل الصعاب التي تعترض معيشته في حياته، وحياة عائلته خلال الأيام الجارية من جهة، وأيام المستقبل المقبلة من جهة ثانية، التي لا تبشر بأي فسحة من أمل في تلمس وقائع الاستقرار النفسي والمعيشي، ولو بالحد الأدنى من متطلبات الحياة..

فالجنوبي الذي تنامى إليه أن سنة هذا الأسبوع تكون قد مرت على تأليف «الحكومة الميقاتية»، يضحك بكل الإحباط والمعاناة وهو يستذكر حاله وما أصابه هو وعياله، خلال كل تلك الفترة التي مرت عليه من مآسٍ ومن مصاعب وويلات، يشكر الله ويحمده في كل لحظة مائة ألف مرة أنه ما يزال يعيش، وما يزال له وعنده القدرة على الاستمرار، في الوقت الذي كان يتطلع إلى أن تغذيه، بل تمده الحكومة، وهي بما هي عليه وبما له فيها من حصة ونفوذ، ولو بأقل ما يُمكن أو بالحد الأدنى لمتطلبات الحياة في واقع يتطلب منه التفوّق على نفسه في مواجهة الواقع المرير الذي عاناه ويُعانيه على مدى العمر الذي توارثه، ويأمل بأن يُورثه لأبنائه من بعده فيما إذا كان ثمة من أمل فيها بين الانتقال والتنقل والنقل ما بين الماضي والحاضر والمستقبل، حيث يُشكل الحاضر والواقع غموضاً أسود وليس فيه من فسحات ولو قليلاً رمادية، يُمكن أن يخترقها بعزمه وإرادته لمواصلة الصمود والعيش والحياة في ظل كهرباء سيئة، وتسير إلى أسوأ، وسط عملية تعتيم تأكل رصيد قوته كله، الذي بالكاد يُحصله بكل الجهد والتعب والتردي في الخدمات الصحية والاجتماعية، وماء وبنزين والمستلزمات الإنسانية التي تتطلبها أبسط قواعد المعيشة التي تلامس حدوده الكرامة ومع أن فصل الصيف لم يطل بعد، إلا أن نهاية الربيع تنذر بأن صيفاً حاراً سيكون، وعلى مختلف الأصعدة: حياتياً ومعيشياً وبينهما أمنياً..

أسئلة كثيرة ومتنوّعة حول كيفية المواجهة والصمود تجاه العدوانية الإسرائيلية المستمرة؟

وسط هذا الجو القاتم من السواد الذي يُكابده ما بين حاجاته مع هذه الحكومة المسماة عليه حكومة، ولا يناله منها إلا الضنك والتردي والتأزم، مطلوب منه أن يتجلد ويصمد ويكون قادراً على مواجهة النوايا العدوانية الإسرائيلية التي لا ترحم ولا تداعي أبسط القضايا الإنسانية التي يعيشها، بل يُعانيها في رزقه وعيشه ومواصلة حياته وبقائه وتمسكه بأرضه في مواجهة الاعتداءات اليومية الدائمة والمستمرة، التي تواجهه مرة على نطاق واسع، ومرات على تحرشات مقلقة، ولكنها طبعاً بل وفي المحصلة العامة تصب في خانة الوعي والثبور وعظائم الأمور..

ويفهم الجنوبي، بل ويقدر الحالة العدوانية المأساوية التي تواجهه من العدو، ويعرف أن العدو عدو وحتى لو كان فوق كل المعايير، فقد اعتاد عليها ويعرف كيف يتعامل معها في الصمود والمواجهة، حيث أن الواقع والأمر قد كتب عليه أو فرضه واقع الحق والكرامة الذي لا مجال فيه لأي تخاذل أو مساومة. وهذا مفهوم، ولكن أن يطعن من بيت أبيه - كما يُقال – أي أن يأتيه الخذلان والاستهتار، بل والتأزم وتضييق الخناق عليه من حكومته، فتلك مسألة غير مقبولة، بل وحتى غير محمولة وفوق طاقته، فكيف الخروج من هذه المآزق المتواصلة التي تضرب كل مقومات المعيشة والصمود، على الأقل من جانب حكومته، طالما أن لا طائل ولا أمل في استدراج الهدوء مع العدو، لأنه العدو الغاشم، وليس الحكومة والمفروض أن تكون معه ولا تكون عليه، وإذا كان الوضع على هذه الصورة في السنة الأولى، فكيف يُمكن أن يكون التردي فيما يأتي منها الأيام المقبلة على الجنوبي، وهي ما هي عليه وهو على هذه الحال من سيئ إلى أسوأ؟!

والسؤال ماذا تخبئ للجنوبي الأيام المقبلة في حسابات الماضي والحاضر وما يعتريهما وما يأمل فيهما؟

الأزمة وحّدت المواطن

في خضم هذا الواقع، وحدت الأزمة المواطن أمام فداحة الاستهتار الرسمي، فنزل الموالون والمعارضون سواسية إلى الشارع يئنون تحت وطأة انقطاع التيار الكهربائي والمياه، فقطعوا الطرقات بالعوائق والبراميل وأواني المنازل والإطارات، التي أشعلوها، والتي باتت تنذر بالتصعيد إذا لم يتم تدارك الأمور في الأيام القليلة المقبلة، مع إقبال لهيب الصيف..

وسط كل هذه التطورات تُطرح جملة من التساؤلات، عن ترابط تنقل التوتير الأمني من منطقة إلى أخرى، وأهداف ذلك وظروفه، ومدى ارتباطاته بملفات متعددة داخلياً وإقليمياً، وإذا ما كانت الساحة اللبنانية تستعمل «صندوق بريد» لتوجيه هذه الرسائل؟!

وإذا كان الفلسطينيون قد أعلنوا أنهم ينأون بأنفسهم عن الدخول في أتون الخلافات الداخلية اللبنانية، وقد أثبتوا ذلك خلال الفترة الأخيرة وبشهادة مختلف الأطراف اللبنانية، فإن الملف هو توقيت إعادة تسليط الأضواء على الملف الفلسطيني، ومن زاوية أمنية، وهنا تطرح تساؤلات حول مغزى ذلك ومدى ارتباطه بملفات أخرى، واستغلال الواقع المأساوي الاجتماعي والإنساني والمعيشي والاجتماعي للفلسطينيين لجرهم إلى مسلسل الأحداث المتنقل على الساحة اللبنانية، علماً بأن المخيمات شهدت في الآونة الأخيرة تجانساً وتنسيقاً مع الجيش اللبناني وإزالة الدشم عند المدخل الشمالي الفوقاني لمخيم عين الحلوة، وتقديم ورود إلى ضباط وعناصر الجيش، وتحقيق المصالحات الفلسطينية الداخلية، وهو ما يرق للمتضررين من مثل هذه الخطوات، فعبثت أيدٍ خبيثة بالأمن والاستقرار في المخيم، باستهداف سيارة أحد سعاة الخير في المخيم منصور عزام، الذي كان له اليد الطولى في تحقيق العديد منها.

وما أن حصل التوتر في مخيم نهر البارد، ونجحت الجهود في لجم تفاقمه، عبر الاتصالات التي أجراها الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع نظيره اللبناني العماد ميشال سليمان، وتولى متابعتها ميدانياً سفير فلسطين في لبنان أشرف دبور وقيادة الفصائل الفلسطينية مع قيادة الجيش اللبناني والمعنيين، حتى تطورت الأمور تصعداً في نهر البارد وانطلاق تظاهرة في مخيم عين الحلوة تشجب المضايقات على أهالي مخيم نهر البارد، ولكن أعقب ذلك إحراق الإطارات والدخول إلى دشمة للجيش اللبناني للجهة الشمالية للمخيم مع تعمير عين الحلوة، حيث تبين وفق التحقيقات الأولية أن هناك من دخل أيضاً على الخط وأطلق الرصاص من قناصة في منطقة التعمير ما أدى إلى مقتل الشاب خالد يوسف، ومع تشييع جثمانه بعد صلاة عصر أمس (الثلاثاء) إلى مقبرة درب السيم للجهة الجنوبية للمخيم، حاول عدد من الشبان التوجه إلى حاجز الجيش في محلة درب السيم، ولكن منعته القوى الفلسطينية من ذلك، فأقدم الشبان على احراق أشجار على الطريق بين المخيم ودرب السيم..

وشهد مخيم الرشيدية - صور مساء أمس الأول أيضاً تحركات شعبية بقيت تحت السيطرة.

وسجل تحرك للقيادات اللبنانية والفلسطينية السياسية والحزبية والقضائية والأمنية والعسكرية والشعبية سريعاً لقطع الطريق وعدم تفاقم الأمور، وهو ما تم تحقيقه حتى الآن، ولكن يجب أن يتبع ذلك، خطوات لتعزيز اللحمة بين الجيش وأبناء المخيم من خلال سلسلة نقاط يتم التوافق عليها بين المسؤولين المعنيين، لإفشال مخطط متجدد لحدوث نهر بارد جديد، وليس ضرورياً أن يقتصر ذلك على نهر البارد في الشمال، بل ربما في أماكن أخرى، وهو ما بشر به البعض قبل مدة..

النائب الحريري

ولليوم الثاني على التوالي تابعت النائب بهية الحريري تطورات الوضع في مخيم عين الحلوة في أعقاب الأحداث التي شهدها مخيم عين الحلوة وهي كانت بقيت على تواصل طوال الليل مع مختلف القيادات الفلسطينية والقادة الأمنيين والعسكريين اللبنانيين من أجل تهدئة الوضع في المخيم ومنع تفاقمه.

وأجرت النائب الحريري لهذه الغاية اتصالات بكل من مدير مخابرات الجيش اللبناني اللواء ادمون فاضل، ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم ورئيس فرع مخابرات الجيش في الجنوب العميد علي شحرور وقائد «الأمن الوطني الفلسطيني» اللواء صبحي أبو عرب وأمين سر حركة «فتح» في لبنان فتحي أبو العردات، وممثل حركة «حماس» في لبنان علي بركة و«لجنة المتابعة الفلسطينية» في عين الحلوة وعدد من أعضاء اللجنة من ممثلي مختلف القوى الفلسطينية فيها وتمنت على الجميع العمل على معالجة تداعيات وذيول أحداث البارد وما أعقبها من تداعيات في عين الحلوة.

وخلال استقبالها وفوداً في مجدليون اليوم أكدت الحريري أن ما جرى في عين الحلوة أمس وقبله في نهر البارد يتطلب العمل الجدي والحثيث من الجميع، لبنانيين وفلسطينيين، وعلى كل المستويات من أجل إعادة ترتيب وتحصين العلاقة بين المخيمات والجيش اللبناني منعا لاختراق وضرب هذه العلاقة، ولتبقى قائمة على أسس الاحترام المتبادل، وعلى الإيجابيات التي تحققت على صعيد هذه العلاقة خلال السنوات القليلة الماضية، من جهة الجيش الوطني بما يمثل من رمز للشرعية اللبنانية وحامي للسلم الأهلي وللأمن والاستقرار على كل الأرض اللبنانية، ومن جهة ثانية الوجود الفلسطيني في لبنان بما يمثل من قضية مقدسة ومن وجود إنساني.

سعد

بدوره أمين عام «التنظيم الشعبي الناصري» الدكتور أسامة سعد أجرى سلسلة لقاءات واتصالات مع مسؤولين لبنانيين وفلسطينيين بهدف معالجة الوضع المتوتر والإشكالات التي وقعت عند حواجز الجيش اللبناني في محيط مخيم عين الحلوة.

ودعا سعد إلى «التهدئة مطالباً الجميع لتحمل المسؤولية في لحظة حرجة ودقيقة تمر بها البلاد بالقول: من واجبنا وواجب كل الحريصين على السلم الأهلي وقضية الشعب الفلسطيني المعالجة الحكيمة والهادئة للأمور، وعلى الحكومة اللبنانية المستقيلة من وظيفتها ومسؤولياتها في معالجة الأوضاع الدقيقة والحساسة وتحمل واجباتها ومسؤولياتها الوطنية لا سيما معالجة الموضوع الأمني والموضوع المعيشي الذي يسوء وينعكس توترات في الشارع».

ووجّه التعازي إلى عائلات الضحايا الذين سقطوا في أحداث مخيم نهر البارد وأحداث مخيم عين الحلوة، وتمنى للجرحى من جنود الجيش اللبناني ومن أبناء المخيمين الشفاء العاجل.

ودعا سعد «جميع الحريصين على الأمن والاستقرار في لبنان، وعلى العلاقة اللبنانية - الفلسطينية، إلى بذل مساعيهم من أجل الوصول إلى معالجة حكيمة وجدية لحالة التوتر بين الجيش اللبناني والمخيمات، ومنع العودة إلى أي تصادم بينهم في المستقبل، لأن هناك من يريد الإيقاع بين الطرفين، ويخطط لإحداث فتنة بين اللبنانيين والفلسطينيين. فنشدد العلاقة الكفاحية التي تربط بين الشعبين الشقيقين والتي عمدت بالدم في مواجهة العدو الصهيوني».

وأضاف: من الواضح أن المخطط المشار إليه إنما يشكل استكمالاً لمخطط نشر الفوضى وإثارة الفتن الذي شهدنا فصولاً منه في عكار وطرابلس، وهو المخطط الذي ترعاه الدول الاستعمارية والأنظمة العربية التابعة لها، والذي يهدف إلى تعميم ما يجري في سوريا على لبنان تسهيلاً للتدخل الدولي المباشر في أوضاع البلدين.

وألقى بـ «اللوم على الحكومة اللبنانية لغيابها التام عن القيام بدورها، ليس في الشؤون الحياتية والخدماتية مثل الكهرباء والمياه فحسب، بل في ما يتعلق أيضاً بحماية الاستقرار ومعالجة القضايا الأمنية والحفاظ على هيبة الدولة».

كما انتقد سعد «النظرة الأمنية ضيقة الأفق التي تنظر فيها الدولة اللبنانية إلى كل ما يتعلق بالمخيمات والفلسطينيين، وهي النظرة المسؤولة عن خلق التوترات بين المخيمات والسلطات اللبنانية، وعن حرمان الفلسطينيين من حقوقهم الإنسانية والاجتماعية.

وختم سعد بالتشديد على «أهمية دور الجيش اللبناني في حماية الاستقرار والسلم الأهلي»، داعياً الحكومة والقوى السياسية إلى توفير الغطاء السياسي الكامل له بما يمكنه من القيام بدوره. وعلى ضرورة إزالة الشوائب التي تعتري العلاقات اللبنانية الفلسطينية، وتعزيز هذه العلاقات انطلاقاً من المصالح المشتركة التي تجمع بين الشعبين الشقيقين، وبما يساعدهما على مجابهة المخاطر التي تهدد لبنان كما تهدد القضية الفلسطينية.

من جهة ثانية، أجرى سعد سلسلة من الاتصالات بقادة الفصائل الفلسطينية بهدف تطويق ذيول الأحداث في مخيم نهر البارد وعين الحلوة.

كما تداول مع الرئيس نبيه بري بهذا الخصوص خلال اتصال جرى بينهما.

وكان سعد قام بجولة لفتح الطرقات والشوارع في مدينة صيدا متضامناً مع المحتجين على انقطاع التيار الكهربائي متمنياً عليهم فتح الطرقات، حيث استجابوا لدعوته.

«الجماعة الإسلامية»

وتابعت «الجماعة الإسلامية» التطورات في منطقة التعمير ومخيم عين الحلوة، فأجرى المسؤول السياسي للجماعة في الجنوب الدكتور بسام حمود سلسلة اتصالات بعدد من القيادات الفلسطينية واللبنانية من أجل العمل على تهدئة الأوضاع بعد الأحداث التي شهدتها المنطقة.

وأوفد الدكتور حمود الى المخيم مسؤول العلاقات العامة أحمد الحبال الذي عمل ميدانياً وبالتعاون مع قيادة الجيش وقيادات المخيم وعلمائه على تهدئة الاوضاع وسحب الشباب الغاضبين الى داخل المخيم.

وبقي الدكتور حمود على تواصل مع كل من العميد علي شحرور وقيادات «فتح» و«حماس» و«عصبة الأنصار»، دعيا الجميع الى التعاطي بمسؤولية عالية مع ما يجري من احداث حرصاً على العلاقات اللبنانية - الفلسطينية، والتحلي بأعلى درجات ضبط النفس منعاً لأي محاولة لاستدراج مخيم عين الحلوة والجوار إلى أي فتنة يدفع ثمنها الجميع.

المصدر: هيثم زعيتر - اللواء