مجمع النفايات الحدودي بغزة.. مكرهة صحية ضحيتها
الأطفال
الإثنين، 01
حزيران، 2015
يكتم المزارع سراج أبو قاسم أنفاسه حيناً ويحاول
تجاهل سحب الدخان الخانقة حيناً آخر، لكنه بعد انتهاء كل مهمة عمل في أرضه الزراعية
المحاذية لمجمع النفايات يشعر بنوبة اختناق من أعمدة الدخان التي لا تنتهي.
ورغم تجدد سحب الدخان من محرق مجمع النفايات الصلبة
شرق دير البلح بشكل يومي منذ شهر وتصاعد سحب ممزوجة برائحة كريهة في فضاء المنطقة الحدودية، إلا أن المزارع سراج أبو قاسم لا يجد خياراً سوى
البقاء بجوار خضرواته، التي يحصل من خلالها على ما يعيل أسرته وعائلته.
ويوضح المزارع أبو قاسم أن "حظه العاثر"
جعله جاراً للمجمع الذي لا يبعد عنه سوى 10 أمتار، ومع أنه تجشم خطر العمل كمزارع في
منطقة محاذية لخط الحدود طوال سنوات تعرض فيها لإطلاق النار إلا أن حريق مجمع النفايات
مؤخراً يؤرّق حياته أكثر من خطورة المكان، كما يقول.
وتتجدد منذ شهر مشكلة حريق مجمع النفايات الصلبة
شرق دير البلح خاصّة في موجة الحرّ التي ضربت قطاع غزة في الأيام الماضية، ما أدى لإزعاج
وتضرر سكان المنطقة المحاذية للمجمع، بل وسكان مناطق تبعد أكثر من 2 كيلو متر إذا ما
كانت الرياح شرقية.
مجمع النفايات
وتبلغ مساحة مجمع النفايات 80 دونمًا، تستخدم
70 منها للنفايات و10 دونمات كمرافق عامة مجهزة بطبقة أسفلت لمنع تسرب العصارات لجوف
الأرض حيث يخدم المجمع ثلث سكان القطاع بدءًا من وادي غزة شمالاً حتى بلدة الفخاري
جنوباً، لكن طاقته الاستيعابية بلغت حدها الأقصى منذ 5 سنوات وهو يعمل مؤقتاً ريثما
يتم افتتاح مجمع آخر في منطقة معبر "صوفا" .
وقديماً كانت النيران تندلع من أثر الحاويات التي
تنقل بها بقايا مشتعلة فتقوم وحدات الإطفاء بإخماد النيران، لكن منذ انتهاء الحرب الأخيرة
تندلع النيران بشكل متواصل دون انقطاع، فالدفاع المدني يمنع من الوصول إلى تلك المنطقة
إلا بتنسيق مع الاحتلال عبر الصليب الأحمر.
يقول المزارع أبو قاسم لـ"المركز الفلسطيني
للإعلام": "دخان خانق وذباب وبعوض، لكن أسوأ شيء هو الدخان؛ فأنا على بعد
10 أمتار من المجمع والحريق منذ شهر لا ينقطع" .
أما المهندس حسن برّاك، مسئول وحدة المياه والصرف
الصحي، الذي يسكن على بعد مئات الأمتار من مجمع النفايات، فيؤكد أن المجمع يحتوي على
كثير من المواد القابلة للاشتعال.
ويشير برّاك إلى أن اتفاع الحرارة
أو انعكاس الشمس على قطع الزجاج يسبب اندلاع النيران، وعندما تكون الرياح شرقية يصل
الدخان لمسافة طويلة، ونحاول طلب وحدات المطافئ لكنهم لا يستطيعون الإطفاء كثيراً بسبب
خطورة المكان الملاصق للحدود، إضافة إلى أن النيران تتصاعد في نقاط متعددة من مجمع
النفايات ويصعب السيطرة عليها إلا بتوفير طاقم كبير ومعدات كبيرة، وهذا ما يعانيه الدفاع
المدني نتيجة واقع الحصار.
مخاوف صحية
ويعبر برّاك عن مخاوف عدة مما قد يتسبب به الحريق
والدخان الكثيف الذي يزعج سكان شرق دير البلح ويصل أحيانا لقلب المدينة ومخيم المغازي
وقرية المصدر، مشيراً إلى أن مثل هذا الدخان قد يصيب الأطفال بأمراض صدرية، وقد تلمسنا
بعضا من هذه الإصابات خلال الفترة الماضية.
وبعيداً عن المنطقة الحدودية يشكو سكان مدينة
دير البلح من دخان الحريق؛ حيث يؤكد أحمد فطاير من سكان بلدة دير البلح، أن الرائحة
والدخان تزعجهم بشكل كبير، وأن المشكلة كانت تتكرر قديماً مرة أو مرتين في الشهرين
لكنها مؤخراً متواصلة باستمرار.
خارج السيطرة
وبشكل متقطع يزور وسام أبو جلمبو، مدير المنطقة
الوسطى في مجلس إدارة النفايات الصلبة، مجمع النفايات، حيث يؤكد أن غاز الميثان المتصاعد
من المواد العضوية يساعد على استمرار الحريق.
ويضيف: "المشكلة أن القطاع مساحة ضيقة، والمجمع
محاذٍ للسكان، لذا أي حريق تصل آثاره كما أن العمر الافتراضي لمجمع النفايات انتهى
ما أدى لتراكم نفايات فوق طاقته، وكان من المقرر إغلاقه لكن إمكانات العمل ضعيفة والسيطرة
على العصارة وتفريغ النفايات صعبة".
ويقول أبو جلمبو إن إدارة النفايات لا تستطيع
الوصول لنقاط مشتعلة تكون مختفية وتظهر بشكل متكرر بسبب الحرارة الشديدة، وإن إمكانات
الدفاع المدني لا تناسب هذا النوع من النيران؛ لأن السبب هو غاز من مواد كيمائية.
ويتابع بالقول: "هناك كمية ضخمة من النفايات
وهناك أشياء فنية بسبب ميل أكوام النفايات، ما يؤدي لانحدار أي عملية إطفاء إذا استخدمنا
مواد مثل الرمال إضافة إلى أن الأكوام المقابلة لمواقع الاحتلال لا نتمكن من الوصول
لها إلا بتنسيق".
أما سعيد نصار، رئيس بلدية دير
البلح، فيؤكد أن المجمع يتبع إقليمياً لنطاق وزارة الحكم المحلي لكن أكثر المتضررين
من حريقه المستمر هم سكان المنطقة الشرقية ودير البلح عموماً.
ويوضح أن مجمع النفايات هذا يخدم 13 بلدية، وأنه
بلغ حده الأقصى سنة 2010 ، لكنه مستمر في العمل لعدم وجود بديل، وأحياناً تصل نفايات
17 بلدية لنفس المجمع، وارتفاع الحرارة في الأيام الماضية أشعل النيران.
ويضيف: "الاحتلال يمنع التنسيق كثيراً لإطفاء
الحريق، لكن أحياناً عندما تصبح الرياح غربية يتأذى منها في مواقعه، بل وتصل لبعض المستوطنات
لذا يسارع بدعوة الصليب لإجراء تنسيق وإخماد النيران".
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام