القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

محمد الضيف ينهك الاحتلال بأساليب المقاومة في غزّة

نجا من محاولات عدة لاغتياله و«الشاباك» يصفه بـ «العنقاء»
محمد الضيف ينهك الاحتلال بأساليب المقاومة في غزّة


الإثنين، 11 آب، 2014

خصصت وسائل إعلام إسرائيلية خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، مساحات كبيرة للحديث عن سلسلة محاولات جهاز «الشاباك» لاغتيال محمد الضيف القائد الأعلى لـ«كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس»، وسّر تطوير قدراتها المتطورة واصفة إياه بـ«طائر العنقاء» الفلسطيني.

فصحيفة «يديعوت أحرونوت» خصصت مساحة واسعة من ملحقها الأسبوعي لمحمد ضيف وعطاءاته للمقاومة بعامة، وكتائب القسام بخاصة. وبحسب الصحيفة فقد نشب جدل داخل «حماس» عام 2000 حول قدرتها على تصنيع الصواريخ، فكان محمد ضيف من صمم على ذلك وخوّل العالم الرئيسي للحركة عدنان الغول الذي قاد المبادرة.

وخلال تجريب إطلاق الصاروخ الأول في 2001 بحضور صلاح شحادة وبقية قادة «كتائب القسام» قفز محمد الضيف بالهواء فرحا وبعد أسبوعين حاول «الشاباك» اغتياله والغول لكنهما تمكنا من النجاة.

ولاحقا تعرض الضيف لعدة محاولات اغتيال أصيب فيها بيده وساقه وفقد عينه وتضررت العين الثانية. ومع ذلك ظل قائدا خلاقا قادرا على الابتكار في قيادته «كتائب القسام» كما تكشف خلال العدوان الجاري على قطاع غزة.

ودعت الصحيفة إلى عدم الاستخفاف بتصريحاته وتقر بما قاله «إن المقاومة في غزة نجحت بمباغتة جيش الاحتلال بالأنفاق الهجومية، وعدد الصواريخ ومداها»، مشيرة إلى أن "إسرائيل" شنت عدوانها هذه المرة وهي أقل جاهزية من الحربين السابقتين.

وتزعم المصادر الإسرائيلية بأن «الضيف» طبق بعض دروس تجارب لبنان ومنها الاحتياط على كمية كافية من الصواريخ وإخفائها بمجموعات صغيرة بأنحاء القطاع، كما انه أمر ببناء تحصينات بجوانب الشوارع وداخل المدن. وتوضح الصحيفة على غرار وسائل إعلام أخرى أن المصادر الإسرائيلية لا تغالي في تقويم دور الضيف وخطورته، مشيرة الى أن خمسة رؤساء شاباك تعاقبوا أولهم يعقوب ببري منذ الإعلان عن محمد الضيف مطلوبا.

وتتساءل، هل يبقى الضيف بعد انتهاء ولاية رئيس «الشاباك» الحالي أيضا ليعد «حماس» جيدا وتكون حركة أكثر تصميما وجاهزية وذكاء لأنه لا يؤمن بسلام أو هدنة مع "إسرائيل" لمدة طويلة.

أحد قادة «الشاباك» الإسرائيلي السابقين وصف الضيف بـ «عنقاء الرماد» ينهض كل مرة مجددا من بين النار والرماد فاقدا ساقه أو عينه لكنه ينفض الغبار عن ثيابه وينهض ويواصل طريقه، ويعتبر ذلك سببا مهما خلف له شعبية في الشارع الفلسطيني علاوة على قدراته المهنية «غير السيئة للأسف».

وأشارت الصحيفة الى ان «تدمير منزله في خان يونس بصاروخ زنته طن رغم علم مسبق أنه ليس في داخله يحمل رسالة من الجيش مفادها أنه مطلوب رقم واحد وأنه سيصبح شهيدا يوما».

وزعم التقرير بان ضيف يستتر بملجأ باطني بعيدا عن بقية قادة «حماس» ويحافظ على بيئة نظيفة فيحظر الاقتراب منه مع هواتف وحواسيب محمولة أو كاميرا فتتم مراسلاته مع من يريد بواسطة بطاقات ورقية أو شفاهة، وتتوقع أجهزة الاحتلال الأمنية أن يبادر ضيف إلى تطوير قدرات الكوماندوس البحري في ظل اعتراض الصواريخ بالقبة الحديدية وبعد هدم الأنفاق.

وحول سيرته تقول الصحيفة هو محمد دياب إبراهيم المصري «ضيف» ولد في خان يونس قبل 49 عاما، لعائلة فلسطينية طردت خلال نكبة 1948 من قرية كوكبة بجوار عسقلان، موضحة أن ضيف تعرف على فكر الإخوان المسلمين وهو فتى، ولاحقا درس في الجامعة الإسلامية في غزة وكان ناشطا بلجنة الطلاب مندوبا عن منظمات إسلامية.

وبعد تشكيل وحدة 101 على اسم وحدة كوماندوس أسسها أرييل شارون بتعليمات من قائد ومؤسس «حماس» الشيخ أحمد ياسين، قتل جنديان إسرائيليان في 1989 اعتقل على أثر ذلك محمد ضيف وحكم بالسجن 16 شهرا لعلاقته غير المباشرة بالعملية. ولاحقا استبدل اسم الوحدة بـ «كتائب عز الدين القسام» على اسم المجاهد السوري في حرب فلسطين الذي استشهد في تشرين الثاني 1935.

ومطلع التسعينات قاد يحيى عياش الذي كان يعرف بالمهندس «كتائب القسام» في الضفة الغربية فيما قاد محمد الضيف الكتائب في غزة خلفا لعماد عقل الذي نجحت قوات الاحتلال في اغتياله. وبينما كان عياش منهمكا بتطوير الأحزمة الناسفة لاستخدامها في العمليات التفجيرية كان محمد ضيف يسعى لتطوير نماذج لعمليات نوعية كأسر وقتل جنود الاحتلال. ونجح في أسر الجندي نحشون فكسمان في الضفة.

وشهد عام 1994 عمليات كثيرة قتل فيها مئة وأصيب ألف إسرائيلي ووقفت المخابرات الإسرائيلية عاجزة. وعلى خلفية ذلك قال رئيس الاستخبارات العسكرية وقتها موشيه يعلون وزير الأمن الحالي لرئيس الوزراء آنذاك اسحق رابين إن الراحل ياسر عرفات لا يعمل ضد «الإرهاب» وإن محمد دحلان على اتصال مع المطلوب رقم 2 في «حماس»، محمد ضيف.

وأشارت الى انه وبعد اغتيال رابين صادق خليفته شمعون بيريس على أمر سابق بقتل عياش بعدما اقتنع أن عرفات لا ينوي التحرك ضده وفعلا اغتيل عياش وهو من الضفة الغربية، في قطاع غزة في كانون الثاني 1996 بواسطة هاتف مفخخ سلم إليه عبر قريب متعاون مع «الشاباك». وشارك في جنازته 100 ألف من بينهم محمد ضيف الذي ورثه كقائد أعلى للقسام. وتقول المخابرات الإسرائيلية «إن ضيف أرسل بنفس اليوم مندوبين للضفة الغربية لإعداد مقاتلين بهدف الثأر لعياش قبل انتهاء فترة الحزن، 40 يوما».

ويدعي «الشاباك» أن بحوزته تسجيلات صوتية ومستندات أخرى تفيد بأن عرفات سمح لـ«حماس» القيام بعملية ثأرية واحدة.

ونقلت «يديعوت احرونوت» التي تتهم السلطة الفلسطينية بعدم اعتراض عمليات «حماس»، عن جبريل الرجوب القائد السابق للأمن الوقائي قوله «هذا الأسبوع إنه لم تكن لديه أدوات كافية وصلاحيات لمواجهة «حماس».

وكشفت أن يعلون توجها لبيريس وأطلعه على ما دار بينه وبين عرفات وعلى تخطيط «حماس» لتنفيذ خمس عمليات ثأرية. وطالب باعتقال ضيف و23 ناشطا آخرين من «حماس» لكن عرفات الذي التقاهما عند معبر بيت حانون في 24 يناير الثاني 1996 تساءل مستغربا بلهجته المصرية «محمد إيه؟» وهو يقول لمحمد دحلان: أنت بتعرف هذا الزلمة؟».

وفي الشهر التالي زلزلت عمليات «حماس» الثأرية مدن إسرائيل، ووقع بيريس أمرا بتصفية محمد ضيف، وبعد العملية الرابعة سارع عرفات لاعتقال 120 من قادة «حماس» والتحقيق معهم بقسوة، وبعد نجاح بنيامين نتنياهو في انتخابات 1996 عادت السلطة وأطلقت قادة «حماس» من بينهم محمد الضيف وتكررت العمليات في تل أبيب.

وان نتنياهو في ولايته الأولى بادر للضغط على «الشاباك» لاغتيال محمد ضيف وأصدر تعليماته بقتل خالد مشعل الذي أدى الفشل في اغتياله في عمان في تشرين الأول 1997، للإفراج عن الشيخ أحمد ياسين تجنبا لخلق أزمة في العلاقات مع الاردن.

وفي عام 2000 أرسل إيهود باراك خلال توليه رئاسة الوزراء مندوبين لعرفات في غزة عند منتصف الليل من بينهم قائد الجيش شاؤول موفاز للضغط عليه كي يعتقل محمد ضيف.

وأضافت «في أيلول 2002 رصد عميل للشاباك محمد ضيف يستقل سيارة في شارع الجلاء فسارعت طائرة هليوكوبتر من طراز أباتشي للجو وأطلقت نحوه صاروخين فقتل اثنان من حراسه وأصيب ثلاثون من المارة لكن ضيف نجا رغم إصابته بحروق قاسية بنسبة 80 وفقد عينه وأصابت شظايا رأسه ما زالت تسبب له أوجاعا حتى اليوم، وانه خوفا من الملاحقة الإسرائيلية لم ينقل الى المستشفى وتمت معاينته في عيادات خاصة تحت رقابة القيادي في «حماس» محمود الزهار، وعاد ضيف لنشاطه بعد ستة شهور. وفي خطاب عبر الهاتف قال «إن الله يريد إزعاج اليهود فقدر له النجاة».

وجددت "إسرائيل" محاولاتها باستهداف عمارة في غزة في 6 أيلول 2003 وانهار الطابق الثالث منها ولم يتضرر الطابق الأول ونجا ضيف وصحبه في قيادة «حماس» وقرر ضيف الثأر فنفذ عمليتين استشهاديتين بعد أيام في مفرق صرفند ومقهى هليل قتل فيهما العشرات من الإسرائيليين.

وواصلت "إسرائيل" ملاحقاتها لتصفيته، وفي تموز 2006 بلغها زيارته بيت الشيخ نبيل أبو سلمية، فقصفت بالطيران البيت وقتل ثمانية من أفراد عائلة أبو سلمية وأصيب ضيف ومرافقوه بجراح متوسطة. واضطر ضيف للتوقف عن العمل لسنتين وتم تهريبه لمصر لتلقي العلاج واستبدله بشكل غير رسمي أحمد الجعبري قائدا للقسام. ورجحت المخابرات الإسرائيلية أن يموت ضيف خلال شهور لكنها فوجئت بعودته للعمل العسكري، وعاد ضيف للنشاط في 2009 ليستخلص دروس وإخفاقات المقاومة خلال حرب «الرصاص المصبوب» وبضغطه تم عزل قيادات عسكرية في القسام وشرع بتطوير قدراتها الهجومية والاستخباراتية واللوجستية ومنع الشاباك من اختراقها والاستعداد لاجتياح إسرائيلي بري واسع تشمل القتال بمناطق مأهولة وبالأنفاق، وهذا ما أصبح يهدد قوات الاحتلال في أي عمل عسكري تريد أن تنفذه في غزة.

المصدر: «المستقبل»