مخيم نهر البارد: ست سنوات والهواجس تزداد
وسام محمد – رابطة الإعلاميين الفلسطينيين في لبنان
"يابا
كيف بدنا ننسى الي صار بـ باردنا وأهالينا
نكبة عشرين أيار ضاعت فيها أمانينا
ويا يما البارد حزين عم يبكي من دمارو يالا يا شعب فلسطين
حتى نعيد عمارو ".
هذا ما ينشده أهالي مخيم نهر البارد صباح ومساء كل يوم
لعلهم يخففون على أنفسهم مما أصابهم في العشرين من أيار عام 2007 حين حلَّ بهم وبالمخيم
عاصفة الإرهاب وعاصفة الانتقام ليرميا بهم نازحين بعد أن كانو لاجئين، وترمي بالمخيم
ليصبح ملعبًا اولمبيًا يسع لعشرات الآلاف من المتفرجين بعد ان كان المخيم مدينة صناعية
وتجارية وسياحية تعود بملايين الدولارات للدولة اللبنانية وخزينتها.
هذا كان قديمًا... أما اليوم فالمشهد مختلف كثيرًا، فالفقر
حلَّ بهم والتشريد مزقهم، ودمار وذل وإهانة وحواجز وأسلاك شائكة تحيط بهم، والحياة
مغلقة على أصحابها للحفاظ على أمن المخيم وأمن لبنان هذا هو نتاج الحرب التي اعتبر
فيها الفلسطيني شريكًا بالنصر.
إنتفاضة حزيران
في الثامن عشر من حزيران من العام الماضي هبَّ أهالي
المخيم منتفضين ثائرين ضد سياسية القهر المتبعة بحقهم فأغلقوا الطرق وأقاموا اعتصامهم
المفتوح لأكثر من شهر مُقَدمينَ شهيدين في سبيل الكرامة المسلوبة منهم منذ ست سنوات
و هما الشهيد احمد قاسم والشهيد فؤاد لوباني بالاضافة لأكثر من مئة جريح.
وطالب الأهالي برزمة من المطالب لتحقيق حياة كريمة تليق
بهم كبشر بعد أن كان التصريح هويتهم يستلمونه من قيادة الجيش، ولا يحق لهم دخول بيتهم
إلا بعد تدقيق عناصر الجيش المنتشرة على حواجز المخيم به وتفتيش المارين والسيارات،
أضف إلى ذلك أن بموجب سياسة التصريح منع الأقارب والأهالي والزوار من دخول المخيم بحكم
أنهم لا يملكون هذا التصريح.
وفي الجانب الأخر،يمنع على الصحفيين والإعلاميين دخول
المخيم إلا بتصريح من قيادة الجيش و وزارة الدفاع وهذا ما يتعارض مع الحرية الإعلامية
الممنوحة في لبنان لكل الناس، لكنها باتت محرمة على هؤلاء اللاجئين المحرومين من كل
من الحياة أصلًا.
وبعد انتفاضتهم لأكثر من شهر ونصف وافقت الدولة اللبنانية
على إلغاء نظام التصاريح وإعتماد نظام الهوية الزرقاء، حيث يحق لكل من يملكها بدخول
المخيم والبقاء فيه وزيارة أقاربه.
كما وافقت الدولة على إلغاء النظام العسكري المفروض على
المخيم نهاية شهر كانون الأول من عام 2012، والسماح للإعلام بالدخول إلى المخيم والتصوير
بكل حرية، وإعادة الحياة إلى طبيعتها من دون هويات على كل "طلعة ونزلة ".
اليوم وعلى مشارف السنة السابعة لنكبتهم، وبعد خمسة أشهر
على التاريخ الموعود من قبل الدولة اللبنانية بإلغاء الحالة العسكرية، ما زال أهالي
المخيم ينتظرون الدولة اللبنانية للإيفاء بوعدها وإعطائهم حريتهم وكرامتهم بعيدًا عن
إهانتهم اليومية على معابر المخيم التي تنظرهم لاجئًا لاجئًا.
الإعمار والإنروا
إلى جانب معاناة القهر والظلم يواجه الفلسطينيون في مخيم
نهر البارد مأسآة إنسانية كبرى بحقهم فست سنوات لم تعيد لهم سوى 22% من البيوت المدمرة،
فالإنروا المسؤولة على إعادة إعمار المخيم كما تعهدت بمساعدة الدول الكبرى والدولة
اللبنانية مستمرة في الإعمار حتى آخر بيت كما تقول، لكن سؤال الأهالي ان كان إعمار
ربع البيوت يحتاج لست سنوات فإعمار المخيم يحتاج لأربعة وعشرين سنة بدءًا من عام
2007، أي سيعود أخر نازح إلى المخيم عام 2031 حسب خطة الإنروا.
هذا إن كانت الأموال جاهزة ومتوفرة للإعمار، لكن الحقيقة
تقول غير ذلك وهذا ليس سرًا، فالإنروا لا تملك حتى الآن أموالًا سوى لأربع رزم من أصل
ثمانية.
وهذا ما يشير إلى قرب إفلاس الإنروا لمشروع اعادة الإعمار،
ويبقى مصير منكوبي مخيم نهر البارد في خطرٍ دائم.
ست سنوات قضت والمأسآة تجدد كل يوم كمسلسل تركي من عدة
أجزاء فيها البطل والأبطال وفيها المخرج والأموال..... وإذلال البشر هو العنوان.