مبنى الجليل: قنبلة موقوتة ستنفجر؟
الخميس، 22 آذار، 2012
«أرهقت» طبقات مبنى الجليل الثلاث في مخيم اللاجئين في بعلبك. فقد بدأت أجزاؤه تنهار الواحدة تلو الأخرى، وقد تسقط في أية لحظة على رأس أي ساكن من الـ500 الذين يقطنونه. أما الأعمال الترميمية التي تقوم بها الأونروا فلا تتعدى لكونها «ستر عيوب»
على ما يبدو أن «الحمل الزائد»، والسنين الكثيرة، أنهكت مبنى الجليل في بعلبك، وهو المبنى الرئيسي في مخيم الجليل الذي احتضن أول اللاجئين الفلسطينيين، بعدما كان مهجعاً لجنود الانتداب الفرنسي. هكذا، بدأت تظهر عليه علامات لا تخلو من الخطورة، إذ انهارت أجزاء من سقفه وبان صدأ حديده الظاهر، إضافة إلى التشقّقات وتسرّب مياه الأمطار إلى براكساته وممرّاته الداخلية.
الحاجة منى زاهي، إحدى اللاجئات التي تقطن هذا المبنى، لا تخفي قلقها اليومي من حالة التصدّع الكبير في المبنى، واستياءها من مياه الأمطار التي تتسرّب إلى الغرف المتراصّة. تقول بحسرة «بس تشتي بتشتي على رؤوسنا، منصير نقشّط الماي من داخل البراكسات ومن الممرات». ورغم أن المبنى قد شهد منذ شهرين عملية ترميم، إلا أن زاهي انتقدت ذلك بشدة، فاعتبرت أن «اللي عملوه ستر عيوب مش أكثر، بشوية حفّ وتلييس لبعض التشققات ودهانها، ومثل ما شايف بعدنا عم نقشّط ماي من غرفنا».
بدورها، انتقدت سعاد الحاج أيضاً عملية الترميم، فأشارت إلى أنهم «ما صلّحوا شي بالمبنى، وبنوعية شغلهم خرّبوا أكثر ما صلحوا»، مبدية استياءها من المتعهد الذي نفذ الأعمال والذي «اعتمدوه لأنه أرخص من غيره بالأجر».
مبنى الجليل الرئيسي، والذي يتألف من ثلاث طبقات، جرى تقطيعه على مدى السنوات الماضية بطريقة عشوائية لاستيعاب أكبر عدد ممكن من العائلات، فبات يضم فيها ما يفوق 83 عائلة فلسطينية. أي ما يقارب 500 نسمة. وهو ما يرى فيه كارم طه، أمين سر اللجنة الشعبية في المخيم «حملاً كبيراً على مبنى مرّ على بنائه حوالي القرن وبات أشبه بقنبلة موقوتة بتصدعاته»، مشدداً على ضرورة الإسراع في الشروع بعملية ترميم واسعة، «خصوصاً بعدما أنقذت العناية الإلهية إحدى السيدات أثناء نومها، إذ انهارت قطعة باطون كبيرة من سقف غرفتها على مسافة سنتيمترات من رأسها». ويشير طه إلى أن «اجتماعاً عقد مؤخراً، وقد جمع الفصائل الفلسطينية كافة في المخيم مع مسؤولين في الأونروا ومهندسين، وجرى خلاله التداول في مسألة ترميم المبنى الأساسي ومبنى الشؤون أيضاً». وعن أجواء الاجتماع، أكد طه أن «طرح بعض المهندسين كان يقضي بإزالة المبنى بشكل كامل ليعاد بناؤه من جديد، لكنني شدّدت على الرفض القاطع لهذا الطرح»، مستنداً في رأيه إلى أن «إزالة المبنى سيضطر القاطنين فيه للتهجير، ما يضعنا أمام جملة تساؤلات عن المكان الآخر للجوء». أما المشكلة الأكبر والأخطر في الهدم، بحسب طه، فتعود إلى أن «المخيم يقع جغرافياً ضمن مدينة بعلبك الأثرية»، متسائلاً «من الذي يضمن لنا عند ظهور آثار تاريخية أثناء أعمال الحفر أن تسمح لنا مديرية الآثار بمعاودة البناء من جديد؟، يعني عندها سيطير المخيم؟!». أما الاقتراح الذي نال رضا المجتمعين، فتمثل بما طرحه طه «لجهة الإبقاء على المبنى والعمل على تجويفه من الداخل طابقاً تلو آخر بما يسمح للاجئين بالانتقال من طابق إلى آخر، ومن ثم العمل على الحفر في الأعمدة وأساسات المبنى، لتزرع أعمدة جديدة عمودياً وجسور بشكل أفقي، لتبدأ من بعدها عملية تقطيع منظم للمبنى حيث يسمح ذلك باستيعاب العائلات الفلسطينية وبشكل لائق».
من جهته، يوضح مسؤول في الأونروا ـ (رفض ذكر اسمه) ـ في اتّصال مع «الأخبار» أن عملية الترميم التي طاولت المبنى الأساسي في الجليل، «ما هي إلا عملية ترميم طارئة وبسيطة، الهدف منها رفع الضرر عن أبناء المخيم، وقد تناولت العملية حفّ الحديد الظاهر والصدئ ورشه بالرمل مع تلييس ودهان». أما الكلفة، فـ«لم تتعد 17 ألف دولار أميركي». عملية الترميم البسيطة لا تعني، بحسب مسؤول الأونروا، عدم البحث في حلول جذرية للمبنى، فقد كشف أن «المدير العام للأونروا ولدى اطلاعه على الوضع أرسل فريقاً من المهندسين منذ ثلاثة أسابيع للكشف على المبنى وإجراء دراسة معمقة بإشراف مسؤول قسم الهندسة في الوكالة محمود عبد العال، وهم الآن يواصلون الكشف والمسح كل أربعة أيام». وإذا كان مشروع التأهيل لم تحدد له مدة زمنية، فكلفة وتمويل مشروع ترميم وتأهيل المبنى في الجليل لا زالت ايضاً غير واضحة. وقد أكد مسؤول الأونروا أنه «بمجرد الانتهاء من الدراسة وإنجاز الخرائط اللازمة، تتبين عندها كلفة المشروع، ويتم بعدها طرحه على الدول المانحة بغية تأمين التمويل اللازم».
المصدر: رامح حمية - الأخبار