مخيم الجليل.. أمراض مستعصية.. وتنصل فاضح للأونروا
الجمعة، 03 شباط، 2012
المعاناة واحدة وإن تعدّدت أسماء الأمراض المستعصية. هذا لسان حال أبناء المخيمات في لبنان، التي تحوي بين أزقتها وخلف جدران بيوتها الكثير من عذابات المرضى العاجزين عن رفع بلواهم، لفقر حالهم وتخلي الجهات المسؤلة عن رفع معاناتهم...
في مخيم الجليل في بعلبك، الذي كان مقصدنا، الكثير من الحالات الإنسانية التي تدمي القلب: فمن التصلب الدرني، والنقص في خمائر الجسم، إلى نقص في المناعة وأنواع متعدّدة من الأمراض السرطانية، التي استفحلت في الكثير من المخيمات الفلسطينية نتيجة تدهور شروط الصحة والسلامة فيها، يعيش الكثير من أهالي مخيم الجليل في دوامة البحث عمن يمد يد العون لهم ولذويهم المرضى. فبعدما فقدوا الأمل في استجابة الاونروا لاستغاثاتهم المتكررة، يطرق هؤلاء أبواب المؤسسات الخيرية الفلسطينية منها واللبنانية؛ ومن لم يجد في كلتيهما سنداً أو عوناً، يسلّم أمره لله..
"يا رجل فاتورة دواء بقيمة 60.000 ألف ليرة كسرتني، لو بعدني بشتغل كان هالمبلغ ولا شي. بس هلق ما إلي حدا!". بالكاد أنهى الفلسطيني وليد عطور (52عاماً) عبارته، حتى تهدّج صوته وغلبته دمعته. فبعدما فقد زوجته، ترك عمله دهّاناً ليتفرغ لخدمة ولديه هشام (17 عاماً) وخلود (19 عاماً)، المصابين بمرض مزمن يسمى روماتيد (التهاب حاد بالعظم والمفاصل)، يفتك بعظامهم وأسنانهم، ويحتاج لتكاليف علاجية كبيرة، يعجز عن توفيرها، وترفض الأونروا تغطيتها أو حتى بمساعدته بمبلغ صرف الدواء.
أما محمد الحاج، ابو سامر، فقد بدأت معاناته قبل سنة وثلاث شهور، حين خرج من منزله بشكل طبيعي، ولكنه عاد بدون صوت! قال الأطباء أنه مصاب بشلل في الأوتار الصوتية، ويلزمه علاج فيزيائي لا يقل عن 30 جلسة، وكلفة كل جلسة 75$، ولكن من أين يأتي بالمال؟!!..فهو رجل خمسيني وأب لخمسة أولاد، ويعيش في بيت مقابل ايجار بـ 200 ألف ليرة شهرياً، ويعمل مصور أشعة في الهلال الأحمر الفلسطيني.. يشرح ابو سامر ايماء وبلغة الإشارة: راجعت الأونروا، فكان الجواب: لا نغطي هذه الحالات... يتابع شرحه ويكتب على ورقة، أنا مريض بالقلب، وزوجتي تعاني من مرض السكري، وهناك بصيص أمل أن يعود صوتي إن استطعت تأمين مبلغ للعلاج الفيزيائي (جلسات نطق) بحسب البروفيسور في الجامعة الأمريكية الدكتور عبد اللطيف حمدان.
أما الطفلة آمنة جمعة (12عاماً)، فهي مصابة منذ تسع سنوات بداء التصلّب الدرني، جعل من جسدها خيالاً لفتاة بعمر الزهور أرهقه الداء الذي انتشر في الدماغ والقلب والجهاز الهضمي بأكمله، ففتك بطفولتها البريئة وبمستواها العلمي، فتأخرت ثلاث سنوات عن زميلاتها اللاتي في عمرها. خضعت آمنة لأكثر من خمس عمليات جراحية، لاستئصال التدرنات، الأمر الذي أغرق أهلها بالديون لتغطية تكاليف إجراء العمليات، فضلاً عن نفقات زيارة الطبيب في صيدا والجامعة الأميركية في بيروت ومستشفى دلّاعة في صيدا. ويؤكد أهل الطفلة أن طلبات المساعدة التي تقدموا بها للأونروا "ما عطت نتيجة". ولدى توجههم الى المؤسسات الخيرية، كان الجواب: عندكم أونروا خليها تساعدكم؟!!
يصف كارم طه، مسؤول اللجنة الشعبية في مخيم الجليل، الذرائع التي تلجأ اليها الاونروا لتبرير رفضها تقديم المساعدة للعديد من حالات المرض المستعصية والمزمنة، "بالواهية وغير المقبولة"، كاشفاً عن قيام اللجنة الشعبية طرح هذه القضية مراراً مع المدير العام للأونروا، دون الحصول إلا على وعود فضفاضه وغير جدية.
المصدر: نشرة الجهاد