القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

مخيم الرمدان: بَقي المخيم وفشل مشروع جونستون للتوطين

مخيم الرمدان: بَقي المخيم وفشل مشروع جونستون للتوطين

الخميس، 01 أيلول، 2011

مخيم الرمدان مخيم صغير لا تعترف به وكالة الغوث الدولية (الأونروا)، رغم تقديمها له بعض الخدمات، ورغم مساهمتها في تأسيسه. سُمِّي المخيم هذا الاسم نسبة إلى منطقة الرمدان الواقع على أراضيها.

يقع المخيم بالقرب من بلدة الضمير التي تُعَدّ آخر منطقة مأهولة بالسكان على طريق دمشق ـ بغداد. يوجد حول المخيم بعض التجمعات السكنية والعشائر المقيمة في أماكن قريبة من بلدة الضمير القريبة من البادية السورية. ومخيم الرمدان يقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة دمشق، ويبعد 60 كم عن مركزها. أما عن بلدة الضمير، فيبعد مسافة 9 كم تقريباً. يحاط المخيم من جميع جوانبه بأراضٍ زراعية تابعة لمنطقة الضمير، ويقع على الحد الشرقي لحوض نهر بردى، وإلى الشمال الشرقيّ لبحيرة العتيبة، مصب ذلك النهر.

مساحة المخيم

تبلغ مساحة المخيم نحو 2500 دونم, وزعت منها 1200 دونم عند النشأة بمعدل 4 دونمات لكل فرد من العائلات الفلسطينية التي رضيت بالسكن في هذا المخيم. والمساحة الباقية ضمت إلى المخيم في ما بعد. وهذه الأراضي وضعت تحت تصرف الهيئة العامة لللاجئين بقرار من وزير الزراعة في القطر العربي السوري في عام 1952.

نشأة المخيم والتطور العمراني فيه

أنشئ المخيم بمساع من وكالة الغوث الدولية (الأونروا)، وذلك في خمسينيات القرن الماضي, وجاءت هذه المساعي بناءً على مشروع جونستون لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في البلاد العربية (1953-1955). ويذكر أن هذه المساعي باءت بالفشل ولم يكتب لها النجاح كما كان مخططاً لها. طرح المشروع عام 1952، وبدأ العمل فيه عام 1953، واكتمل البناء عام 1954. والأبنية في هذا المخيم كانت عبارة عن منازل من اللبن (الطين والقش)، يضاف إلى البيت أربعة دونمات أرض صالحة للزراعة تعطى لكل فرد من الأسرة الواحدة عند تسلّم البيت، وكل ذلك جرى في إطار الترغيب للاجئ الفلسطيني القادم إلى هذا المخيم.

وبالفعل، نُقل ما بين عام 1955 وعام 1956 بعض العائلات الفلسطينية من مخيمات مدينة دمشق وتجمعاتها وأعطيت مبلغ 600 ل.س، كما تقرر، كمساعدة إضافية للمنزل والأرض، وبعض الحيوانات الأليفة كالخراف والطيور الداجنة. وقد بلغ عدد العائلات في أول دفعة 40 عائلة، لا يتجاوز تعدادها 300 لاجئ. واستمر توافد اللاجئين من عام 1955 حتى عام 1967 على نحو إفرادي، إلى أن جاءت دفعة ثانية عام 1967 كانت مكونة أيضاً من نحو 40 عائلة أخرى، واستمر توافدهم حتى عام 1973.

حين جاءت الدفعة الأولى من اللاجئين الفلسطينيين إلى هذا المخيم، قدمت لهم أرض زراعية مزروعة بالقمح وجاهزة للحصاد ترغيباً لهم، بينما بقيت حالة بيوت المخيم على وضعها حتى عام 1979. بعدها، بدأ الإسمنت يدخل إلى المخيم، وبالتالي دخل معه البناء الحديث. وبدأ الميسورون من أهالي المخيم بإزالة بيوت اللبن (الطين)، ليبنوا محلها بيوتاً إسمنتية. وقد ساهمت الأونروا في بناء بيوت بعض الفقراء المهددة بالسقوط. واستمر البناء الحديث في المخيم ليصل اليوم إلى أكثرية بيوته. لكن لم تغب تلك البيوت الطينية نهائياً فيه.

يتألف المخيم من سبعة أحياء، سُميت في معظمها أسماءَ مدن وقرى فلسطينية.

التطور السكاني في المخيم

بدأ المخيم بـ(40 عائلة)، أي ما يعادل 300 لاجئ، في عام 1956 سجلت كدفعة أولى. أما الدفعة الثانية، فقدرت أيضاً بـ(40 عائلة)، يراوح تعدادها بين 300 و 400 لاجئ. وقد تزايد عدد السكان في المخيم حسب الإحصائيات الرسمية في عام 2005، فبلغ 1206 لاجئ. أما اليوم، فيقدر عددهم بــ1500 لاجئ موزعين على 250 عائلة. ينحدر أبناء مخيم الرمدان من مدينتي طبرية وصفد، ومن قرى: الشجرة وحطين (قضاء طبرية) والجاعونة ودلاته (قضاء صفد)، وشفا عمر (قضاء حيفا)، وعجور (قضاء بئر السبع). ومن قرى سهل الحولة، ومن عشائر الوهيب والمواسي.

الواقع الاجتماعي في المخيم

تُعَدّ الروابط الأسرية والعائلية لمخيم صغير كمخيم الرمدان أساس الحياة الاجتماعية فيه؛ فالعلاقة وطيدة، وهي في أعلى مستوياتها. أما الخدمات الاجتماعية التي تقدم للاجئين الفلسطينيين هناك، فهي محصورة بالأونروا والهيئة العامة للاجئين؛ إذ تساعد الأونروا بعض الأسر ذات العسر الشديد، التي تقصد قسم الخدمات الاجتماعية في الوكالة كل شهر مرة واحدة، حيث تتسلم المساعدات فوراً من السيارات الشاحنة، نظراً إلى عدم وجود مركز للخدمات الاجتماعية والإغاثية في المخيم. وفي المخيم مركز للمرأة ومركز للمعوّقين يقدمان الخدمات الإرشادية لعائلات المخيم. وتقدم الهيئة مساعدات موسمية عينية ومادية.

الواقع الاقتصادي في المخيم

في بداية تأسيس المخيم في خمسينيات القرن الماضي، وبعد توزيع الأراضي الزراعية على أبنائه، راح معظمهم يعملون في الزراعة. أما حين أصبح هناك طرق تصل المخيم بالمناطق المجاورة وبمدينة دمشق، فقد اتجه البعض إلى العمل في الأعمال الحرة بالمنطقة الصناعية في منطقة عدرا، وفي بلدة الضمير القريبتين. أما البعض الآخر، فاتجه إلى العمل الوظيفي في مدينة دمشق، وإن كانت هذه الشريحة قليلة جداً في المخيم. وهذا التوجه لم يُبق من شريحة المزارعين التي كانت تمثّل الأغلبية سوى ربع العاملين فقط.

بعض الذين كتب لهم أن يكملوا دراستهم أصبحوا يعملون في التدريس بمدرسة الأونروا الوحيدة في المخيم. من هنا، نرى أن الوضع الاقتصادي في الغالب هو دون الوسط، والكثير منهم يُصنَّفون في فئة الفقراء. في المخيم بعض البقاليات المتواضعة ومحل لبيع الملابس، وغير ذلك من المحالّ الأساسية في حياة الناس، وخاصة مواد البناء.

الواقع الصحي في المخيم

في المخيم مركز صحي تابع للأونروا يخدم أبناء المخيم، ولكن هذا المركز يعمل يوماً واحداً في الأسبوع، هو يوم الثلاثاء، حيث يقدم العلاج والأدوية. وأخيراً، عُيِّنت ممرضة من سكان المخيم في المركز، وأصبحت تداوم فيه دائماً.

وفي المخيم مستوصف آخر يتبع للهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين، تشمل الخدمة فيه الرعاية الصحية.

لا عيادات طبية خاصة في المخيم، ولا صيدليات. وعند الحالات الطارئة، يلجأ أبناء المخيم إلى المناطق المجاورة. أما الحالات الطارئة والإسعافية المستعصية، مثل غسل الكلى والسرطانات والعمليات الجراحية، فإنها تنقل إلى مستشفيات مدينة دمشق. الأمراض المزمنة في المخيم هي الضغط الشرياني والسكري والكلى والسرطانات والربو. كذلك يوجد في المخيم بعض الإعاقات.

الواقع التعليمي في المخيم

في المخيم مدرسة واحدة، هي مدرسة معلول (قرية فلسطينية تتبع قضاء الناصرة) فيها تسعة صفوف، ستة منها ابتدائية وثلاثة إعدادية. تخضع المدرسة لنظام الدوام الصباحي، وهي مختلطة، وتخدم مرحلتي التعليم الأساسي الحلقة الأولى والثانية، (الابتدائية والإعدادية). يقدر عدد الطلاب والطالبات فيها بـ(250 طالباً وطالبة) من مختلف الصفوف، من الأول حتى التاسع. وهذا العدد خاضع للتغيير من عام إلى آخر.

ينتقل الطلاب بعد الشهادة الإعدادية لإكمال دراستهم إلى ثانوية الضمير، وقد لا يتجاوز عدد المنتسبين إلى الثانوية ذكوراً وإناثاً 15 طالباً. أما الجامعيون، فيقدَّر عددهم بما بين 3 و 5 طلاب فقط، حيث إن التعليم في مخيم الرمدان متدنٍّ، وتعاني المدارس فيه من حالات التسرب بنسبة مرتفعة، ونسبة النجاح في الشهادة الإعدادية في أدنى مستوى لها في مخيمات اللاجئين في سورية، وقد وصلت في إحدى السنوات إلى 35%. أما الروضات، فثمة روضة واحدة تابعة للهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب في سورية بالتعاون مع منظمة اليونيسف.

البنى التحتية (الخدمات العامة) في المخيم

تشرف الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين عموماً، على مجمل نواحي الخدمات في مخيم الرمدان، تساعدها في ذلك بعض الدوائر الحكومية السورية. لذا، مدّت الهيئة شبكة صرف صحي لكل أحياء المخيم، وجرّت المياه إلى المنازل أيضاً، بعدما كانت من أطراف المخيم ومن الآبار التي حفرتها الأونروا سابقاً. المياه في المخيم صالحة للشرب والغسل وغير ذلك، وأخيراً حُفرت بئر ماء بتبرع من هيئة فلسطين الخيرية، وانتُهي من حفرها بتاريخ 8/4/2010.

في عام 1973م عُبِّد الشارع الرئيسي الذي يربط المخيم بمنطقة الضمير، وقد قامت الهيئة العامة للاجئين بتعبيد الشوارع من جديد في عام 2009 بتكلفة تقديرية بلغت 1,692 مليون ليرة سورية. وفي عام 1979 دخلت الكهرباء إلى المخيم. وقبل ذلك التاريخ، كان المخيم يضاء بمولدات كهربائية خاصة ومولدات للأونروا تعطي الكهرباء للعمال التابعين لها ولمنشآتها.

دور المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في المخيم

بالدرجة الأولى، يقوم العبء الأكبر في خدمة مخيم الرمدان على الهيئة العامة للاجئين، فتقدم له خدمات البنى التحتية وبعض الخدمات الاجتماعية والاقتصادية، وتساعدها في ذلك اللجنة المحلية المسماة "لجنة التنمية" التي ترفع توصيات للهيئة باحتياجات المخيم.

ولخدمة اللاجئين، في المخيم مكتب للهيئة وأمانة السجل المدني. أما الأونروا، فتقدم بعض الخدمات البسيطة مثل الصحة والتعليم وبعض الإعانات الإغاثية. وهناك، إضافة إلى هاتين المؤسستين، جمعيات خيرية فلسطينية وسورية تقدم للمحتاجين بعض المساعدات العينية والنقدية مثل: جمعية الضمير الخيرية، وهيئة فلسطين الخيرية. أخيراً، تدعم منظمة اليونيسف في هذا المخيم عدة مشاريع متعددة الأغراض، وقد صنفت هذه المنظمة المخيم "مخيماً صحياً" من بين مخيمات سورية.

معاناة أهالي مخيم الرمدان

ليس في المخيم أي نشاط ثقافي أو سياسي أو اجتماعي أو حتى رياضي؛ لأنه لا يوجد من يرعى تلك النشاطات. فلا مراكز ثقافية، ولا أندية رياضية، ولا غير ذلك من الأمكنة التي تربي وتبني الطفل والشاب الفلسطينيَّين.

المصدر: أحمد الباش - «مجلة العودة»